نادية صبره تكتب: تشاووش أوغلو... وزير الخارجية المشوش

نادية صبره تكتب: تشاووش أوغلو... وزير الخارجية المشوشنادية صبره تكتب: تشاووش أوغلو... وزير الخارجية المشوش

* عاجل5-11-2019 | 15:07

عندما يتحدث "تشاووش أوغلو" وزير الخارجية التركي فالمكان الملائم له هو قناة الجزيرة الإرهابية..

وعندما يتحدث "تشاووش أوغلو" فلا بد ألا نتوقع منه إلا الكذب والتضليل والمراوغة وكيف لا وهو وزير الخارجية صاحب الخطاب الدبلوماسي المشوش والمليئ بالمتناقضات والذي لا يملك سوى الدفاع عن سياسات أردوغان المدمرة في المنطقة.

أجرى أوغلو الأسبوع الماضي حواراً على قناة الجزيرة القطرية ظلت تتغنى به أياماً وتُعيده في كل النشرات الإخبارية وقد استوقفتني عدة جمل في هذا الحوار:-

(نحن كتركيا ضد الإرهاب والإرهابيين بكل أنواعهم ومصممون على حرب كل التنظيمات الإرهابية ونسعى للتعاون مع الجميع في هذا السياق لأننا إذا لم نحارب التنظيمات الإرهابية فلن نكون جميعاً في أمان وأن أي دولة تتحرك مع الإرهابيين سيكون أمر خطير على مستقبل هذه الدولة فالأمر أشبه بأن تنام في نفس السرير مع ثعبان...!)

منذ متى وتركيا ضد الإرهاب والإرهابيين وهي تأوي العشرات من قيادات الجماعات الإرهابية في العالم الذين يجدون في تركيا الملاذ الآمن ويستقبلهم علناً أردوغان ونائبه ياسين أقطاي.

ويجتمعون معهم وهم قادة جماعات صُنفت في بلدانها بأنها إرهابية وصدر ضدها أحكام قضائية بعد استخدامها للعنف المسلح للإستيلاء على الحكم ونشر الفوضى وسمح لهم بعقد مؤتمرات وإجتماعات بل ومنحهم الجنسية التركية ليعيدوا العمل كإرهابيين بوجوه جديدة وأسماء مغايرة بهدف الإستقواء بهم لتحقيق حلم القيادة التركية للعالم العربي وهو الوهم الذي سيظل متعلقاً به أردوغان لآخر يوم في حياته دون أن يدرك أن عجلات الزمن لن تعود 100 سنة للوراء وأنه حول تركيا إلى أكبر قنبلة موقوتة تهدد الأمن العربي...

حاول (أوغلو) الدفاع عن عملية نبع السلام طوال الحوار وأنها جاءت بعد استنفاذ كل الطرق الدبلوماسية وأن 90% من الشعب التركي يؤيدها وأنها حرب على الإرهابيين ولا يتأثر بها المدنيين كما هاجم السعودية والإمارات لإنتقادهما العملية وقال إن (عشرات الآلاف من المدنيين لقوا مصرعهم في اليمن بالقنابل السعودية والإمارايتة وتساءل كيف ستواجهون المولى عز وجل قتلتم وشردتم وهجرتم كل هذا العدد من الأبرياء)

حقيقة أعدت سماع هذا المقطع من الحوار عدة مرات لأنظر لملامح وجهه وهو يرمى بالتهم جذافاً لكل من إنتقد الهجوم التركي ويلقى الحكم والمواعظ والدروس..

ألا ينتبه أن العالم كله أدان هذا الغزو وتابع على الهواء المذبحة التي حدثت ضد الأكراد والتي أدت إلى نزوح أكثر من 200 ألف شخص بينهم نساء وأطفال في الأيام الأولى لبدء الهجوم هرباً من جحيم الغارات الجوية وأن هناك شبهات قوية لاستخدام أسلحة كيميائية محرمة دولياً..

ما زلت أتذكر مشهد إحدى النازحات وهي تحمل طفلتها التي لا يتعدى عمرها الثماني سنوات غارقة في دمائها وتقول نصاً ماذا يريد أردوغان منا؟ ماذا يريد من هذه الطفلة المقتولة؟

بالإضافة إلى تقرير منظمة العفو الدولية التي ذكرت فيه أن تركيا والجماعات المسلحة التابعة لها ارتكبت جرائم حرب خلال عملياتها على منطقة شرق الفرات شمال شرق سوريا وقامت بعمليات إعدام جماعية وشن هجمات قاتلة ضد المدنيين...

تشاووش أوغلو اعترف بوجود تذبذب في العلاقات الأمريكية التركية بدء منذ عهد أوباما وأضاف أيضاً أنه لا يخشى العقوبات الأمريكية وأنه عندما لا تتوافق السياسة الأمريكية مع سياستنا نقول لهم (لا) مثلما حدث في قضايا فلسطين والقدس والعقوبات على إيران...

بالتأكيد هو لا يخشى العقوبات الأمريكية ولذلك وافقت تركيا على وقف إطلاق النار فور فرض الكونجرس الأمريكي الشريحة الأولى من العقوبات التي شملته هو شخصياً ورئيسه وعدد آخر من كبار المسئولين الأتراك... ولم يرد على تسريب البيت الأبيض للرسالة.

المهينة التي وجهها ترامب لأردوغان والتي قال له نصاً لا تكن متصلباً ولا تكن أحمق وافعل الصواب..

كما اتهم بعض الدول العربية أنها قامت بالتآمر على الاقتصاد التركي وضرب الليرة التركية ومنها السعودية والإمارات ومصر التي ما زال مُصراً على وصف ما حدث في 30 يونيو بأنه إنقلاب أدى إلى توتر في العلاقات المصرية التركية.

وقال إن السعودية حولت قضية خاشقجي إلى خلاف ثنائي بين البلدين والسبب في ذلك أننا رفضنا التستر على الجريمة ولم نأخذ النقود ونصمت مثل آخرين..

ونسى أو تناسى التسجيلات المروعة كما وصفوها والتي قامت بها الاستخبارات التركية وكانت حوالي 22 دقيقة توضح عملية الاستجواب السريع لخاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول وتتباهى بها تركيا وتعلن أنها أسمعتها لرؤساء الدول الغربية ولرئيسة الاستخبارات الأمريكية.. هذه التسجيلات كانت دليلاً على الأسلوب التركي العفن في التعامل مع مقتل خاشقجي في لعبة سياسية قذرة كانت تهدف لإبتزاز الرياض والخروج بأكبر مكاسب مادية وهذا ما اتهمهم به وزير الخارجية الفرنسي (جان ايف لودريان) الذي أعلن حينها أنه لا علم له بالتسجيلات واتهم أردوغان بأنه يستغل مقتل خاشقجي ليقوم بلعبة سياسية...

أخيراً حاول بالطبع السيد "أوغلو" أن يعيش في دور حامي حمى الإسلام والعروبة وقال "الشعوب ترى في قضايا العالم الإسلامي أن تركيا تعمل بشكل أفضل وبشكل أساسي أكثر ومبادئ أكثر.. وتساءل ماذا فعلتم لقضية فلسطين؟ غير أنكم تضغطون على الأردن حتى لا يرفع صوته كثيراً في مسألة القدس.

وتضغطون على الإدارة الفلسطينية.. كما اتهم الإمارات بأنها تسعى لإستبدال الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقيادي محمد دحلان..

ولا أعرف عن أي مبادئ يتحدث؟ ولا ماذا قدم هو وحكومة حزب العدالة والتنمية لقضية فلسطين منذ أتت للحكم في العام 2002 سوى توثيق العلاقات التركية الإسرائيلية في العديد من المجالات والتي لا يتسع هذا المقال للحديث عنها إنما تحتاج إلى عدة مقالات..

في الواقع أنا استمتعت جداً بحوار تشاووش أوغلو لأنني اكتشفت مدى الزيف والتضليل في الخطاب التركي ممثلاً في وزير الخارجية ومدى الإنفصال عن الواقع وعدم الاعتراف بالأخطاء والحقائق الموجودة على الأرض وهو ما ينذر بأن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بات على المحك وربما يكون على وشك الإنهيار والسقوط.

    أضف تعليق