هل تذكرون «سلفيو كوستا؟!».. أين ذهبوا؟!

هل تذكرون «سلفيو كوستا؟!».. أين ذهبوا؟!هل تذكرون «سلفيو كوستا؟!».. أين ذهبوا؟!

* عاجل10-11-2019 | 17:47

كتب: على طه

من قلب الميدان الثائر، في ظلّ أحداث ٢٥ من يناير 2011 ومن رحم التيار السلفي، خرجت مجموعة شبابية، متباينة العمار لكن أعمار أفرادها يدور مع المعدلات الشبابية، ذات ميول ثورية، ، أطلقوا على أنفسهم - سلفيو كوستا فى ميدان التحرير، للمرة الأولى، يوم 27 مايو، وهم يحملون لافتة "سلفيو كوستا إحنا دايماً اللي بنحاسب على المشاريب"

كانت العبارة مبطنة بمعنى يرمى إلى أنّ السلفيين هم دائماً من يتحمّلون كلفة كافة الأمور الحادثة في البلد في ظلّ عصر مبارك وحتى بعد سقوطه .

وقبل أن نمضى فى قراءة جانبا من التقرير التالى الشيق، الذى كتبه الكاتب، و الباحث المتخصص فى شئون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي، ونشره موقع "حفريات" بعنوان: « "سلفيو كوستا" أين ذهبوا؟» نستعيد مع الكاتب التذكير بـ "سلفيو كوستا"

ينقل فرغلى، عن الصحفي المختص في شؤون الإسلام السياسي أحمد الجدي، عن الدكتور محمد حسين (30 عاماً)، المسؤول الإعلامي وأحد مؤسسي الحركة، في تصريح خاص؛ أنّ مجموعة "سلفيي كوستا" تأسّست في شهر مارس عام 2011، من خلال محمد طلبة. وكان عدد المنضمين للحركة - فى هذا الوقت - 90 شخصاً، كوّنوا ما يشبه النواة، وسرعان ما انضم إليهم مئات آخرون، دون إحصاء رسمي؛ نظراً لعدم وجود استمارات انضمام لها.

ولفت الجدى إلى أنّ الحركة جذبت منذ البداية جذبت أسماء بارزة من الوجوه الفاعلة في ثورة 25 يناير، موضحاً أنّ اسم الحركة لا يعني مطلقاً أنّ السلفيين هم المسيطرون داخلها، بل إنّهم نسبة بسيطة بالمقارنة بأصحاب الأفكار الأخرى؛ فهي مثلاً تدعم مشاركة الأقباط في كلّ مناحي الحياة في باعتبارهم شركاء في الوطن، كما أنّهم يسهمون بدور كبير داخل الحركة.

ويقول الكاتب أن إحدى مبادرات "سلفيو كوستا" كانت لعب كرة القدم مع مجموعة من الأقباط، وادعّت المجموعة أنّه يمكن عن طريق مشاريع مشتركة أن نتجنب الخلافات العقدية والفكرية، وأعلن طلبة أنّ الدين تعايش ورحمة، والبناء مع الآخر يسبقه هدم ما تبنيه الصورة المشوشة والمغلوطة، وتم الاتفاق مع مجموعة مسيحية، ورحّبوا بالأمر، لكن بعد أحداث إمبابة توقف الأمر.

كما قامت المجموعة بأعمال تطوعية، شملت افتتاح فصول تعليمية بمناطق فقيرة وتنظيم قوافل طبية يشارك فيها أطباء من السلفيين والمسيحيين، واستغلوا الثورة في إقامة بعض المشاريع التنموية.

وأسّست المجموعة مجموعة على الفيسبوك، ثم أنتجوا فيلم "أين ودني؟"، وكان أول محاولة للتعريف بأنفسهم في المجتمع، ويطرح الفيلم المشاكل الموجودة بين التيارات؛ حيث يحكي لقاء بين شابين أحدهما سلفي والآخر ليبرالي، ومن خلال بعض النقاشات يتعرض لكافة المخاوف والظنون التي في نفس كلّ منهما تجاه الآخر، ومحاولة التخوين والتشكيك الناتجة من عدم الفهم بينهما.

ويضيف الكاتب أنه في حوار صحفي؛ حاول زعيم الحركة، محمد طلبة، أن ينفي أية صلة بينه وبين جماعة الإخوان، بل ويهاجمهم كلّما حانت له فرصة في ذلك، لكنّه كان يحنّ ويميل إلى من يقتربون من الاتجاه السلفي، فقال إنّ الخوف من أنصار "أبو إسماعيل" غير مبرَّر، و"حازمون" لا يشكّلون أيّ تهديد؛ لأنّهم يفتقدون القاعدة الجماهيرية وغير محددين، والتيار نفسه يتفتت".

وأضاف: "لو ضرب الجيش تظاهرات 30 يونيو بالقنابل، لكانت جماعة الإخوان ستهلل وتفرح؛ لأنّ هذا يساند شرعيتها، لكن أعتقد أنّ السيسي تصرّف من باب المسؤولية السياسية والشعبية التي تعود لعلاقة وطيدة بين الجيش والشارع المصري، وأنّ الفشل الذي قامت به جماعة الإخوان كان يفوق كلّ التوقعات السياسية والشعبية، لقد طفح كيل الشعب من تلك الممارسات التي لم تحقق أدنى طموحاته، بل اقتصت من حقوقه المشروعة" .

كانت للحركة مواقف انتقدت فيها الدعوات المتكررة لهدم الآثار المصرية، من قبل غلاة المتدينيين من السلفيين، وكان لهم أيضا موقف من المتصوفة كما انتقدت أيضاً الرئيس الإخواني، محمد مرسي، وقال زعيم "سلفيو كوستا": "لم يحقّق ما وعد به كلّ التيارات التي انتخبته، سواء كانوا سلفيين أو ليبراليين، أو حتى يساريين، ومرسي، وعد جموع السلفيين بفرض الشريعة فأعطوه أصواتهم، كما وعد الليبراليين بحرية التعبير وسيادة القانون، فأعطوه أصواتهم، ووعد اليساريين بالعدالة الاجتماعية وحقوق العمال، فأعطوه أصواتهم، وفي النهاية هو لم يحقق أيّ شيء مما وعد به"، وقال موجهاً حديثه لمرسي: "فلا شريعة طبقت، ولا حرية منحت، ولا حقوق أعطيت، ثم إذا بهم يعترضون عليك".

ويمضى ماهر فرغلى يوضح أنه بعد الانتقال إلى العمل السياسي الذي فرض هيكلة جديدة، وعلاقات بين المستويات السلفية المختلفة، وفرض تحديات لتطوير الخطاب الفكري والأيديولوجي، عكس ذلك عدم توافق فى الرؤية بين الجناح الذي قرر ممارسة سلفية سياسية، وبين مشايخ السلفيين الكبار في الحركة، وبين شباب يريدون دمج المعاصرة مع الأصولية، وكان هذا من الصعوبة بمكان؛ إذ كيف تدمج بين نقيضين، ومن هنا اختفت سلفية كوستا، واختفى تيار هجين من السلفية والليبرالية، كان يمكن أن يكون له شأن - لو استمر وتمسك بمبادئه - فى تغيير الشارع المصرى.

فيما ينتهى فرغلى فى تقريره إلى القول إن " هذه المحاولات السلفية لولا أحداث الثورة المصرية، لما نجحت، وهذه المجموعة لا تختلف كثيراً عن باقي التنظيمات السلفية، فما بين قوسين يمكن أن تُجمع تيارات مختلفة، لكنّها تتشارك في الخطاب والأهداف والقواعد الفكرية، ومحاولة "كوستا" تأتي في سياق ترويج خطاب سلفي، لكن بطريقة عصرية."

ملحوظة أخيرة خارج سياق عرض ماهر فرغلى: يحاول ما تبقى من المجموعة الاستمرار ولم الشمل، من خلال التواصل عبر صفحة "الفيسبوك" الرسمية للمجموعة، والالتقاء بعد تغيير مقرهم فى وسط البلد إلى شقة جديدة فى الفلكى، وتنظيم عدد من الفعاليات، الوطنية مثل الاحتفال بنصر أكتوبر، والالتقاء بعدد من الأبطال المشاركين فى الحرب، وكذا المشاركة فى فعاليات اجتماعية مثل جمع الملابس، والبطاطين وتوزيعها على الفقراء.. صحيح أن وجود المجموعة باهت إعلاميا لكنه لم ينته تماما على الأرض.

أضف تعليق

إعلان آراك 2