اختيار واحد خاطئ في حياتك... يكلفك عمراً من التعب والندم.. اختيار بإرادتك الكاملة وقواك العقلية الواعية.. يجعلك تشك أن لديك عقلا من الأصل وأنك شخص ما زال ينقصه الخبرة الحياتية والقدرات العقلية. . ولا يأتي يوم عليك دون صدمة وتعب وندم.
ولا يعرف أحد معنى التعب والندم سوى من مر بسنوات ضاعت هباء.. سنوات هو من صنعها بيده.. ولم يحترق أحد منها غيره، سنوات من التشكيك الذاتي لقيمة نفسه، سنوات من الجلد الذاتي لها، سنوات كان ينتظر فيها كل يوم أن يتم فتح كتاب التوقعات الذي أعده لنفسه.. ويحدث منه توقع واحد على أرض الواقع.
كتاب التوقعات الذي كان يدون فيه الأحلام والأمنيات منذ طفولته.. كان يرسم فيه لحظات سعادته الآتية.. ومستقبله.. ويضع فيه الرتوش والملامح والألوان بل ويتخيل أحداثه كشريط سينمائي أمام عينيه.
لكل منّا كتاب توقعات نعده لشخص ما في حياتنا.. قد يكون صديقا أو حبيبا أو زوجا أو حتى زميل أو رئيس عمل.. وكلما علا سقف التوقعات التي ندونها لكل شخص حولنا.. كلما كان الندم والتعب أقسى وأوحش... التوقع يعمي البصر.. بل يعطل الحواس جميعها...فلا يرى الإنسان ولا يسمع ويظل يعطي ويضحي دون تفكير.. ولا يرى غير توقعه المتحرك أمامه إلى أن يختفي التوقع على مرمى البصر... فيصدم ويتعب.. يندم مرة تلو الأخرى... فلا يجد حلا لعذابه سوى إلقاء كتاب التوقعات من النافذة.. هو السبب في أنه لم يعش حياة طبيعية.. حتى أنه رفض أن يتقبل ويعيش الآتي له في حياته.. لأنه على غير المتوقع.
وما من شيء أقسى من أن يمضي عمرك أمامك دون أن تعيش، وما من شيء أقسى من تغفو في نوم عميق يتخلله كابوس تلو الآخر... ثم تستيقظ فجأة لتجد كتابك موضوعا على منضدة بجوار سريرك.. تعلوه الأتربة.. وصفحاته أوشكت على الالتصاق ببعضها البعض لأنه ظل في وضع السكون لسنوات طويلة.. لم يتحرك ولم يلتفت إليه أحد.
خلاصة القول.. حاول أن تلقي بكتاب توقعاتك من نافذة حياتك.. واجعل توقعاتك كلها مرتبطة بالله وحده.. لا تربطها ببشر حتى لا تصاب بصدمة فتندم.. حين لا ينفع الندم. ولا يتبقى لك إلا التعب.