د.ناجح إبراهيم يكتب: قراءة في فكر العلامة د.علي جمعه

د.ناجح إبراهيم يكتب: قراءة في فكر العلامة د.علي جمعهد.ناجح إبراهيم يكتب: قراءة في فكر العلامة د.علي جمعه

*سلايد رئيسى19-11-2019 | 22:01

لن أتحدث اليوم عن فقه الرجل ولا علمه ولا أنه لم يترك علماً من العلوم الدينية والإنسانية إلا وضرب فيه بسهم,ولا تحويله لدار الإفتاء المصرية إلي مؤسسة ذات منظومة علمية فقهية إدارية رائعة قابلة للتطور المستمر,ولا استقلالها,ولا جمعه الرائع بين فقه الأولين والواقع المعاصر الذى نعيشه,ولا بين جمعه بين الشريعة والحقيقة,وجمعه بين الفقه والإدارة والعلم والمؤسسية والعمل الدعوى والاجتماعي فهو المؤسس لأهم جمعية خيرية"مصر الخير"ولا ربطه بين زهد العالم وتدينه مع مظهره الجميل ورائحته الزكية ولباسه الرائع,لأن كل ذلك لا يتسع له مثل هذا المقال الذي يتحدث فقط عن فكر العلامة د/علي جمعة والذى يمكن تلخيصه فيما يلي:

رفض عقلية الخرافة ورأي أنها أكبر كارثة ألمت بالعقل البشرى عامة لأنها أدت إلي منهج الانتحار الذى انتج التكفير والقتل والاغتيال,كما أدت إلي منهج الانبهار بالآخر الذى انتج منهج التعدى علي مصادر الشرع الشريف الأساسية وإنكار السنة أو الاجماع مثلاً أو تحويل الإسلام إلي لاهوت التحرر أو لاهوت العولمة.

وأدت عقلية الخرافة بحسب رأى د/علي جمعة إلي منهج أسماه المنهج الماضوى الذى يريد التغاضي عن واقعه ومجتمعه وقضاياه لينزل عليها مسائل فقهية لا تناسبه ولا توافقه ولا تصلحه وقيلت في واقع وزمن وبيئة مختلفة.

ومن أطروحاته الجميلة تفريقه بين الفقه القديم والحديث حيث أن الفقه الحديث تعامل وفرق بين الشخصية الطبيعية التى تحدث عنها الفقه القديم والشخصية الاعتبارية التى أصبحت واقعاً لا يمكن إنكاره أو تجاوزه ولا تزال تنفصل وتستقل عن الشخصية الطبيعية حتى كمل استقلالها وأصبحت كائناً بذاته.

ومنها تفريقه الرائع بين الاجتهاد والاجترار,فالاجتهاد عبارة عن مجموعة من الآليات التى يسلكها المجتهد لإعمال نصوص الكتاب والسنة"أي الجزء الثابت من الشريعة"في الواقع المتغير.

أما الاجترار فهو التعامل مع التراث الإسلامى ككل علي أنه ثابت لا متغير فيه بما في ذلك الزمان والمكان والأحوال والأشخاص،فالاجتهاد ظاهرة صحية تؤدى إلي التجديد أما الاجترار فهو ظاهرة سلبية تعطل مسيرة الاجتهاد والتجديد.

وعاب على الشعبية التى اجتاحت العالم كله كمفهوم خاطئ للمساواة نتج عنها إذابة النخبة وعدم التفريق بين الدهماء والصفوة,فالكل في النهاية تحول إلي فرد أو صوت"في صندوق الانتخاب مثلاً"وهذا رجح كفة الكم علي حساب الكيف,وأدى إلي تراجع مفهوم أهل الحل والعقد وأولى الأحلام والنهي في مقابل صوت الأغلبية،فالمساواة الحقيقة لا تعنى التساوى في كل شيء.

وقارن يبن النموذج المعرفى الإسلامي والغربي قائلاً:في النموذج الإسلامى هناك الفطرة,ولديه مساحة للقداسة فالقرآن والنبي والكعبة مقدسة عندى بينما يراه الغربي شكلاً من أشكال الوثنية.

والغربى ومن علي شاكلته يعتبر كل شيء من باب التشيؤ حتى الإنسان  هو شيء من الأشياء  يطبق عليه الأساليب التجريبية والكمية بلا تحفظ ،بينما الإسلام في نموذجه المعرفى يراه كائناً فريداً مخلوقاً مكرماً.

ويرى فضيلته أن توليد العلوم فرض علي المسلمين في كل العصور.

و"أن الفتاوى تتغير بتغير الزمان أو المكان أو الأشخاص أو الحال".

ويرى"أنه لا خلاف حقيقي بين الفقهاء والصوفية فكلاهما نظر إلي الأمر من جهته،وكلاهما صادق في حكمه ولا تناقض بينهما لأنهما لم يتواردا علي جهة واحدة ".

وقد واجه د/علي جمعة مع تلاميذه ظاهرة الانحراف عن التصوف الحق وخاصة ظاهرة الخروج عن الشرع الحنيف بحجة إدراك الحقائق فأطلق صيحته الشهيرة"من تشرع ولم يتحقق فقد تفسق وفسقه أنه جاهل،ومن تحقق ولم يتشرع فقد تزندق،فالله قد منّ عليه بالحقيقة ولكنه استعمل هذه المنة في غير موضعها,فالذى ينكر التكليف ويدعى التشريف يكون زنديقا مثل حال من دعا علي موسي وكان يحمل اسم الله الأعظم"،سلام علي العلامة د/علي جمعه وعلي كل العلماء الذين أضاءوا الدنيا بنور العلم.

أضف تعليق

إعلان آراك 2