خطة العم سام للسلام.. فى الشرق الأوسط!
خطة العم سام للسلام.. فى الشرق الأوسط!
كتب : وليد فائق
•لا دولة فلسطينية فى سلام ترامب ولا عزاء للعرب..
سافر رئيس الوزراء الاسرائيلى "بنيامين نتنياهو" فى أول زيارة له لواشنطن بعد تربع الرئيس الامريكي الجديد "دونالد ترامب"على عرش البيت الابيض، وفى نيته الضغط على ترامب حتى يحقق وعده اثناء الحملة الانتخابية بنقل السفارة الامريكية للقدس– وهو الوعد الذى طالما اعلنه كل مرشح فى انتخابات الرئاسة الامريكية ولكنه لم يتحقق ابداً على ارض الواقع–ولكن ما حصل عليه نتنياهو اثناء اللقاء كان أكبر بكثير من أكثر احلامة تفاؤلاً!..
لم يقتصر الامر على الاستقبال الدافئ الذى حظي به نتنياهو وقرينته فى المكتب البيضاوي، ولا على الابتسامات الدبلوماسية أمام عدسات الكاميرات، ولا المساندة المعتادة لساكن البيت الابيض للسياسات الاسرائيلية، ولكن وبالاضافةلكل ذلك، لم يكن نتنياهو نفسه يتخيل ان يأتي يوم ليقف فيه رئيس امريكي ليعلن تخلي بلاده عن حل الدولتين كأساس لعمليه السلام فى الشرق الأوسط، وهو الركيزة الأساسية التى التزمت
بها الولايات المتحدة طوال تاريخ عملية السلام، وهو ايضاً الحل الذى تنص عليه كل القرارات الدولية الخاصة بالصراع العربي الاسرائيلي، دولة فلسطينية بجوار دولة اسرائيلة بينهما معاهدة سلام وعلاقات دبلوماسية وأمنية كاملة واعتراف متبادل بين الدولتين، فإذا بترامب يفاجئ الجميع ويعلن ان حل الدولتين ليس السبيل الوحيد للتوصل لأتفاق سلام بين الطرفين، وعلى حد قول ترامب فانه سيقبل بالحل الذى يرضى "بيبي" – دلع نتنياهو – والفلسطينيين، قبل ان يستدرك ترامب قائلاً "الحل الذى ترضى به اسرائيل والفلسطينيون"..ولما كانت اسرائيل موجودة بالفعل فان حل "الدولة الواحدة" يعني انه لا دولة فلسطينية فى خطة"العم سام" للسلام فى الشرق الاوسط، فهل كان نتنياهو يتمني أكثر من ذلك؟!
•دولة واحدة على غرار نظام الفصل العنصري فى جنوب أفريقيا..
وبالطبع لم يجد نتنياهو أمام كل هذا الكرم إلا أن يرد بالقول أن ترامب "يوفر فرصة غير مسبوقه لدفع السلام"، بالطبع يقصد السلام على الطريقة الاسرائيلية وبالنكهة الامريكية!..
ولا احد يعرف حتى الان كيف سيمكن تطبيق حل الدولة الواحدة فى ظل أصرار نتنياهو –ودعم ترامب – على يهودية الدولة، فبالطبع فأن أول مقومات الدولة الواحدة هو حقوق متساوية لجميع مواطنيها، فكيف يستقيم هذا مع يهودية الدولة الواحدة التى ستضم يهود ومسلمين ومسيحيين؟! الا إذا كان الحديث عن دولة واحدة بنظام للفصل العنصرى على غرار النظام العنصرى السابق فى جنوب أفريقيا..
•ترامب يعين زوج ابنته اليهودى وسيطاً للسلام فى الشرق الأوسط..
لم يتوقف كرم ترامب مع صديقة "بيبي" عند هذا الحد، بل انه اراد ان يطمئنه أكثر لتنفيذ كل تعهداته اثناء اى مباحثات مقبلةللسلام، فقام بتعين مستشاره وصهرة اليهودي "جارد كوشنر" ليكون وسيطاً أمريكيا فى عملية السلام فى الشرق الاوسط، والمعروف ان الد كوشنر الثري واحداً من أكثر الداعمين للحكومة الاسرائيلية برئاسة نتنياهو، وقدم كثير من الدعم لاسرائيل،اما زوج الابنة فهو يتمتع بتأثير كبير على الرئيس وابنته، حتى ان الابنة "ايفانكا" اعتنقت اليهودية تأثراً بزوجها، واسرة ايفانكا توصف بانها يهودية ملتزمة، حتى انهم استشاروا الحاخامات لحضور حفل تنصيب ترامب الذى أقيم يوم سبت، يوم الراحة لدي اليهود، وبالطبع فالعرب عليهم ان ينتظروا من كوشنر دور مشابه لدور هنرى كيسنجر وزير الخارجية الامريكية الاسبق فى نجدته لإسرائيل اثناء حرب 73 وما اعقبها من عمليه سلام..
•مفاجآت ترامب تتواصل..
ولم تقتصر المنح على ذلك فى يوم "السعد" لنتنياهو، فالرئيس ترامب لم ينسى بعد كل هذا ان يتعهد لصديقه بيبى بمساندة اسرائيل، وتمكينها من الدفاع عن نفسها فى مواجهة التحديات الامنية الكثيرة التى تواجهها بما فيها طموحات ايران النووية!.. فقط وبعد كل هذه المنح المجانية التى لم يتوقعها نتنياهو نفسه ولا اى من مرافقيه، طالب ترامب نتنياهو ان يتوقف "قليلاً" –لاحظ قليلاً هذه- عن بناء المستوطنات، ولا اعرف ماذا يعني التوقف عن بناء المستوطنات فى الارض الفلسطينية المحتلة، بعد ان تم التخلي عن وجود دولة فلسطينية من الاساس؟!
الطريف ان ترامب وعد بعد كل هذا بأتفاق سلام وصفه بأنه "عظيم" ولم يقل لنا عظيم لأى طرف بالضبط!، اللهم الا إذا كان يقصد–بعد النتائج التى تمخض عنها اللقاء – بأن الاتفاق عظيماً للصديق العزيز "بيبي" كما ناداه ترامب أثناء المؤتمر الصحفي..
•شروط نتنياهو للسلام
نتنياهو من جانبه لم يترك الفرصة تفوته واستغل الموقف احسن استغلال، وأوغل فى فرض شروطه مطالباً الفلسطينيين بالاعتراف بالدولة اليهودية،وأن تحتفظ اسرائيل بالرقابة الامنية على الضفة الغربية بالكامل..
وبالطبع بعد كل هذه الوعود والتعهدات بأمن اسرائيل والهدايا المجانية على حساب الفلسطينيين والعرب، لم يعد هناك حاجة من نتنياهو للضغط على ترامب لنقل السفارة الامريكية إلى القدس، ومع ذلك فأن ترامب لم ينسي هذا ايضاً ووعد بدراسة الامر بعناية فائقة، وبالطبع مع أن الامر لم يعد ذى أهمية خاصة أن الدولة الواحدة ستقرر فى المستقبل عاصمتها الموحدة التى بالطبع ستكون القدس، وعندها ستنقل اليها تلقائياً
السفارة الامريكية..
مفاجأة العم سام السعيدة جعلت اليمين الاسرائيلى المتشدد يسبح بحمد ترامب، واصبح نتنياهو بين ليله وضحاها هو "المنقذ المنتصر" الذى روض النسر الامريكي وجعله يستجيب لكل المطالب الاسرائيلية، وعلى حد قول "نفتالى بينيت" وزير التعليم الاسرائيلى وهو من اليمين المتطرف فى تغريدة له على تويتر "هذا عهد جديد.. وأفكار جديدة.. ويوم جديد على اسرائيل والفلسطينيين العقلانيين، تهانينا"!!..
عموماً يبدو ان نتنياهو وجد اخيراً الرئيس الامريكي المناسب الذى يستطيع اثناء وجودة فى البيت الابيض ان ينهي القضية لصالح اسرائيل..
أمريكا ترامب تخلت عن حل الدولتين كأساس للقضية الفلسطينية، فلا دولة فلسطينية فى سلام العم سام، ولا عزاء للعرب..