كتب: محيى عبدالغنى
بعد زيادة نسبة الطلاق فى المجتمع المصرى، وزيادة حالات الخلع.. والتى أدت إلى تصدع بنيان كان محصن للأسرة المصرية، وتضرر من ذلك الأبناء لأجيال عديدة.. طالب كثيرون بإصدار قانون جديد للأحوال الشخصية، أو تعديل مواد فى القانون المعمول به حاليا.
والآن هناك عمل على مشروع قانون فى مرحلة التداول والنقاش بالبرلمان (ليس فقط مشروع قانون الأزهر الشريف)، ومن جانبنا نواصل طرح المسائل والخلافات التى تعصف بالأسرة المصرية، وبحثها ومناقشتها على المستويين (الاجتماعى والتشريعى).
وفى هذه التصريحات الخاصة بـ "دار المعارف" تأمل رئيس جمعية مصر لحماية الأسرة، سعاد محمد يوسف بأن يستطيع مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد –حال صدوره - تقليل فترة التقاضى أثناء بحث النزاع بين الزوجين، حيث يؤثر التأخير بالسلب على الأولاد ومستقبلهم.
وتواصل : أما مسألة الرؤية لأطفال المنفصلين، فيجب أن يتم بطريقة إنسانية تحترم آدمية الأطفال.. والمفروض أن تتم الرؤية فى مكان عام مثل النوادى أو الحدائق العامة، بحيث نهيأ جوًا مبهجًا، حتى ينال الأطفال أثناء الرؤية المشتركة قسط الراحة النفسية والسعادة الأسرية، فإن هذا الجو يؤثر عليهم وعلى سلوكهم، وربما يؤدى إلى تقارب الأبوين مرة أخرى ويحصل لم شمل الأسرة.. ومن ثم تعود الروابط الأسرية من جديد وعودة الأبوين إلى بيت الزوجية.
القانون الجديد
وتطلب (يوسف) فى القانون الجديد - على الوجه الأعم - أن تشمل بنوده الإنصاف للطرفين، وألا يكون مجحفًا لطرف ومجاملًا للطرف الآخر.. وعدم الإنصاف يولد العند والكراهية، ويفاقم من الخلافات الأسرية أما إذا حدث الانفصال لا قدر الله، فيجب أن يكون عدلًا وإنصافًا فى التعامل فيما يخص الإنفاق على الأطفال ورعايتهم، والذي يشمل النواحى المادية والاجتماعية والنفسية، أى لا يكون هناك بين الزوجين السابقين عداوات ومنازعات تؤثر على مصلحة الأطفال، وتؤدى إلى تدميرهم نفسيًا، واجتماعيًا.
وتقول أن من شأن تنقية الأجواء بين الزوجين السابقين أن يجعل الأطفال فى نشأتهم الأولى أسوياء ومواطنين صالحين فى المجتمع وازاء محنة الانفصال يجب ألا يحمل الطفل أى عقد نفسية أو أخلاقية، والتى تنعكس على المجتمع كله بالكراهية والانتقام، لأن كل ما يلقاه الطفل فى صغره من مودة ورعاية واحتضان ينعكس على سلوكياته ومعاملته للأصدقاء والزملاء وكل أفراد المجتمع.. ومن المأمول أن يكون الطفل الذى اختلف أبواه بالانفصال، ألا ينعكس هذا الانفصال على نفسية الطفل فيما يخص شئونه المعيشية والنفسية والتربوية.
محاكم الأسرة
وتواصل سعاد محمد يوسف حديثها فتقول: بالنسبة لمحاكم الأسرة، يجب إعادة النظر فى هيكلة الجهاز القضائى الأسرى من خلال زيارة عدد القضاة الموقرين، وأن يكونوا من ذوى الخبرة فى مجال قضايا الأسرة، وذلك لتقليل زمن التقاضى من ناحية، وكذلك إعطاء الفرصة للزوجين للتصالح ولم الشمل الأسرى حفاظاً على البناء الأسرى، وصيانة الأبناء من الضياع والتشرد.
ويجب استحداث مجالس عرفية بإشراف القضاء للعمل على التواصل والتوفيق بين الأزواج المختلفين، وإقناعهم بالعودة إلى بيت الزوجية حفاظاً على السلم الاجتماعى والالتئام الأسرى، وعودة الأزواج إلى الصواب، وعدم الانفصال حتى لا يؤثر ذلك بالسلب على سلم المجتمع بزيادة نسبة الطلاق، وكذلك حفاظاً على المستقبل الكامل لهم.
روح التآلف والرحمة
وتطالب ( يوسف) كل الأجهزة المعنية وجماهير المجتمع المصرى بالعمل على إعادة روح الرحمة والتآلف، كما كانت تسود المجتمع المصرى بأسره، لأن الإسلام هو دين المودة والتراحم والوصال.. وعندما تكون هذه العناصر متوفرة لدى أفراد الأسرة، فإنها تكون ذات بنيان قوى يحافظ على سلامة الأطفال، ولم يحدث ذلك إلا بعودة القدرة الممثلة فى الزوجين حتى يراها الأطفال نبراساً وبوصلة لتوجهاتهم، حتى لا يضلوا الطريق.
وبالنسبة لحقوق الزوجين، فهى محمية طبقاً لمقررات الشريعة الإسلامية التى تعطى كل ذى حق حقه.. والانفاق واجب على الزوج حتى تستطيع الزوجة تربية الأبناء ليكونوا أبناء صالحين مبرئين من أي أمراض نفسية أو اجتماعية.
ضبط قانون الخلع
وتشير ( يوسف) إلى أهمية إعادة النظر فى مسألة قانون الخلع، لأن تطبيقه فى الفترة السابقة أدى إلى حدوث شروخ فى الكثير من الأسرة المصرية.. ولهذا السبب لا بد من وضع ضوابط للخلع ليكون تطبيقه فى حالات محدودة.. ذلك لأن الخلع أصبح موضة لكل من يرغب مقايدة الطرف الآخر، وأصبح الهوى يحكم المسألة، والتى أدت إلى زيادة التفكك الأسرى وتشريد الأبناء.
وإزاء كل حالات الانفصال المحتملة لا بد من النظرة الإنسانية للأطفال قبل حدوث الانفصال، والعمل على تضييق هوة الخلافات لصالح بقاء الأسرة.. وإن حدث الطلاق لا بد من الحفاظ على كيان الأسرة، وألا يكون الطلاق عامل هدم لبقية أفراده من الأطفال الضعفاء.
دور الأزهر
وتؤيد سعاد محمد يوسف مسألة الحفاظ على دور الأزهر الشريف ومكانته العليا برئاسة الأمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، وذلك لما للأزهر من ريادة إسلامية على مستوى العالم بأسره، فهناك احترام عالمى للأزهر ولدوره فى الحفاظ على الإسلام الوسطى.. وإذا كان من حق كل فرد فى المجتمع إبداء الرأى فى مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، فمن الأدعى والواجب أن يكون للأزهر أيضا دوره وواجبه فى تقديم مشروع القانون طبقا لما يراه علماؤه فى ضوء الشريعة الإسلامية، التى تراعى الثوابت والمتغيرات العصرية.
وانتهت رئيس جمعية مصر لحماية الأسرة إلى القول نحن نريد قانونًا جديدًا للأحوال الشخصية يحمى الأسرة المصرية بكل أفرادها من الانهيار والتشرد، بعد أن ارتفعت نسبة الطلاق.. وهذا مؤشر غير إيجابى يجب النظر إليه، والعمل على التصدى له بمنع الأسباب المؤدية له حفاظاً على المجتمع المصرى كله.