الفنان جمال سليمان بصفته «نائب رئيس هيئة التفاوض السورية»: أنا من المعارضة التى تؤمن بالحل السياسي فى سوريا

الفنان جمال سليمان بصفته «نائب رئيس هيئة التفاوض السورية»: أنا من المعارضة التى تؤمن بالحل السياسي فى سورياالفنان جمال سليمان بصفته «نائب رئيس هيئة التفاوض السورية»: أنا من المعارضة التى تؤمن بالحل السياسي فى سوريا

* عاجل21-11-2019 | 21:57

  • لا أحد يستطيع أن يشاهد منزله وهو يحترق ويتجاهل الأمر.
  • لا يوجد شيء اسمه وفد الرياض ولا وفد الدوحة ولا وفد أنقرة هذا من حيث المبدأ.. يوجد شيء اسمه (هيئة التفاوض).
  • الحضور التركي ليس الوحيد في سوريا هناك حضور عسكري وأمني إيراني طاغي في سوريا وهناك حضور أمريكي وآخرون.
  • كثير من قادة المعارضة كانت لديهم تقديرات خاطئة عن الوضع في سوريا وبالتالي رفعوا شعارات وتورطوا في أجندات لم تكن واقعية.
  • تراجعت حظوظ الحل العسكري لصالح الحل السياسي.
  • قوى المعارضة الديمقراطية التي تؤمن بالحل السياسي.. تقف ضد أي تفكير طائفي او عنفي.
  • القضية السورية لم تعد سورية خالصة وإنما صراع إقليمي ودولي

حوار أجرته: نادية صبره

النجم الفنان جمال سليمان ليس مجرد فنان كبير له تاريخ فني حافل لكنه أيضاً رجل وطني ومهموم بقضايا بلاده يحمل وطنه سوريا في قلبه أينما ذهب أو جاء.. هو نموذج للمثقف العربي الحالم بمستقبل أفضل، يبدأ من الآن، من تجاوز الأزمة الكارثية التى تمر بها عدد من الأوطان، والدول العربية.

إلتقيناه في هذا الحوار ليكشف لنا عن الدور الحقيقي للمعارضة السورية المعتدلة المؤمنة بالحل السياسي والمعترف بها دولياً والتي تخوض (حسب وصف) النضال الوطني بالتفاوض.

كما كشف لنا أيضاً كواليس ما يجري في اجتماعات اللجنة الدستورية المكلفة بإعداد الدستور السوري الجديد وأيضاً آرائه في العديد من القضايا الهامة.

العمل السياسي

  • أنت فنان كبير ولك جماهيرية عريضة داخل سوريا وفي الوطن العربي.. لماذا فكرت في العمل السياسي، أكان هناك عشق قديم أم هى الظروف التي مرت بها الدولة السورية التي جعلتك تنخرط في العمل السياسي؟

- سواء كنا فنانين أو غير فنانين نحن أولا مواطنون سوريون ولا أحد يستطيع أن يشاهد منزله وهو يحترق ويتجاهل الأمر، أو يعتبر نفسه غير معنى.

بهذا المعنى هذه ليست قضية سياسية، إنها قضية وطنية.. أنا إنسان أقوم بواجبي تجاه وطني أريد أن أساهم مع كل إنسان سوري وطني ومحترم في إنقاذ بلدنا وفي إيجاد حل سياسي عادل لكل السوريين لأن الحرية ليست لفئة أو لجماعة من السوريين وإنما هي لكل السوريين وسوريا لكل السوريين فنحن ندافع عن مستقبل السوريين وهذا لا أعتقده في إطار العمل السياسي وإنما في إطار العمل الوطني الواجب على كل سوري، العمل السياسي مسألة مختلفة فأنا لست منتمياً إلى حزب سياسي معين وأخوض انتخابات ضد حزب آخر فهذه مسألة مختلفة تماماً.

[caption id="attachment_373336" align="alignnone" width="987"] نادية صبره والفنان جمال سليمان[/caption]

نظرة شك

  • البعض ينظر للمعارضة السورية نظرة شك وريبة فهل هذا سببه عدم الفهم للدور الحقيقي الذي تقوم به أم أن المعارضة السورية مسؤولة عن هذا لأنها قسمت نفسها إلى وفود عديدة، وفد الرياض ووفد الدوحة ووفد أنقرة؟

- لا يوجد شيء اسمه وفد الرياض ولا وفد الدوحة ولا وفد أنقرة هذا من حيث المبدأ.. يوجد شيء اسمه (هيئة التفاوض) وهيئة التفاوض هي مكونة من عدة مكونات سياسية:

مؤتمر القاهرة / منصة موسكو / هيئة التنسيق / الإئتلاف المستقلين وممثلون لبعض الفصائل العسكرية التي تؤمن بالحل السياسي. كل هذه القوى اجتمعت في مؤتمر الرياض عام 2017 و شكلت بتحالفها هيئة التفاوض، وكلها تؤمن بأنه لا حل عسكري في سوريا.. الحل سياسي وفق القرار الأممي2254.

وسؤالك: لماذا سوء الفهم للمعارضة السورية؟ إجابته أن لهذا أسباب عديدة جداً منها تدخل عدد من الدول في الشأن السوري ومحاولة هذه الدول أن تؤثر بشكل من الأشكال على أطراف معينة من المعارضة..

السبب الآخر هو أن كثير من قادة المعارضة كانت لديهم تقديرات خاطئة عن الوضع في سوريا وبالتالي رفعوا شعارات وتورطوا في أجندات لم تكن واقعية على الإطلاق، واعتقدت أنه عسكرياً يمكن إسقاط النظام بمساعدة دول معينة، وأن غض النظر عن التنظيمات الإسلامية المتطرفة يمكن أن يساعد في تحقيق هذا الهدف.

وثبت أن هذه الأجندات خلقت أوهاما و ساهمت في تدمير البلاد و أضرت بصورة المعارضة السورية، فبدا المشهد السوري وكأنه صراع بين نظام استبدادي عنفي يريد أن يقمع طموحات الشعب السوري بالحرية و الكرامة بالحديد و النار، ومن جهة ثانية تنظيمات متطرفة وإرهابية تحمل مشروعا عابرا للحدود الوطنية وخاصة أنها استقتبط أعدادا كبيرة من المقاتلين الأجانب، وحظيت أعمالها بتغطية إعلامية كبيرة لأنه عادة من يطلق الرصاص يحظى باهتمام إعلامي أكثر ممن يقول الكلام حتى ولو كان الكلام وطنيا و بناءا.

في الحقيقة هذا أعطى النظام المزيد من الوقت و المبررات لمحاربة المعارضة بزعم أنها هي أيضا إرهابية و عميلة.

وبالتالي بدأ المشهد وكأننا أمام بلد فيها طرفين:- طرف يمثل النظام الإستبدادي الديكتاتوري في سوريا والطرف الآخر يمثل الجماعات الإرهابية العابرة للحدود.

هذه الصورة ليست كاملة و بالتالي مضللة، لأن بين هؤلاء وأولئك هناك الشعب السوري، هناك قوى المعارضة الديمقراطية التي تؤمن بالحل السياسي.. قوى المعارضة التي تقف ضد أي تفكير طائفي او عنفي، وضد أن تستغل سوريا ودماء السوريين من أجل أجندات لقوى إقليمية أو دولية.

على كل حال في الفترة الأخيرة بدأت الصورة تتغير، ومع انحسار العمل العسكري يتبلور أكثر فأكثر دور القوى السياسية اللا طائفية التي تؤمن بوحدة سوريا وتقف ضد التطرف والإرهاب ولكنها أيضاً تعتقد أن خلاص سوريا يتطلب إنتقالاً سياسياً نحو الدولة الديمقراطية التي تجمع تحت مظلتها كل مكونات الشعب السوري بخلفيات مكوناته السياسية و الدينية و العرقية.

كلهم تحت سقف دستور حديث ومعاصر يتيح الفرصة للجميع كي يشاركوا في صنع القرار و المستقبل،  ويجمع المكونات هذه كلها في مشروع وطني يقوم على مكافحة الإرهاب وإخراج القوى الأجنبية من البلاد وإعادة بناء سورية القوية الواحدة.

أصعب المراحل

  • هناك مقولة تؤكد أن الثورة السورية اجتازت أصعب مراحلها خاصة بعد إقرار جميع الأطراف بأنه لا حل عسكري في سوريا وفقط الحل السياسي. ما مدى صدق هذه المقولة في تقديرك؟

- بالتأكيد هذا  صحيح إلى حد كبير. لقد تراجعت حظوظ الحل العسكري لصالح الحل السياسي. . ولكن هذه الصورة ليست كلية، مرة أخرى لا يزال هناك بعض التنظيمات الإرهابية التي تسيطر على مساحات من الأرض السورية وتستطيع أن تلعب دورها في استمرار الحرب ولو بشكل جزئي لا يمكن مقارنته عما قبل 2016.. كما أنه ما زال في أعماق النظام أمل بأنه قد يستطيع أن ينهي المسألة بانتصار عسكري يجنبه الجلوس إلى طاولة التفاوض والإقرار بضرورة الانتقال السياسي. لكني أعتقد أن هذا وهم مطلق و خاصة أنه تم تشكيل اللجنة الدستوري المخولة بالإصلاح الدستوري و ذلك بدعم دولي كبير.

  • إلى أي مرحلة فى العمل وصلت اللجنة الدستورية خاصة مع وجود جولة أخرى نهاية هذا الشهر؟

- أخيراً وبعد مخاض طويل ومعقد وافق النظام على المشاركة في اللجنة الدستورية.. في الحقيقة نحن في هيئة التفاوض كنا من البداية منفتحين لمناقشة تفاصيل إنشاء اللجنة الدستورية بحيث تكون ذات مصداقية وذات قوة تمثيلية فاعلة، وأيضاً أن تكون منتجة وليست مجرد مرحلة أخرى من تضييع الوقت ومن التظاهر بأن شيئاً ما يجري على الساحة السياسية لكن في الحقيقة الذي يجري واقعيا هو القتل والدمار.

النظام حاول واستخدم كل الوسائل كي يتنصل من الإلتزام بهذه اللجنة الدستورية، و لولا الضغوط المختلفة وبشكل أساسي الضغط الروسي على النظام، لما وافق على المشاركة في هذه اللجنة، وملفت أن وفد النظام الذي شارك في جولتها الأولى التي انعقدت في جنيف في 29 10 لم يدخر مناسبة إلا و أكد فيها أن الوفد لا يمثل الحكومة و لا يحمل أي تفويض رسمي إنما هم مجموعة من السوريين الذين تجمعوا وجاءوا إلى جنيف بدعم من النظام كي يتناقشوا مع " أطرف أخرى " كما يسموننا بعض المسائل الدستورية. هذا يعني أن الأمم المتحدة و بدعم دولي كبير تستضيف ندوة ثقافية لسوريين يرغبون في نقاش بعض المسائل الدستورية. إن في ذلك استخفاف شديد و إنكار غير مسبوق. أن النظام ما زال مُصراً على عدم الالتزام القانوني والسياسي بأعمال هذه اللجنة.

الراعى الروسى

  • لكن الرئيس بشار الأسد قال بأن الحكومة السورية تعتبر نفسها جزء من مسار سوتشي و ليس مسار الأمم المتحدة في جنيف.

- والحقيقة أن البيان الذي صدر عن مؤتمر سوتشي يؤكد على تشكيل اللجنة الدستورية و على طبيعة التمثيل بها و على ولاية الأمم المتحدة عليها كما أن البيان أكد على مرجعيات هذه اللجنة و هي قرار مجلس الأمن الدولي 2254 والمبادئ الإثني عشر التي توصل إليها المبعوث السابق السيد ديمستورا.

كما أكد الراعي الروسي أن مؤتمر سوتشي لن يكون مسارا بديلا للمسار الأممي في جنيف. بيان سوتشي لا يقول بلجنة مدعومة من الحكومة السورية بل يقول بأن هذه اللجنة الدستورية تتشكل من ثلاثة أطراف: طرف يمثل المعارضة السورية المتمثلة بهيئة التفاوض، وطرف يمثل الحكومة السورية، وطرف آخر يمثل المجتمع المدني والشخصيات والقيادات المحلية والمرأة. و كون أن وسائل إعلام النظام قد نشرت بيان سوتشي عند صدوره منقوصا حيث اقتطعت منه أجزاء لم تحبها لا غير شيئا من واقع الأمر.

مكافحة الإرهاب

  • رئيس وفد النظام السوري تحدث كثيراً عن مكافحة الإرهاب وقال أنه لم يأت لبناء دولة جديدة وأن لسوريا دستور وجيش ومؤسسات فما تعليقك؟

- أولاً الحمد لله أن الدولة السورية ما زالت قائمة لأن هذه دولة كل السوريين. نحن نميز ما بين الدولة وبين النظام السياسي. الثورة في سوريا ونحن كمعارضة لا نعارض الدولة السورية، نحن نعارض النظام السياسي في سوريا، أما الدولة فنحن أحرص الناس على بقائها.  لكن الواقع يقول ما لا يمكن إنكاره. سوريا تعيش حربا أتت حلى الحجر و البشر و لو كان النظام السوري الذي يدير الدولة يعمل بكفاءة و حرص على المصالح الوطنية لما وصلنا إلى ما نحن به اليوم من دمار و انقسام و فقدان للسيطرة و انتهاك للسيدة و انتشار للإرهاب. هذه تحديات كبيرة تهدد قيام الدولة و وحدة البلاد. تحديات من هذا النوع تتطلب إعادة نظر بمنظومة الحكم تبدأ من الدستور سيد القوانين و ميثاق العيش المشترك والعقد الاجتماعي الذي يعيش المجتمع و يعمل في ظله. لا بد إعادة النظر بكل النظام السياسي القائم الذي أوصل البلاد إلي ما وصلت إليه.

لا شك أن محاربة التطرف في أعلى سلم الأولويات، و هو تحد وطني أما الجميع، و كي ننجح في ذلك لا بد من تحديد معايير تعريف الإرهاب على أسس وطنية و ليس على أسس انتقائية تعتبر كل صاحب رأي مجرد إرهابي. عندما نخلط المعاير بهذه الطريقة سنفتقد للمصداقية و سنفتحها حربا أهلية.

هناك مئات الأشخاص السوريين سيدات ورجال من القوى الليبرالية المدنية بالعكس هم مكفرون من قبل الجماعات الرديكالية لأنهم علمانين ولأنهم مدنيين ولأنهم ليبراليين عليهم أحكام قضائية بأنهم إرهابين في سوريا وصودرت أملاكهم بناء على ذلك .. فعن أي إرهاب نحن نتحدث؟ عندما تشمل كل هذه القوائم من مئات إذا ما قلت آلاف السوريين المدنيين على أنهم إرهابين وهناك أكثر من 200 ألف معتقل في السجون السورية كلهم تحت بند الإرهاب وأنا متأكد أن جزء منهم إرهابين صحيح لكني متأكد أن السواد الأعظم منهم غير إرهابي ولا يمكن تصنيفه إرهابي هو صاحب رأي عند ما تعتمد هذه المعايير الفضفاضة فأنت تفقد مصداقيتك حقيقة في أنك تنوي فعلياً محاربة الإرهاب .. هناك أسئلة كثيرة جداً تتعلق بمسألة الإرهاب في سوريا وكيف جاء إليها؟ أعتقد بأن النظام عندما أغلق الأبواب منذ بداية عام 2011 أمام أي حوار سياسي وطني يفضي إلي انتقال سياسي منطقي وعادل في سوريا يرضي السواد الأعظم من السوريين فتح الباب أمام العنف والعنف فتح باب أمام الحرب والحرب تحتاج إلي التمويل فكان هناك الكثير من أجهزة المخابرات والدول الجاهزة بالحقائب المالية وبصناديق الذخيرة لكي تمول أطراف معينة ضمن أجندات معينة وبالتالي بشكل من الأشكال نحن نعتبر هذه الدول مسئولة عن تغذية الإرهاب في بلدنا ولكن أيضاً يجب على النظام أن يعترف ولا يعفي نفسه من مسئولية نشوء العنف والإرهاب في سوريا.

نحن كقوي معارضة وقفنا دائماً ضد الإرهاب واعتبرنا أن الإرهاب كان كارثة على سوريا و محاربته و استئصاله واجب وطني و هو كما وحدة البلاد و سيادتها و سلامتها مسائل فوق تفاوضية.

المسألة ليست مسألة إرهاب فقط المسألة في أساسها مسألة فكر متطرف يشكل المرجعية النظرية للفعل الإرهابي. وبالتالي يجب أن ننظر إلي ذلك من الناحية الدستورية كيف نستطيع أن نقضي على التطرف في مجتمعاتنا؟ هذه ليست مشكلة سوريا فقط، إها مشكلة المنطقة بشكل عام، ولكن لأننا نتحدث الآن عن سوريا و عن الدستور تحديدا لا بد في الدستور السوري القادم  أن يكون هناك تجريم للفكر المتطرف الذي يقوم على كراهية الآخر وعلى ترويج العنف وعلى دعوة الآخرين أن يعبروا عن آرائهم بشكل عنفي، ومن تلك السبل التي تساعد على ذلك إقامة حياة سياسية في فضاء مدني حر وفقاً للدستور، و القضاء على الفساد من أجل تسخير موارد الدولة لرفع سوية التعليم ومستوى الخدمات وخلق فرص عمل تمنح المواطن حياة كريمة.

انتقادات

  • هناك انتقادات لكم بأن وفد النظام ووفد المجتمع المدني منظمين جداً متفقين بينما أنتم كوفد المعارضة ما زلتم منقسمون مع أنفسكم على المشاركة في اللجنة الدستورية؟

- من قال هذا؟ هذه أول مرة أسمع هذا الكلام

  • إذا فهو غير حقيقي؟

- بالمناسبة نحن عندما نقول (معارضة) من نقصد تحديدا؟ صحيح أن الشعب السوري الآن في حالة من اليأس وكثير من المعارضين للنظام القائم يعتبرون أن اللجنة الدستورية نوعا من الاحتيال على مطالب الشعب السوري العادلة في الانتقال السياسي، و بعضً يتهمنا  بالخيانة لأننا قبلنا باللجنة الدستورية. مثل هذه التوجهات موجودة بالفعل و نحن لا ننكر وجودها و نتحاور ضمن الإمكانات المتاحة مع أصحاب هذا الرأي... لكن في النهاية نحن المعارضة التي المعترف بها دوليا،ً ونحن من يقود النضال السياسي في المحافل الدولية من خلال التفاوض مع الدول ومع النظام ... هناك الكثير من المعارضين الذين يؤيدوننا ويباركون ما نقوم به لأن لديهم نظرة واقعية لطبيعة الصراع في سوريا بأبعاده الداخلية والإقليمية والدولية. وهناك معارضين لا يزالوا يعتقدون بأنه لابد من إسقاط النظام عسكرياً.. و هناك معارضون لا يوافقوننا لكنهم لا يملكون بديلا أفضل.. لا يوجد في الحقيقة رؤية واضحة مكتملة التفاصيل متوافق عليها بين السوريين ولكن أنا اعتقد بأن المعارضة المعتدلة التي نحن ننتمي إليها إذا استطاعت الانتصار في هذا المسار، بمعنى أنها بنضالها و صبرها و اعتدال طروحاتها عززت فرص الحل السياسي العادل في سوريا. نحن نؤمن بإن تحقيق انتقال سياسي نحو دولة القانون و الحريات و العدل سيجعل الأصوات المتشددة  تتلاشى شيئاً فشيئاً.

المبعوث الأممى

  • المبعوث الأممي لسوريا (غير بيدرسون) قال إن اللجنة الدستورية في حد ذاتها ليست حل للأزمة ولكنه في نفس الوقت وصف المحادثات الأخيرة بأنها أفضل مما هو متوقع ... فما تعليقك؟

- بالتأكيد السيد [غير بيدرسون] يعرف جيداً كما نعرف بأن المسألة ليست مسألة دستور فقط، فمن الممكن لهذه اللجنة أن تكتب دستوراً جيداً ولكن السؤال الكبير الذي يدور بذهن الأمم المتحدة وبذهن المعارضة السورية وبذهن الشعب السوري كيف سيتم تطبيق الدستور على أرض الواقع حيث يقوم النظام بانتهاك الدستور الحالي عشرات المرات يوميا.  في النهاية أي دستور في الدنيا هو مجموعة كلمات وجمل وأسطر طبعت على مجموعة أوراق ليس لها أي قيمة على الإطلاق ما لم يجري تطبيقها. من هذا المنطق يجب أن نتفهم بأن هناك تلازما بين مفهومي الشرعية والقوة. القوة بلا شرعية هي استبداد والشرعية بلا قوة هي مجرد كلام جميل..

لذلك يجب أن يكون هناك قوة تحمي الدستور و تطبقه على الجميع. هذه القوة يجب أن تكون محايدة لا تنحاز و لا و تطبق الدستور بشكل انتقائي. من هذا المنطلق ما زال الطريق أمامنا طويلا، لأنه لا حياة دستورية و لا انتخابات حرة و ذات مصداقية دون بيئة آمنة و محايدة كما جاء في القرار الأممي 2254 و هذه حكاية أخرى يحتاج إنجازها إلى مسار سياسي تفاوضي لن يكون سهلا بسبب تعنت النظام.

بيان

  • علمنا أن وفد الحكومة طالبكم بإصدار بيان ضد الإرهاب و بيان ضد العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا. لمادا لم توافقوا؟

- هذا صحيح. النظام جاء لكي يصدر بيانات سياسية بيان ضد الإرهاب و بيان ضد العقوبات الاقتصادية و بيان ضد الغزو التركي لسوريا. نحن رفضنا لأن هذه اللجنة تشكلت لصياغة دستور و ليس لإصدار بيانات سياسية. اللجنة  ليست محفلا سياسيا بل محفل قانوني دستوري. من واجبها التعاطي مع كل المسائل الأمنية و الاقتصادية و السياسية و لكن من ناحية دستورية حصرا.

  • على ذكر العملية التركية العسكرية في شمال شرق سوريا ما موقفكم خاصة بعد الإدانات الدولية لها وإدانة الجامعة العربية أيضاً للعملية؟

- في مؤتمر القاهرة أصدرنا بيان يدين الدخول العسكري التركي في سوريا. سيادة سوريا بالنسبة لنا مسألة أساسية وجوهرية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتنازل عنها ولكن يجب أيضاً أن ننظر للمسألة بصورة واسعة.

الحضور التركي ليس الوحيد في سوريا، هناك حضور عسكري وأمني إيراني طاغي في سوريا هناك حضور أمريكي و هناك حضور لعدد من الدول وعدد من التنظيمات التي تعمل لصالح دول مختلفة، وبالتالي لا يجب أن ننظر إلى كل هذه الحلات بالقطعة بحيث نقبل احتلالا و نقبل آخر.  نحن نريد خروج كافة الدول من الأراضي السورية هذا من ناحية، من ناحية أخرى نحن لا نوافق على وجود أحزاب وقوى سياسية في سوريا - وخاصة إذا كانت مسلحة - هي جزء أو امتداد لقوى سياسية وعسكرية خارج الحدود. نحن لا نقبل مثلاً بعلاقة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي مع ال ب ك ك في تركيا .. البي بي كي حزب كردي في تركيا شأنه مع الدولة التركية شيء خاص بالسيادة شأن ليس لنا علاقة به ويجب ألا ينعكس صراع الدولة التركية مع الأكراد في تركيا على المسألة السورية. نحن نريد أن تكون كل الأحزاب في سوريا أحزاب سورية خالصة ليس لها أي ارتباط مع الخارج ولا تتلقى أوامر من الخارج ولا تتلقى تمويل من الخارج ولا تعمل بتشابك مع أي أجندة خارجية ... المشكلة أن بي بي كي في شمال شرق سوريا مع تقديري العظيم لتضحياتهم العظيمة في محاربة داعش والقضاء عليه وهذا شيء لا يمكن أن ننكره عليهم لكن هم أيضاً في المقابل يجب أن يعرفوا أن سياساتهم خلقت ذريعة للدولة التركية بأن تقوم بغزو الأراضي السورية. هم يعرفن رأينا لأننا في حوار صريح معهم و نريد أن يكونوا عنصرا فاعلا في القضية الوطنية السورية.

  • اسمح لي أيضاً منظمة العفو الدولية أصدرت تقرير تدين فيه الأعمال الوحشية التي ارتكبها الجيش السوري الحر الذي رافق القوات التركية في عملية نبع السلام؟

- كل هذه الأعمال مدانة أنا أعود وأقول أرجو ألا نتعامل بالقطعة بشكل أننا نختار ما يناسبنا من المشهد العام و نهمل ما لا يناسبنا.

  • هناك إرتكابات مخالفة للقانون الإنساني.

- أعتقد بأن النظرة التي تخضع إلى التجاذبات الإقليمية والدولية لن تفيد سوريا. ما يفيد سوريا أن يوجد حل سياسي يفضي إلى انتقال سياسي في سوريا يفضي إلى خروج كافة القوى الأجنبية من الساحة وأيضاً جمع كل السلاح في سوريا في يد الدولة لأن الدولة هي الوحيدة صاحبة الحق في حيازة السلاح واستخدامه وعلى جميع القوى السياسية العسكرية أن تتحول إذا أرادت إلى أحزاب مدنية تخضع للقانون والدستور.

  • إذاً فأنت ضد العنف في سوريا بشكل عام وضد الوجود الأجنبي بشكل عام؟

- ومهما كان مصدر العنف وكائن من كان مصدر العنف سواء كان الجيش الوطني سواء القوى العسكرية الكردية سواء المعارضة .. الانتهاكات هي الانتهاكات.

تفاؤل

  • هل أنت متفائل بالجولة القادمة من مفاوضات اللجنة الدستورية؟

- للأسف الشديد القضية السورية لم تعد سورية خالصة وإنما هي قضية صراع إقليمي ودولي وأنا أعتقد أن تقدم اللجنة الدستورية في إنجاز مهامها يتوقف كثيراً على توافق الدول الفاعلة في القضية السورية وبشكل أساسي الروس والأمريكان ونوعية الضغط الذي سيمارسه الروس على النظام كي يعترف برسمية اللجنة الدستورية ويعترف بأن له وفد يمثله في هذه اللجنة ويعترف فعلاً لا قولاً بأن البلاد تحتاج إلى دستور جديد وتحتاج إلى انتقال سياسي نحو الدولة الديمقراطية.

  • أخيراً بماذا تحلم لسوريا؟

- أنا أحلم بسوريا موحدة وقوية ودولة سيدة على كامل أراضي التراب السوري ونظام سياسي ديمقراطي لا طائفي وتداول سلمي للسلطة وأحلم بدستور ودولة تعلي من شأن التعليم وخدمة المواطن والمشاركة السياسية وتفتح الطريق بعيداً عن الفساد وبعيداً عن الاحتكار وبعيداً عن الإقصاء والتهميش نحو مستقبل جديد لكل السوريين على اختلاف مشاربهم.

    أضف تعليق