أحمد الغرباوى يكتب: مِنْ حَكْىّ الواقع/ زمانٌ تموتُ فيه القلوبُ..!

أحمد الغرباوى يكتب: مِنْ حَكْىّ الواقع/ زمانٌ تموتُ فيه القلوبُ..!أحمد الغرباوى يكتب: مِنْ حَكْىّ الواقع/ زمانٌ تموتُ فيه القلوبُ..!

*سلايد رئيسى30-11-2019 | 09:00

يأتى على الناس زمانٌ تموتُ فيه القلوبُ.. وتحى فيه الأبْدان.. وفراقٌ يأبى أن يتمهّل.. يهروّل لبتر رباط حُبّ بين شابين.. وعن عمد؛ يرمى بسهمه القاتل.. الذى ماخاب منذ الخلق.. ويقطف ورود الحَيْاة، التى لم تنفث رياحين عطرها بروحيهما بعد.. و ويتوفي الشاب الجميل.. وللحيْاة التى لا ترحم بقساة الأقدام؛ وغِلظة القلوب؛ وغيوم الدروب؛ تبدأ رحلة شاقة لزوجة فى ينع الخضرة.. وريحان الشباب.. ورقرقة النسيم الندىّ فجر إبداع خَلق؛ نفحة شروق.. وعلى صدرها ثقل كبير من حب دفين وذكرى حزينة.. و.. وابناً رضيعا..

وبها تقفزُ الأيام بحجار سويعاتها وعصف صلد وسياط حارقة.. تنهالُ الصباحات الحزينة.. ويجافى النوم رقّة الأعين.. ويلصُّ منها تطلعات وتمنّيات الغد.. وقيد ضلوعها الهشّة بفقد الحبّ وافتقاد حنان الزوج؛ تترقّب ظلال القادم.. ورماديّات المجهول الكئيب.. ،،،، ويحضر عمّ الطفل الرضيع.. ويبدى استعداده لتبنّي وتربية إبن أخيه، والقيام على رعاية ممتلكاته.. ويتزيّن فى رداء براءة الرّاعى.. ويعلو حرفه أهازيج الحدّاء بالوادى.. ولا يزل عواء الذئب يحجبُ غفلة النّوم من روح الأم الصغيرة.. وخوف ووحشة.. يتردّد صداهما بين جنبات قلبها الغضّ.. فتقوم والدة الطفل بتوقيع توكيل، يخول للعمّ التصرّف في جميع ماورثه الطفل، وكأنه المالك لها.. وليس راعيْا وأمينا عليها.. وتتكشّف الأيام.. وتخلعُ زَيْف أقنعتها.. ورويْدًا تطلّ أنياب ذئب.. وتجرحُ وتوجع دون رحمة.. ويبيعُ العَمّ ما يملك إبن أخيه اليتيم.. ويحمّل جميع الأموال.. ويسافر الى الخارج.. ويتزوّجُ من أمريكيّة.. وأصبحت له أسرة وأبناء.. وتقفُ بجانبه.. وتساعدهُ زوجته في كيفيّة استثمار المال؛ الذي معه في مجال بيع السيّارات.. وأصبحت له ثروة بالمليارات.. بَيْنما كانت أرملة أخيه وإبنها يكابدان عيش الفقر والعوز والحاجة.. ويرتعشان ببرودة الحاجة.. ولكن الله لا يترك عباده.. وأكرمها الله بأبناء الحلال وأهل الخير على تعليم طفلها اليتيم.. ويقرّر العمّ العودة الى بلده بأمواله التي استثمرها في أمريكا طوال مدة 15 عامًا.. ويشترى أرض كبيرة.. ويًقيمُ عليها فيلا فخمة في منطقة راقية.. ويؤسّس شركة عالمية لبيع السيارات.. ويذيعُ صيتها في مصر..

،،،،

ويأتى الموعد.. ويرتدى إبن أخيه أفضل ملابسه المتواضعة.. ويقرّر أن يذهب الي عمّه.. ويقفُ الشاب الخجول.. وأمام باب الفيللا؛ التى هى أقرب إلى القصر؛ تنتظره أمه.. جفاف لقاء.. غربة حضور.. لا معنى لأى حوار.. كل جملة ينتهى بلامعنى.. ويطلبُ من عمّه بعضًا من مال أبيه.. ليقدمه لأمّه.. قال العمّ: ـ ليس لك عندي شيء.. وقام بطرده من الفيلا.. وهدّده (إياك أن تأتي لهذا البيت مرة أخرى..) وكأنك تعيد قراءة قصة جعلونى مجرمًا.. أو تشاهد أحد مشاهد الموجعة بالفيلم بين فريد شوقى وعمه سراج منير.. عاد الشاب لأمه.. تلملم تكسّرات نفسه.. وتمسحُ نثرات دموعه على خديه.. وتغلقُ فمه بأناملها الرقيقة.. وتتوجّه للسماء مكسورة النفس والخاطر بكلمة واحدة: ـ يارب.. ؟ وفى جوف الليل تناجى الله: اللهمّ؛ إنّها دعوة مظلوم، لم ولن يَسل غَيْرك.. تسرى بجوف الليل إليْك وحدك.. ينام عنها الخلق، وعنها أبدا لن تغفل!

،،،،،

وفى الجانب الآخر من ضفتىّ الحياة، كان العمّ مشغولاً بتجهيز وإعداد فيلته الفارهة بأحدت التقنيات، وبأفخم أنواع الأثاث.. ولاينسى تكنولوجية المراقبة.. إلأخ ثم يُرسل لعائلته في أمريكا بالقدوم.. ويوم وصول عائلته بالمطار، يقرّر أنْ يذهبُ بنفسه لاستقبالهم في المطار.. ويذهبُ العمّ بسيارته الحديثة لإحضار زوجته وأولاده من المطار؛ فرحًا بما ينتظرهم من رفاهية وزهو ورغد.. وأثناء العودة من المطار إلى البيت تأبى الأقدار ويقع المحتم.. وتتعرضّ العائلة لحادث فظيع.. يتوفي الأبّ والزوجة والأولاد.. وتكون المفاجأة؛ أن ذلك الشاب اليتيم.. هو الوريث الوحيد لعمّه! لم يكن يعلم أن الله سخر له عمّه، ليستثمر ماله مدّة 15 عامًا.. فيعود المال مع أرباحه لصاحبه الحقيقي.. ولعلها دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب (وما كان ربك نسيّا).. ودعنا نتذكّر وزير هارون الرشيد؛ يحي بن خالد الفارسي.. وكان صاحب مال وجاهٍ وشرفٍ.. ولكنه لم يأمن مكر الله ويُسجن.. ويستغرب إبنه وهو يسأله: ـ يا أبي.. كيف صرنا في السجن بعد الأموال العظيمة؟ فقال له والده: ـ يا بُني، لعلها دعوة مظلوم؛ سرت بليلٍ غفلنا عنها، ولم يغفل الله عنها.. فلا تظلمنَّ إِذا ما كنتَ مقتدرًا.. فالظلمُ مرتعُه يفضي إِلى الندمِ.. تنامُ عينكَ والمظلومُ منتبه.. يدعو عليكَ وعينُ اللّهِ لم تنم.. وليرحم الله ‎ابن_القيم حين قال: - لو أنصف العبدُ ربَّه؛ لعَلِمَ أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها؛ أعظم من فضله عليه فيما آتاه؛ فما منعه إلا ليعطيه، ولا ابتلاه إلا ليعافيه، ولا امتحنه إلا ليُصافيه، ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليَتأهَّب منها للقُدوم عليه.. فالدنيا هى الدنيا.. لاتتغير ولاتتبدل.. إنما هى قلوبنا تتهاوى.. وليس كل مايصرفه عنا بشرّ.. يروح ولايجىء.. انتظر ، وثق بالذى خلقك.. وكن ممن يلقى الله فى قلوبهم يقين معرفة النهاية من البداية.. حيث يكمن الخير فى خفايا العطايا.. و وما الخير إلا أنت..! .....

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2