أمل إبراهيم تكتب: الوحدة مرض العصر

أمل إبراهيم تكتب: الوحدة مرض العصرأمل إبراهيم تكتب: الوحدة مرض العصر

*سلايد رئيسى30-11-2019 | 12:00

الأنسان كائن أجتماعى بطبعه ، خلق ليتشارك الحياة  مع الأخرين ، فلا يستطيع أن يعيش بمعزل عنهم أو يكون طبيعيا حين يكون وحيدا   لأن العلاقات مع الناس تخلق مشاعر الألفة والونس  ولا يستطيع أى شخص أن يعيش بمفرده لفترات طويلة ، لابد من التواصل مع الأخرين والأندماج فى المجتمع ومن الطبيعى أن يكون للفرد دائرة من المعارف والأقرباء تتكون من  الأهل والاصدقاء والجيران والأقارب  يساهم وجودهم فى إبعاد شبح الوحدة التى أثبتت الدراسات والأبحاث مؤخرا مدى خطورتها على حياة الأنسان .

لقد لاحظ العلماء والباحثون أن حالات الأنتحار تنخفض كثيرا وتنعدم فى بعض المناطق أثناء إقامة مباريات كأس العالم التى يتابعها الملايين مما يؤكد أن الاندماج وسط الناس وخلق مشاعر الاهتمام بحدث جماعى  تؤثر بصورة إيجابية على مشاعر البشر وتحسن حالتهم الصحية والنفسية

فى حين أثبتت أغلب الدراسات والأبحاث  أن الشعور بالوحدة لا يسبب فقط الأحساس بالحزن ولكن للأمر أبعاد صحية خطيرة وقد تؤدى إلى الوفاة ، ويصف الأطباء الشعور بالوحدة بأنه وباء ، ويشبهون  تأثير الوحدة  على الصحة بالسمنة أو التدخين  بمعدل 15 سيجارة في اليوم .

والوحدة تختلف كثيرا عن العزلة لأننا يمكننا أن نصف العزلة بأنها أمر أختياريا ولها أسبابها مثل رغبة الشخص بالانفراد بنفسه والابتعاد عن الناس وعدم الأتصال بهم وربما ينبع ذلك نتيجة   رغبته فى الأنفراد  لممارسة هوايات أو أعمال تحتاج إلى هدوء وتركيز أو حتى البعد عن أشخاص لا يستطيع الشخص الاندماج معهم لأسباب مختلفة  أو لشعوره بالملل والضجر من البقاء وسطهم

أما الشعور بالوحدة  يعنى أحساس الشخص بالحرمان  العاطفى والمادى و عدم الرضا عن حياته الاجتماعية وأحيانا الإصابة بمرض نفسي ما، مثل الشعور بالاكتئاب واليأس و عدم القدرة على التفاهم مع الأشخاص المحيطين و الشعور بالوحدة يمكن أن يضرب أيضا أولئك الذين لديهم أصدقاء وعائلة ، في الآونة الأخيرة بدأ  الطب فى دراسة الروابط بين العلاقات الأنسانية  والصحة ، وجد  أن أولئك الذين يشعرون  بالوحدة لديهم خطر التعرض للوفاة  بنسبة 26٪ أعلى  من غيرهم ممن يندمجون فى المجتمع ويشعرون بالرضا عن علاقاتهم   ، وأثبتت الدراسات  وجود علاقة بين الشعور بالوحدة والعزلة ، ومجموعة من المشكلات الصحية ، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية والسرطانات واضطرابات الأكل وتعاطي المخدرات والحرمان من النوم والاكتئاب وإدمان الكحول والقلق و تشير بعض الأبحاث إلى أن الأشخاص الأكثر عرضة للوحدة يعانون من التدهور المعرفي والتقدم السريع لمرض الزهايمر. يقول الباحثون  أن هناك ثلاث نظريات حول كيف يمكن أن تؤدي الوحدة إلى إعتلال الصحة :  الأولى  خاصة  بالسلوك في غياب التشجيع من العائلة أو الأصدقاء مما  يؤدى ذلك  إلى عادات غير صحية.

والثاني بيولوجي لأن الشعور بالوحدة قد يرفع مستويات التوتر ، على سبيل المثال ، أو تسبب اضطرابات فى  النوم ، ويؤذي بدوره الجسم. والثالث نفسي ، لأن الوحدة يمكن أن تزيد من الاكتئاب أو القلق.

مؤخرا بدأت الدول المتقدمة فى البحث عن حلول لمواجهة الوحدة بعد التعرف على مخاطرها الصحية ففى  بريطانيا على سبيل المثال  تم  تعيين وزيرة لمواجهة تحدى العصر  ألا وهو تزايد نسب الشعور بالوحدة والعزلة بين أفراد المجتمع، وذلك على خلفية وجود 8 ملايين بريطاني، غالبيتهم رجال في عمر 35 عامًا يعانون الوحدة

كما سبقتها فى التجربة استراليا  بتنفيذ برنامج للتواصل مع هذه الفئة، في محاولة لكسر حاجز الوحدة لديهم. واذا كنا نعتقد أن الوحدة أمر يخص الكبار فى السن أو ان أغلبية من يعانون منها هم الرجال حسب الأبحاث فقد ساهمت التكنولوجيا فى إصابة الكثير من الشباب بمشاعر الوحدة لأن الكثير منهم  يكتفي بوسائل التواصل الإجتماعي والرسائل النصية للتعبير عن مشاعرهم، وفقد التواصل الحقيقي في تبادُل الزيارات والحديث وجها لوجه".

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2