كتبت: سماح عطية
أكد الدكتور حسن البيلاوي الأمين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية على أن التحول الرقمي – الذي قد يمثل الرافد الأهم في الثورة الصناعية الرابعة - بتطبيقاته المتعددة والمذهلة قد غير وجه العالم، وأثر بشكل كبير على حياتنا وممارساتنا اليومية، وأصبح علينا الاستعداد لهذه الثورة القادمة وتهيئة أطفالنا لها، مضيفا سيادته بأن المجلس العربي للطفولة والتنمية قد بدأ مبكرا في العمل على الاستعداد للثورة الصناعية الرابعة وذلك منذ فبراير 2018، حيث عقد في سبيل ذلك سلسلة من اللقاءات الفكرية التي أكدت في مجملها ضرورة تمكين الطفل العربي للدخول في عصر الثورة الصناعية، وفق رؤية واضحة مفادها أن هذه الثورة التكنولوجية الهائلة يجب استثمارها لخدمة ورفاهية الإنسان ومن أجل تطوير المستقبل بكافة نواحيه، بل ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لأنها مجالا رحبا لتوفير فرص عظيمة لتنمية القطاعات الثقافية والتربوية والاقتصادية والمالية.
كما أكد البيلاوي بأن تمكين الأطفال في عصر الثورة الصناعية الرابعة يحتاج إلى إكساب أطفالنا قيم ومهارات ومعارف وفق نسق جديد للتنشئة الذي أعده المجلس تحت اسم نموذج "تربية الأمل" للتنشئة، ذلك النموذج الذي انطلق من النهج الحقوقي المتكامل، ونهج المشاركة وبناء القدرات، ونهج بناء الذات، ويهدف إلى تنمية الأمل من خلال تعزيز وعي الطفل وإطلاق طاقاته العقلية والنقدية والإبداع، وتنمية قدراته في التعليم والتعلم المستمر، وامتلاك مهارات القرن الحادي والعشرين، وذلك تحت شعار "عقل جديد لإنسان جديد في مجتمع جديد".
في حين أشارت الدكتورة حياة القرمازي مديرة إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" خلال إفتتاح أعمال ورشة العمل الإقليمية "العالم الرقمي وثقافة الطفل العربي"، الذي نظمه المجلس العربي للطفولة والتنمية بالتعاون مع كلا من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" وبرنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند".
وتناقش الورشة موضوع غاية في الأهمية ولعله الأهم في ظل ما يمر به العالم والوطن العربي من تحولات ومتغيرات سريعة ومتسارعة، تضاف لها الظروف الدقيقة المعروفة، وما ينتج عنها من انفلاتات وانزلاقات خطيرة، تتلخص في تنامي ظواهر الانغلاق والتطرف والعنف، التي يذهب ضحيتها عدد لا يستهان به من أبنائنا، لسبب بسيط يتصل في تسرب هذه التيارات وانتشارها عبر الوسائط الالكترونية التي يقدم علي استعمالها عدد كبير من الأطفال في العالم وبما فيهم العالم العربي، بصفته مستهلكا وليس منتجا لهذه الوسائط.
ودعت الدكتورة حياة القرمازي الجميع من آباء ومربين وإعلاميين أن يجتمعوا على وضع الخطط والبرامج الكفيلة لتنشئة أبنائنا على قيم ومبادئ الانفتاح والتسامح وقبول الآخر ونبذ التطرف والعنف والكراهية، وتحصين عقولهم بالعلم، حتى يصبحوا قادرين على غربلة ما يبث عبر وسائل التواصل الرقمية، والتعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات التي تصل لهم بموضوعية وحذر.
كما تضمنت الجلسة الافتتاحية كلمة اللجنة الوطنية المصرية للتربية والثقافة والعلوم حيث تحدث نيابة عن الدكتورة غادة عبد الباري أمين عام اللجنة الأستاذ خالد دياب، مشيرا في الكلمة إلى أن تأثير الوسائط الالكترونية على الأطفال موضوع مهم، لابد من دراسته بطريقة مكثفة ومعمقة لبحث تأثيره على سلوكيات الأطفال، وداعيا الدول العربية إلى اتخاذ مجموعة من الاجراءات والتدابير والتوصيات للاستفادة من إيجابياتها وتلافي مخاطرها.
عقب الافتتاح عقدت جلسة تمهيدية اعتبرت مدخلا فكريا وفلسفيا لموضوع التحول الرقمى وثقافة الطفل العربى، حيث استهدفت الجلسة التوعية بسبل التنمية الشاملة وأهمية المفاهيم الثقافية والتقدم فى تمكين الطفل العربى فى عصر الثورة الصناعية الرابعة. وتحدث فى هذه الجلسة كل من الدكتور حسام بدراوى الكاتب والمفكر السياسى والتنموى حول تمكين الطفل العربى فى عصر الثورات الرقمية المتسارعة عالميا "رؤية تنموية"، والدكتور حسن البيلاوي أمين عام المجلس العربى للطفولة والتنمية عن التنوير وثقافة التقدم.
وتواصلت أعمال الورشة الإقليمية، حيث جاءت الجلسة الأولى بعنوان "تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة" التي ترأستها الدكتورة حياة القرمازي مديرة إدارة الثقافة بالألكسو، وتحدث خلالها كل من الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم الأسبق حول “القيم والمهارات في ثقافة الثورة الصناعية الرابعة"، والدكتور هاني تركي مدير مشروع المعرفة العربي حول "قادة المستقبل والثورة الصناعية الرابعة". في حين جاءت الجلسة الثانية بعنوان "أثر الوسائط الرقمية على ثقافة الطفل" التي ترأسها الدكتور محمد مقدادي أمين عام المجلس الوطني لشئون الأسرة بالأردن، وتحدث خلالها الدكتور محمد الطناحي رئيس قسم البحوث والدراسات بمعهد الدراسات والبحوث العربية حول "الالعاب الالكترونية جدلية التأثير وحتمية المواجهة"، والدكتور أحمد أوزي أستاذ التربية بجامعة محمد الخامس المغربية حول "واقع الوسائط الرقيمة وتأثيرها على الحياة الثقافية للأطفال".
شارك في أعمال الورشة - التي عقدت لمدة يومين أكثر من 80 مشاركا من أربع دول عربية (الأردن – تونس – مصر – المغرب) يمثلون المفكرين والخبراء والباحثين والإعلاميين، إلى جانب ممثلي عدد من المؤسسات ذات العلاقة حكوميا وأهليا، وذلك بهدف طرح ومناقشة عدد من المفاهيم والمكونات المعرفية والعلمية لمتطلبات انخراط الطفل العربي في ثقافة الثورة الصناعية الرابعة من حيث تأثيرها على البنية المفاهيمية للطفل العربي، وكذلك الاستعداد للقيام بدراسة تقييمية حول مدى جاهزية الأطفال العرب في امتلاك المهارات والقيم والمعارف التي تؤهلهم للاندماج في الثقافة الرقمية، ووضع برنامج إقليمي لتهيئة الطفل العربي ليكون قادرا على التعامل مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة ارتباطا بجذوره الثقافية العربية.