أحمد عاطف آدم يكتب: الكلب الشرس وصاحبه
أحمد عاطف آدم يكتب: الكلب الشرس وصاحبه
أثناء تصفحي للفيس بوك منذ عدة أيام، لفت نظري فيديو قام بمشاركته أحد رواد الموقع الذي يدمنه ويتابعه الملايين، حيث تجمّع بعض الأطفال والمراهقين يشاهدون ممارسة غريبة عَرّفْها الفتي الذي يقوم بالتصوير لأصدقاءة بأنها عملية "تشريس" - أي تدريب الكلاب علي الشراسة.
الفيديو المنتشر ظهر به أيضاً شابين أمام جراج منزل أحدهما علي ما يبدو، وهو يطل علي أحد الشوارع، والذي أكد بعض المدونين أسفل الفيديو أن المكان بمنطقة محرم بك - الإسكندرية، حيث وثب أحدهما علي كلبه المستورد (البوليسي) للسيطرة عليه، وفي هذه الأثناء أتي الشاب الآخر ممسكاً بقطة وقام بتقديمها للكلب بكلتا يديه حتي نجح في قتلها بأقل مجهود، كما ظهر صوت أحد الأطفال وهو يقول لزملاءة في دهشة: "القطة تقريباً ماتت"، وكانت مطروحة أرضاً قبل أن يحملها أحد بلطجية العرض (الشابين) ويرميها بكل بلادة وتحجر داخل صندوق المهملات بالشارع - أمام المتفرجين الصغار، وكأنها أدت مهمتها التي خلقت من أجلها وهي إكساب الكلب الجرأة علي الإفتراس.
الفيديو السابق والمنتشر علي مواقع التواصل، بالإضافة لإرتفاع معدل حوادث هجوم الكلاب علي البشر في الفترة الأخيرة، مثل ترويع طفل وإصابته بإصابات بالغة في مدينة الرحاب، وآخر يفاجىء فيه شخص بهجوم شرس من قبل كلبين مفترسين مما أصابه بإصابات متفرقة في جسده قبل أن يتم إنقاذه من قبل المارة، وبعد ساعات من الحادث السابق أصيب ضابط بعد هجوم ضاري في التجمع الأول ما تسبب في إصابته بجروح متفرقة في جسده... إلخ.
كل ما سبق دفعني إلي سؤال أحد مدربي الكلاب عن تفسيره للفيديو المنتشر وعلاقته بالحوادث السابقة، وكذلك تفشي ظاهرة اقتناء الكلاب بالمدن والريف علي حد سواء، فأكد بأن هذا السلوك فردي وليس له وجود بقاموس تدريب الكلاب الذي يعرفه كل المدربين، والتي وضِعَت أسسه من أجل تحقيق المنافع المتبادلة بين الحيوان الأليف المخلص وهو الكلب وبين الإنسان- مثل الحراسة واكتشاف المتفجرات والمساعدة في التوصل إلي بعض الأدلة الجنائية بجرائم النفس وتعقب الجناة بصفة عامة، بالإضافة لإعانة الضرير علي متابعة السير بالشوارع، وحتي عملية التشريس نفسها لها مبادئها، فلا تعد التضحية بروح مخلوق آخر هي أحد سماتها من أجل بلوغ هذه الدرجة من العنف والعدائية المفرطة ضد كل الأهداف المتحركة.
واعتبر المدرب أن ما حدث بالفيديو السابق هو نوع من الإستعراض الذي يلجأ إليه بعض الشباب لفرض السيطرة وإظهار إخضاع الحيوانات الأليفة كسلاح متاح يمكن استخدامه لإرهاب الناس وترويع أمنهم في أي وقت .
عشوائية اللقطات الموجودة بالفيديو وعدم إنسانية الشباب الموجودين بها، الذين قدموا بتدريبهم الشاذ القطة كقربان للكلب من أجل شيطنة وسرطنة ردود أفعاله، كل ذلك يعد إنعكاساً صارخاً لحالة عدم الإستواء الإجتماعي والنفسي التي تضرب المجتمع ككل وبصفة خاصة أطفاله وشبابه.
وهو دافع قوي لكل أرباب الأسر من أجل متابعة فلذات أكبادهم وتطور ميولهم تجاه المجتمع، بل وضرورة توجيههم لفهم طبيعة العلاقة بين الإنسان والحيوان وكذلك البيئة المحيطة بوجه عام، والتي من بينها تلك المخلوقات الأليفة والمخلصة التي تعيش من حولنا كالكلاب الضالة أو حتي معنا بالمنزل كالكلاب البوليسية ذات المنافع المحددة التي يجب أن نعمل علي الحصول عليها دون الإضرار بطبيعتها وفطرتها.