نادية صبره تكتب: حكومتان في العراق

نادية صبره تكتب: حكومتان في العراقنادية صبره تكتب: حكومتان في العراق

*سلايد رئيسى16-1-2020 | 16:08

العراق ساحة الإحتكاك الأهم بين الولايات المتحدة وإيران كما كان ساحة التعاون بينهما منذ العام 2003.. لكل طرف حضور ونفوذ مهم داخل العراق البعض يرى أن التواجد الأمريكي هو الأكبر (12 قاعدة أمريكية) والبعض الآخر يرى أن إيران أهم وأخطر بقواتها وميليشياتها التي ظلت ترفع شعار مقاومة الإحتلال الأمريكي وهو ما أعطاها غطاء الدستور الشرعي لهذا التواجد. والحقيقة أن العراق دولة محتلة إحتلال كامل فبإستثناء الرئيس (برهم صالح) فالجميع ينفذ المشروع الإيراني ويتلقى الأوامر من المخابرات الإيرانية فمثلاً هل تستطيع الحكومة العراقية حصر السلاح في يد الدولة؟ لا تستطيع فميلشيا الحشد الشعبي هم جيش إيراني وليس صحيحاً أنهم نشأوا لمحاربة داعش لأن كل العراقيين واجهوا داعش... وكذلك حزب الله النسخة العراقية هذه الميليشيا باتت تمثل خطراً وإن لم ينضبطوا فسوف تصنف قياداتها إرهابيين عالميين.. وهي الآن القوة الفاعلة في لا دولة ولا حكومة وقادرة على فرض سيطرتها ولديها الإمكانيات الموازية للدولة وتكرس مدى الهيمنة الإيرانية وبأن النظام السياسي غير قادر على الاستمرار. وتوحي بأن هناك حكومتان الآن في العراق حكومة الميليشيات وحكومة تصريف الأعمال برئاسة عادل عبد المهدي التي لا حول لها ولا قوة ولأنه ليس هناك شيء مخفي فلا بد أن نتساءل من يسير العراق الآن؟ فعبد المهدي لا يملك السيطرة على فصائل الحشد التي لا تعمل ضمن القانون وهذه هي استراتيجية إيران في بناء ميليشياتها ألا تكون قابلة للضبط وأن تكون دولة داخل الدولة وحزب الله اللبناني أكبر مثال لذلك لتؤكد للجميع أنها موجودة في الساحة وقادرة على إجهاض أي مشروع أمريكي في العراق وستقاتل بآخر عراقي.. إن إيران تتحكم بالعراق سياسياً وهو موضوع لا تقبله الولايات المتحدة والقرار الذي اتخذه مجلس النواب العراقي بإنهاء وجود القوات الأجنبية هو قرار شيعي بإمتياز وليس قرار وطني كما وصفه بذلك (محمد الحلبوسي) رئيس مجلس النواب في أحد الفيديوهات المسربة حيث إن الأعضاء الشيعة فقط هم من صوتوا للقرار والمفترض أن القرارات السيادية والمصيرية تؤخذ بالتوافق بين الكتل السياسية بما يسمى الديمقراطية التوافقية وليس مسألة نصاب قانوني. وقد أحدث القرار حالة إرباك في الأوساط السياسية خاصة وأن النواب السنة والأكراد لم يحضروا الجلسة فالأكراد يروا أن أي إنسحاب أمريكي سيخل بالتوازن بين الثلاث مكونات وإن إخراج القوات الأمريكية ليس بالأمر السهل فهذه القوات جاءت لتبقى لا أن تخرج والتدخل الأمريكي جزء من الاسترتيجية منذ إنسحاب إنجلترا عام 1971. بالإضافة إلى أن العراق ليس به غطاء جوي والأعضاء السنة قالوا إن النصر على داعش كان بدعم من التحالف ورفضوا خروج القوات الأمريكية من المناطق السنية المحررة لأن ما زال بها رخوة أمنية. وبالطبع خروج الولايات المتحدة جريحة من العراق سيعد انهزام أمام إيران وهو ما رفضه الرئيس ترامب وهدد بفرض عقوبات مالية على النظام المالي في العراق المرتبط بالنظام المالي الأمريكي مما قد يؤدي لعدم قدرة الحكومة على الوفاء بمتطلباتها حتى الرواتب.. كما طالب العراق بسداد تكلفة القواعد العسكرية الأمريكية على أراضيه والتي تتجاوز مليارات الدولارات. وضع مؤلم ومؤسف أن يصل العراق لهذه المرحلة ويتحول إلى ساحة القتال وتصفية الحسابات بين أمريكا وإيران وهناك العديد من الشخصيات السياسية والدينية التي حذرت من جر العراق إلى صراع أمريكي إيراني وأن يدخل معركة ليست معركته يحرق فيها الأرض ويدفع فيها المزيد من الدماء خدمة لأجندات خارجية. نحن أمام أحداث غير عادية بكل المقاييس فما حدث هو تأجيل للتصعيد في المستقبل بين أمريكا وإيران وليس إنتهاء للصراع وسيأخذ منحى جوهري من خلال المليشيات في العراق التي ستضغط على الولايات المتحدة للإنسحاب منه، إن العراق هو الضحية الأولى والأخيرة لأن الرد المتبادل سيظل على أراضي العراق وبالطبع العراق لديه من المشاكل الداخلية ما يكفي فما زالت أزمة اختيار رئيس الوزراء لم تبرح مكانها بعد أن رفض الرئيس برهم صالح إعطاء التكليف لمحافظ البصرة السابق (أسعد العيداني) مرشح كتلة البناء الموالية لإيران والذي قوبل برفض شديد من المتظاهرين وقد قام الرئيس بعمل وطني رائع سيذكره له التاريخ وإنحاز لإرادة الشعب العراقي، ولكي يستعيد العراق عافيته لا بد أن يتصرف كدولة فهو وطن لديه استقلالية ولا يوجد به دولة بمعنى الدولة، والسبب هو أن جزء من أبنائه يعملون ضده ويحققون أهداف دول الجوار. نتمنى عراق قوي وحكومة واحدة والأمل في الانتفاضة الشعبية التي تبشر بالخير وقد أتمت المئة يوم فالشارع العراقي الآن يحاسب الكتل السياسية ولم يعد رهينة الملالي أو الفتاوى الدينية فحتى الفكر الشيعي الإيدلوجي هو من انتفض ضد إيران وليس الشباب العراقي فقط، والانتخابات ستفرز واقع سياسي جديد يخرج العراق من الإملاءات الأمريكية والإيرانية على حدٍ سواء ويحقق له استقلاله بإذن الله.
أضف تعليق