طارق متولى يكتب: بائعو الوهم ومشعلو الحرائق

طارق متولى يكتب: بائعو الوهم ومشعلو الحرائقطارق متولى يكتب: بائعو الوهم ومشعلو الحرائق

*سلايد رئيسى19-1-2020 | 14:10

بالتأكيد كل واحد منا قبل تناول أى طعام أو شراب يختار أفضله، ويتأكد من صلاحيته للأكل أو الشرب حتى لا يصاب - والعياذ بالله - بتسمم غذائى أو مرض أو ألم. واذا حدث وتناول الإنسان طعاما بالخطأ وكان الجسم فى حالة صحية جيدة فإنه يلفظه على الفور للحفاظ على جسده ووظائفه الحيوية. ياليت لنا هذا الإدراك والفهم عندما نتناول الأفكار والمعلومات والكلام والأحاسيس والمشاعر فنختار الأفضل ونعرف صلاحيتها لعقولنا ومشاعرنا وأحساسينا. لكن للأسف كثيرا ما نخدع فى هذا الجانب فنستمع ونقرأ ونرتبط بأشياء وأشخاص تضر بنا ضررا شديداً، بعد أن ننساق وراء الكلمات المعسولة، والأضواء اللامعة والقرب الزائف من أشخاص يدّعون الخوف علينا والاهتمام بنا نستمع لهم ونسلم بما يقولونه ونندفع وراءهم فتأتينا الطعنات من خلالهم والعقل السليم يرفض ذلك ويلفظه. أحيانا يأتى لك زميل مقرب فى العمل فيحدثك عن ظروف العمل، ومشاكل العمل، وأنه سوف يترك هذا العمل إذا لم يأخذ حقه كاملا من وجهة نظره وأنه يستحق أن يترقى لولا تعنت المدير أو صاحب العمل. ويقول لك إنك مثله تستحق الأفضل فلماذا ترضى بالأقل؟! ويضرب لك الأمثال بفلان وفلان فى شركات أخرى يحصلون على الكثير فيعجبك كلامه ومنطقه وتشعر بالغضب والحمية وربما تثير المشاكل مع صاحب العمل وتترك العمل بينما هو مستمر فى نفس العمل وبنفس الظروف، وتكتشف أن كلامه كان خداعا وأن الحياة ليست وردية كما صورها لك، وربما لا تجد عملا أخر بنفس المواصفات والمزايا، فتضطر لقبول عمل أقل وتندم على ما فعلت حيث لا يفيد الندم. الحياة ليست وردية دائما، والمدينة الفاضلة ليس لها وجود على الأرض. الله سبحانه وتعالى خلق الأشياء كلها فى الأرض، خلق الصفات وضدها.. الغنى والفقر، الصحة والمرض، فلم نكن لنعرف معنى الصحة إلا باختبار المرض ولا معنى الغنى إلا باختبار الفقر، حتى البشر منهم الطيب ومنهم الخبيث، الطيب الذى ينفع أو على أقل تقدير لا يضر، والخبيث الذى يفسد ويمشى بين الناس بالهمز واللمز والنميمة يعكر صفو الحياة، يشعل الحرائق، وينشر الضغائن فى القلوب الساكنة، ويستفز الناس بصوته وكلامه يبيع لهم الوهم ويرسم لهم الأحلام الزائفة ويفسد عليهم حياتهم. فانتبهوا لما تسمعونه وتقرأونه.. وانتبهوا لمثل هؤلاء الشياطين. فى الحقيقة لم أجد أجمل ولا أفضل من التعبير القرآنى للتدليل على ذلك حيث يقول الله عز وجل فى سورة الإسراء الآية (64): " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا." وليس بعد كلام الله كلام.
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2