كيف تجسس خيرت الشاطر على الأجهزة الأمنية ؟
كيف تجسس خيرت الشاطر على الأجهزة الأمنية ؟
كتب: عمرو فاروق
في عام 1991، اقتحمت الأجهزة الأمنية المصرية شركة "سلسبيل"، التي كانت تعد أول وأكبر شركة لخدمة الكمبيوتر في مصر، على يد نائب مرشد الإخوان، خيرت الشاطر المسجون حاليا علي ذمة قضايا عنف.
كانت الأجهزة الأمنية قد توصلت إلي أن خيرت الشاطر من خلال شركة "سلسبيل" قد استطاع أن يخترق الأجهزة الأمنية الحساسة ويحصل على معلومات خاصة بها.
عندما اقتحام الأجهزة الأمنية لمقر الشركة ضبطت ما عُرف حينها بـ"خطة التمكين"، في القضية التي حملت رقم 87 لسنة 1992 .
ووقعت "خطة التمكين"، في 13 ورقة، وتعد أخطر وثائق جماعة الإخوان السرية على الإطلاق، من أجل الاستيلاء على الحكم في مصر.
وأوضحت الوثيقة، أن مفهوم التمكين هو "الاستعداد لتحمل مهام المستقبل وامتلاك القدرة على إدارة أمور الدولة، وأن ذلك لن يتأتّى بغير خطة شاملة تضع في حساباتها ضرورة تغلغل الجماعة في طبقات المجتمع الحيوية، وفي مؤسساته الفاعلة مع الالتزام باستراتيجية محددة في مواجهة قوى المجتمع الأخرى والتعامل مع قوى العالم الخارجي".
وقد أكدت الوثيقة ضرورة التغلغل ونشر الأفكار والأهداف في طبقات المجتمع المختلفة مثل قطاعات الطلاب والعمال والمهنيين وقطاع رجال الأعمال والفئات الشعبية، لاسيما الطبقات الفقيرة، إذ أن تغلغل الجماعة في هذه القطاعات يجعل قرار المواجهة معها أكثر صعوبة ويفرض على الدولة حسابات أكثر تعقيداً، كما أنه يزيد من فرص الجماعة وقدرتها على تغيير الموقف وتحقيق مشروع"التمكين".
ودعت وثيقة "التمكين"، إلى الإنتشار والتغلغل وإختراق المؤسسات الفاعلة، مثل البرلمان، والمؤسسات الإعلامية، والجيش والشرطة، التي وصفتهما بفاعليتهما وقدرتهما على إحداث التغيير في المشهد في حال تحقيق مشروع التمكين، إذ جرى العرف أن الدولة توظفهما لمواجهة وتحجيم الجماعة ومشروعها بشكل عام.
إضافة إلى إختراق الأزهر والمؤسسات الدينية لما لهذه المؤسسات من قدرات واسعة وتأثير طويل المدى على غالبية الشعارع المصري، إضافة إلى التركيز على إختراق المؤسسة القضائية والتشريعية لما لديهم من قدرة الفاعلة على التغيير في مواقف فئات كبيرة لصالح جماعة الإخوان.
كما تطرقت الوثيقة إلى ضرورة الحفاظ على مشروع "التمكين"، وحمايته من عوامل الإختراق، أو القوى الأخرى التي تؤثرون سلبا أو إيجابا على خطة "التمكين"، مثل السلطة الحاكمة، والأجهزة التنفيذية في الدولة، عن طريق : الإحتواء أو التعايش، أوالتحييد أو التحجيم.
كما وضعت الوثيقة ثلاثة أساليب للتعامل مع الأقباط عن طريق: "أسلوب التعايش"، واقناعهم بأن وجود الإخوان وتطبيقهم للشريعة الإسلامية يأتي في مصلحة الأقباط، لما سيحقق لهم العدالة التي عجز النظام السياسي عن توفيرها.
أو عن طريق "التأمين"، ويعني تحييد الأقباط، عن مواجهة الإخوان، وأشعارهم أن وجود الإخوان لا يمثل خطرا على مصالحهم ومكتسباتهم في الدولة.
أو عن طريق "التفتيت"، وذلك من خلال إضاعف مؤسساتهم وكياناتهم الاقتصادية والمادية .
كما تناولت الوثيقة، الأحزاب وجماعات الضغط السياسي التي وصفتها بـالنقابات المهنية، والتجمعات العائلية والقبلية والمنظمات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان.
وحددت الوثيقة أساليب التعامل مع هذه الجماعات والأحزاب أولا باختراقها والسيطرة على مراكز القرار فيها وتوجيهها من الداخل، أو العمل على إيجاد مصالح مشتركة معها.
وتطرقت الوثيقة إلى ما أطلقت عليهم "جماعات الإسلام السياسي" الذين يتفقون مع رؤية ومشروع الجماعة، ويتم التعامل معهم بالإحتواء والتنسيق والتعاون الكامل، أما بالنسبة لـ"جماعات الإسلام السياسي" المعارضة للإخوان، فيجب التعامل معهم بالتوجيه والتحييد والإحتواء قدر الإمكان وتقليل فاعليتهم ضد مشروع التمكين.
كما طرحت الوثيقة رؤية الإخوان في كيفية التعامل مع قوى العالم الخارجي، لاسيما الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، إذ أكدت على أهمية إشعار الغرب، بأن الإخوان لا يمثلون خطراً على مصالحهم، وأنهم في حال وصولهم للسلطة سيمثلون قوة تتميز بالاستقرار والانضباط.
وتساءلت الوثيقة: ما هي الأوضاع التي ينبغي أن تكون عليها الحال؟، والنتائج الموجودة على المدى القريب والقصير من حيث:
- تحقيق الرسالة.
- توافر الاستمرارية.
- الاستعداد للمهام المستقبلية.
- رفع الكفاءة.
والرسالة في عرف الجماعة تستهدف التهيؤ لتحمل مهام المستقبل وامتلاك القدرة على إدارة الدولة وإعداد البناء الداخلي لمهام مرحلة "الكفاءة"، والأخيرة تقصد بها الوثيقة وضع سياسة مواجهة لذلك التهديد الخارجي، ومحاولات إجهاض مخططات الجماعة للسيطرة والتغلغل، وذلك عن طريق:
- الانتشار في طبقات المجتمع الحيوية والقدرة على تحريكها.
- الانتشار في المؤسسات الفاعلة.. ويقصدون بها (الجيش والشرطة).
- التعامل مع القوى الأخرى.
- وأخيراً.. الاستفادة من البعد الخارجي.
وأشارت الوثيقة إلى أن المحافظة على حالة التمكين تتطلب ضرورة امتلاك القدرة على إدارة الدولة لمواجهة مختلف الاحتمالات.
ونوهت الوثيقة إلى مستهدف الوصول للسلطة والسيطرة على نظام الحكم والانتقال لمرحلة إدارة الدولة، أو ما يطلق عليه "الاستعداد للمهام المستقبلية".
فتقول: إن المحافظة على الحالة من التمكين التي يصل إليها المجتمع يتطلب ضرورة امتلاك القدرة على إدارة الدولة لمواجهة احتمال اضطرارنا لإدارة الدولة بأنفسنا، وفي الوقت ذاته ستؤدّي حالة التمكين إلى تكالب القوى المعادية الخارجية، لذا كان لا بدّ من الاستعداد لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية من خلال أن يكون لدينا – الإخوان – رؤية لمواجهة التحديات، سواء من حيث امتلاك الإمكانيات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية والقدرة على تطويرها، وهذا يتطلب إعداد البناء الداخلي بما يتواكب مع متطلبات المرحلة ويحقق الاستخدام الأمثل للموارد الذي اصطلحت الوثيقة على تسميته "بالكفاءة".
وحول إعداد و تكوين الأفراد كشفت الوثيقة، أنه لا بدّ أن يتطلب رفع قدرة الأفراد على التأثير في قطاع عريض من المجتمع، عبر رفع إمكانات الحوار والقدرة على الإقناع والتدريب وذلك عن طريق:
- إحداث التوازن بين الدعوة الفردية، من أجل الضم للصف والدعوة العامة.
- تنمية حلقات القيادة والقدرة على تحريك المجموعات.
أما بالنسبة للانتشار في المؤسسات الفاعلة فهذا يتطلب:
- رفع قدرة الأفراد على اختراق المؤسسات دون فقدان الهوية.
-رفع قدرة الأفراد على التعامل مع المعلومات.
وبالنسبة للتعامل مع القوى الأخرى، لابدّ من تربية الأفراد على إقامة جسور فكرية أو عملية معها، وبالنسبة لمهمة إدارة الدولة ومهام المستقبل فإن هذا يتطلب:
أولاً: الاهتمام بمجموعة مختارة تنمَّى فيها القدرة على إدارة المؤسسات العامة.
ثانياً: القدرة على استيعاب المتميزين في القطاعات المختلفة والاستفادة منهم.
وإلى جانب البناء الهيكلي، فإن المنهج العملي للإدارة يتطلب:
- توفير المعلومات اللازمة لأداء المهام المختلفة.
- إرساء مبدأ التفويض واللامركزية في الأعمال ما أمكن.
- إرساء مبدأ التفرغ لشغل المناصب ذات الأهمية.
- مرونة الهيكل بحيث تسمح بإضافة كيانات جديدة استجابة للخطة "جهاز معلومات – علاقات سياسية".
- استكمال الهياكل بناء على أهمية العمل في الخطة وأولويته.
وضمت الوثيقة دليلا يحدد مهام المشروع تفصيليا داخل كل محافظة من خلال:
أولاً: قيام المكتب الإداري باختيار لجنة عددها ثلاثة أفراد يكون مقررها على الأقل عضواً بالمكتب وتسمى لجنة التخطيط والمتابعة.
ثانياً: دراسة توجهات المشروع، واستخلاص ما يخص المحافظة منها، وتسجيل التعليقات التي يرى أعضاء المكتب توصيلها للجهات الإدارية الأعلى وكذا لوحدة التخطيط المركزية بهدف تحسين التوجهات وسد الثغرات فيها.
ثالثاً: فحص مسيرة العمل بالمحافظة خلال الفترة التخطيطية السابقة حيث يقوم مكتب المحافظة بهذه الخطوة ويتم فيها تقييم العمل بالفترة السابقة.
رابعاً: جمع المعلومات عن الواقع الداخلي والخارجي.
خامساً: بعد تجميع المعلومات لدى مندوب التخطيط والمتابعة يقوم بإعداد تقرير من ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول: يحوى قائمة بنقاط القوة والضعف الداخلية.
الجزء الثاني: يحوى قائمة بفرص العمل من ناحية وبتحدياته ومشاكله من ناحية أخرى.
الجزء الثالث: ويقوم فيه المندوب بمقابلة الفرص والتحديات بنقط القوة والضعف فيحدد الفرص التي تمتلك نقط قوة تمكننا من استغلالها.
سادساً: يتم صياغة الأهداف السابقة للعمل خلال الفترة المقبلة ويجب أن يصحب هذه الأهداف تحديد لمعايير إنجاز كمية قدر النجاح تعبر عن مؤشرات النجاح في تحقيق الأهداف السابقة .
سابعاً: يتم اختيار وسائل التنفيذ وتقوم لجنة التخطيط والمتابعة باختيار مجموعة من الوسائل المناسبة لتحقيق كل من الأهداف المصاغة.
ثامناً: صياغة برامج تترجم الوسائل ترجمة زمنية ومالية وتنظيمية.
تاسعاً: توصيل الخطة المقترحة إلى تشكيلات المحافظة لتقييمها وعرضها على القواعد.
ظلت أوراق قضية شركة سلسبيل، رقم 87 لسنة 1992، تتداول أحد عشر شهراً، ليتم الإفراج عن كل المقبوض عليهم على ذمة القضية في عام 1993، من قبل محكمة الجنايات، ليتلقى عقبها الإخوان ضربة قاسمة عام 1995 في أول قضية عسكرية للإخوان التي كانت برقم 8/1995، 11/1995، والتي تم فيها رصد أول اجتماع كامل لمجلس شورى الجماعة بالصوت والصورة، وحصل فيه 85 متهما على أحكام تتراوح من 5 إلى 7 سنوات كان بينهم نجوم الصف الأول بالجماعة.