ليبيا ... الجارة العربية الشقيقة ... والقريبة لقلوب المصريين ... المشاركة لمصر في حدودها الغربية، بطول 1200 كم ... والتي انهارت، تماماً، بعد رحيل رئيسها معمر القذافي، وصارت ملجأ للعناصر الإرهابية، من كل صوب وحدب ... سكنها الدواعش الليبيون، والدواعش السوريون، والدواعش العراقيون، فضلاً عن عناصر بوكوحرام الإرهابيين، الفارين من نيجيريا، والساحل الأفريقي، وأخيراً العائدين من أفغانستان ... لم تسعهم الأرض، فاتخذوا من ليبيا العزيزة مأوى لهم، مستغلين الفراغ السياسي الحاصل بها، بعدما استولوا على كميات كبيرة من الأسلحة الموجودة في مخازن الجيش الليبي.
بذل المشير خليفة حفتر جهوداً حثيثة، حتى نظم صفوف الجيش الوطني الليبي، وتمكن من استعادة مدينة درنة، التي بقيت في أيدي الدواعش الإرهابيين، لمدة 4 أعوام كاملة، غيروا خلالهم معالمها، ونظامها، حتى نظم التدريس في مدارسها. ولا ننسى فضل رجال الجيش الوطني الليبي في التعاون في القبض على هشام عشماوي، الذي اتخذ من ليبيا مستقراً لتوجيه ضرباته الإرهابية إلى أرض مصر، من داخل الأراضي الليبية.
اتجه حفتر، ومعه رجال الجيش الليبي، لتأمين مناطق البترول، في صحراء ليبيا، المعروفة باسم الهلال النفطي، ثم تقدم، بعدها، لإسقاط آخر معاقل الإرهاب، في طرابلس العاصمة، حيث يتجمع المرتزقة، والإرهابيون، وفي طريقه إليها، حرر مدينة سرت من أيدي الميليشيات الإرهابية، وأحاط طرابلس، حيث مقر حكومة فايز السراج، المعين بموجب اتفاق الصخيرات، وعلى الرغم من قدرته على إخضاعها في غضون أيام، إلا أننا، نحن العسكريون، نرجئ ذلك القرار، لحين استنفاذ جميع البدائل السلمية، لخبرتنا في صعوبة قتال المدن، التي لا يتمكن خلالها المهاجم من استخدام المدفعية، والدبابات، حفاظاً على المدنيين، ومقدرات الدولة. وهو ما قيد حفتر في سرعة دخول طرابلس، كي لا تتحول لحطام مدينة، نتيجة رعونة الميليشيات الإرهابية المسلحة، مثلما حدث في مدن سوريا والعراق، وهو ما يحسب، في الحقيقة، للمشير حفتر، لحكمته في الحفاظ على الشعب الليبي، ومدينة طرابلس، على عكس ما قد يظن البعض، من أن العسكريون يلجأن إلى الخيار العسكري، أولاً.
في المقابل، وفي سبيله للحفاظ على منصبه، قام فايز السراج، رئيس الحكومة المعين، الغير منتخب، باستدعاء قوى أجنبية، للتدخل في بلاده، غير آبه بأمن الدولة وأمان شعبها، من خلال عقده اتفاقان مع تركيا، أحدهما أمني، والآخر لإعادة ترسيم الحدود البحرية، رغم عدم وجود أي تلامس بين سواحل الدولتين. ورغم تصديق البرلمان التركي على اتفاقات أردوغان-السراج، إلا أن الأخير لم ينل موافقة البرلمان الليبي المنتخب، بل واتهمه أعضاء البرلمان بالخيانة العظمى، في ظل استنكار المجتمع الدولي لتلك الاتفاقات، باعتبارها غير قانونية، إذ لا يملك السراج صلاحية عقد اتفاقات دولية.
أما أردوغان فكان هدفه الحصول على جزء من غاز شرق المتوسط ولم يجد إلا ليبيا لكي يحصل منها على هذا الغاز وهكذا تعقدت الأمور واصبح لم يعد أمامنا إلا مؤتمر برلين لحل المشكلة الليبية ولقد كنت في البداية متفائلاً للغاية لأن المانيا هي التي ستنظم المؤتمر وألمانيا من الدول العظيمة و نقول أن الماكينة الألمانية عندما تنظم مثل هذا المؤتمر فسوف يكتب له النجاح والشق الثاني أن المستشارة ميركل بنفسها قامت بالتحضير لهذا المؤتمر وكان أول اتصال لها بالرئيس عبدالفتاح السيسي وتوالت اتصالاتها مع باقي زعماء العالم وزاد من تفاؤلي بنجاح هذا المؤتمر أن المستشارة ميركل سوف تنهي حياتها السياسية هذا العام بعدها سوف تعتزل السياسة لذلك اعتقد أنها سوف تبذل الكثير من الجهد لإنجاح هذا المؤتمر وتحقق مكسباً سياسياً عالمياً تختم فيه حياتها السياسية وتكمل نجاحها في إدارة شئون المانيا الداخلية حيث يذكر لها الشعب الألماني أنها تسلمت المانيا وكان الشطر الألماني الذي كان تحت رعاية الاتحاد السوفيتي في حالة يرثي لها وبعد انهيار سور برلين وانضمت المانيا الشرقية الشيوعية إلى المانيا الغربية كان الفرق رهيب بين القسمين فلقد كانت البنية الأساسية لألمانيا الشرقية في غاية السوء لذلك في سنوات قليلة نجحت في رفع مستوي الخدمات والبنية الأساسية لألمانيا الشرقية لكي تصبح حالياً أحسن من مثيلاتها في المانيا الغربية لذلك سيذكر الشعب الألماني ما حققته ميركل في هذا النجاح لألمانيا الموحدة وجاء مؤتمر برلين لتختم حياتها السياسية وتحقيق نصر سياسي عالمي وانتهي المؤتمر وكانت المفاجأة أن أحلامي وتوقعاتي لم تحدث واعتقد أن الحسنة الوحيدة في هذا المؤتمر كانت الصفعة التي تلقاها أردوغان برفض المؤتمر للتدخل الأجنبي في ليبيا وكذلك نزع سلاح المليشيات.
ولقد كانت أحلامي أن يخرج هذا المؤتمر بقرارات حاسمة بسرعة بدء انتخابات البرلمان الليبي وانتخاب الرئيس الليبي القادم على أن تجري هذه الانتخابات تحت اشراف الأمم المتحدة وأن يتم عمل دستور جديد للبلاد وكل ذلك في خطة زمنية لا تزيد عن عام.. وهنا يتحقق الاستقرار في ليبيا ، كذلك كانت أحلامي أن يتم تنفيذ مؤتمر برلين 2 بعد شهرين ويجتمع نفس القادة للتأكد من تنفيذ بنود الاتفاق الذي تم إعلانه على أن يُترك متابعة التنفيذ مع ممثل الأمم المتحدة "غسان سلامه" ويتم الاجتماع في جنيف... فإنني اعتقد أن مؤتمر جنيف لن يكون له نفس قوة اجتماع الرؤساء لذلك أقول أن حلم واحد قد تحقق وهو الصفعة التي تلقاها أردوغان بإيقاف إرسال السلاح إلى ليبيا وخاصة أنه قال قبل المؤتمر أن أي حل للمشكلة الليبية يجب أن يتم عبر تركيا ، أما الصورة التي فاقت كل أحلامي كانت للرئيس السيسي ومعه الكبار ميركل وبرتن وماكرون وكونتي رئيس الوزراء الإيطالي وهم الخمسة الكبار الذين أداروا هذا المؤتمر وهكذا أصبحت مصر من الخمسة الكبار في العالم... أما باقي أحلامي لتحقيق الاستقرار في ليبيا فلقد ضاعت على أرض برلين.
Email:
[email protected]