د. ناجح إبراهيم يكتب: ولاية الفقيه .. وكيف جنت على السنة والشيعة معاً

د. ناجح إبراهيم يكتب: ولاية الفقيه .. وكيف جنت على السنة والشيعة معاًد. ناجح إبراهيم يكتب: ولاية الفقيه .. وكيف جنت على السنة والشيعة معاً

* عاجل27-1-2020 | 20:51

نظرية"ولاية الفقيه"هي السبب في احتلال إيران لأربع دول عربية هي سوريا والعراق ولبنان واليمن والطمع في المزيد,وهي السبب في إنشاء هذه الإمبراطورية الإيرانية التى تتمدد سريعاً علي حساب العرب,والعرب وحدهم دون سواهم. وهي السبب أيضاً في الازدواجية الخطيرة,التى تعيشها إيران والتى ستضرها ضرراً بليغاً،ازدواجية المرشد والرئيس والأول أقوى من الثاني بكثير,والحرس الثورى والجيش الإيراني والأول الأقوى والأمضى قراراً,وميزانية قم الأعلى والأضخم من ميزانية الدولة ، والإمبراطورية والدولة,وحمق وطائفية,وجبروت وتفجيرات المليشيات التابعة للحرس الثورى وعقلانية وحكمة وتريث الدولة الإيرانية,بين سلطة قيادة الحرس الثورى علي كل أطراف الإمبراطورية وغل يد وزير الخارجية الإيرانى عن أي قرار خارجي حقيقي سوى ما يأمر به المرشد,وبين الأموال الطائلة التى تنفق علي الميلشيات من أموال الخمس التى تأتى للإمام وضعف الدولة الإيرانية الاقتصادى.  نظرية ولاية الفقيه هي السبب في اعتبار الشيعى السعودى من رعايا الإمام وليس من رعايا الحكومة السعودية,والباكستانى والكويتي,والأفغانى واليمنى الشيعي ليس من رعايا حكومات باكستان والكويت وأفغانستان واليمن ولكن من رعايا الإمام ، وعليه الولاء المطلق له ، بل والبيعة إن استطاع الوصول إليه ، فضلاً عن إرسال الخمس له لأداء الضرائب لحكومته ومحاولة الإمبراطورية الإيرانية ضم هذه البلاد إليها لأن رعاياها فيها. نظرية " ولاية الفقيه " تلغي تماماً دور الدولة الوطنية وهي تشبه عند حركات الإسلام السياسي السنية " نظرية الخلافة أو الحاكمية " بمفهوم سيد قطب. ونظرية ولاية الفقيه تصطدم تماماً مع الفكرة الإسلامية الصحيحة التى ترسخ ولاية الأمة علي نفسها, فالأمة أولي من الفقيه وأجدر وأعلم بمصالحها. ولاية الفقيه تنحى الأمة جانباً"وهي من هي"وتقزمها ولا تجعل لها دوراً حقيقاً في إدارة شئونها. في الوقت الذى تجعل هذه النظرية الإمام معصوماً لا يجوز عليه الخطأ وهذا مخالف لشرع الله الذى اختص النبي وحده بالعصمة دون سواه وذلك لعلة معينة هي نزول الوحي,فإذا انقطع الوحى بعد موته انقطعت العصمة. وفكرة عصمة الإمام تجعله وحكمه وتصرفاته غير قابلة للنقد أو التصويب أو المراجعة,وتجعل قوله ملزماً للكافة والخاصة والسياسيين والعسكريين والاقتصاديين حتى في مجال تخصصهم,وهذا موضع خطر عظيم علي طريقة إدارة الدول والمؤسسات ، ولا أدرى من أين جاءت هذه العصمة وعمر بن الخطاب يقول عن نفسه " أصابت امرأة وأخطأ عمر" وأبو بكر الصديق يقول:"وليت عليكم ولست بخيركم". "ولاية الفقيه "تضاد صريح الإسلام الذى جعل الولاية للأمة,وأعطى الأمة حق في اختيار حكامها وتوليتهم وعزلهم ومحاسبتهم إذا لزم الأمر. وهذا يعطى الاستقلال لكل دولة في اختيار حكامها,بل ويعطى السكان المحليين الحق في انتخاب من يتولى أمرهم في الدول الفيدرالية,فيكون ولاؤهم للشعب الذى اختارهم وليس للإمام الذى يعاملهم مثل الدمى , ولا تكون هناك ازدواجية في القرار أو يكون رئيس الدولة خيال مآته يحركه الولي الفقيه كما يشاء. وقد ظهرت نظرية "ولاية الفقيه "عام  1829 علي يد أحمد النراقي وعززها بعده الشيخ علي الكورانى ، ولكنها لم تطبق عملياً إلا علي يد الخوميني ولم يعرفها العوام إلا بعد قيادة الخوميني لإيران 1979 فقد وضعها حيز التنفيذ . وقد قرر الخوميني أن للولي الفقيه الولاية المطلقة الكاملة علي المسلمين ويعني الولاية الكاملة التى كانت لرسول الله"صلي الله عليه وسلم"وللإمام علي بن أبي طالب. وهذه النظرية تجعل الولي الفقيه حاكماً باسم الإله ، ببساطة لأنه معصوم ولا يجوز معارضته أو نقده أو مراجعته أو حتى مناقشة تصرفاته . وكان بعض فقهاء الشيعة الاثنا عشرية يرون من قبل ولاية الفقيه علي الأمور الدينية فقط ، ولكن الخوميني وكل المدرسة الإيرانية وأتباعهم الذين خلفوه في العراق ولبنان واليمن وسوريا يرون أنها تشمل كل الأمور الدينية والدنيوية والسياسية والاقتصادية ، وأن للولي الفقيه الحق في الحكم المطلق علي الناس ، وهو الإمام المعصوم ، وينزل منزلة النبي الذي يوحي إليه والمهدى المنتظر  ، وعدم طاعته نوع من الردة والكفر والخروج عن طاعة الله ورسوله. وقد عارض هذه النظرية الكثير من فقهاء الشيعة ولكن تم إقصاء كل المعارضين وحبسهم أو جعلهم رهن الإقامة الجبرية , وعلي رأس هؤلاء المعارضين آية الله حسين منتظرى نائب رئيس الخوميني أثناء الثورة والذى أقصي عن منصب الإمام وعزل وفرضت عليه الإقامة الجبرية ، وعين الإمام خامنئي بعد الخوميني. وقد عارضها أيضاً معظم فقهاء النجف الأشرف ومنهم محسن الحكيم ، ومحمد باقر الحكيم الذى اغتيل 2003 بعد عودته من منفاه بإيران,أبو القاسم الخوئي والشيرازى وكلهم ماتوا. وقد فشل العرب قديماً وحديثاً في استقطاب مدرسة الخوئي الشيعية العربية  المعتدلة والوسطية,فلم يجد أتباعها حضنا لهم سوى إيران الأذكى دائماً من العرب. ومن الفقهاء الأحياء الذين عارضوها السيستانى , محمد سعيد الحكيم , اسحق فياض , بشير النجفي,وكلهم من العراق وقد يكون بعضهم غير رأيه إلي الموافقة. أما في لبنان فقد عارضها من الأموات الفقهاء محسن الأمين,السيد موسي الصدر,محمد جواد مغنية,ومهدى شمس الدين,محمد حسين فضل الله الذى أيد الخوميني في البداية في ولاية الفقيه ثم رجع عن هذا التأييد. أما المعارضون للنظرية في إيران فأولهم الشيخ مرتضي الأنصارى الذي عارض الفكرة قبل قرنين من الزمان ، ومن المعاصرين للخوميني آية الله شريعتمدارى الذى اتهمه الخوميني بالردة عن الإسلام,وكذلك محمد خاتمي رئيس إيران الأسبق الذي تم حصاره من قبل المرشد والحرس الثورى ولم يستطيع أن يصنع شيئاً وأفشلوا كل خططه الإصلاحية. فالرئيس والحكومة في إيران لا حول لها ولا قوة وهما مجرد آلة لتنفيذ رغبات المرشد والحرس الثورى,وكل السياسيات الخارجية الإيرانية وخاصة ما يخص الإمبراطورية والميلشيات في لبنان وسوريا واليمن والعراق تكويناً وسلوكاً ومنهاجاً لا يعرف عنها حكام إيران شيئاً,فهي بيد المرشد والحرس الثورى. وقد بلغت قيمة أصول ميزانية امبراطورية " قم" من الخمس الذى يجمع من الشيعة في العالم كله 95 مليار دولار وفق تحقيق استقصائي قامت به وكالة رويتر. وقد اغتيل أهم عالمين وقفا ضد نظرية"ولاية الفقيه"وهما علي شريعتى وهو عالم اجتماع شيعي تلقي أفكاره القبول من عموم الشيعة والسنة . وقد بنى مشروعه الفكرى علي التصالح السنى والشيعي ,وعلي التصالح بين الفكر الشيعي ومفاهيم الديمقراطية والدولة الحديثة,وكان يرفض أفكار التشيع الصفوى المبنى علي ذم الصحابة واضطهاد السنة ومحاربتهم ، وكذلك طريقة التسنن الأموى المبنى علي الملك العضوض والديكتاتورية،وكلاهما لا يمثل أفكار الدولة والمجتمع الحديث المبنى علي المواطنة والحريات العامة والكرامة الإنسانية وغياب الحكم باسم الإله أو ولاية الفقيه. ودعا شريعتى إلي "التسنن المحمدى" و"التشيع العلوى" أي الاستنان بالنبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه،وكلاهما ِأهل للقدوة والأسوة. أما موسي الصدر الذى اغتاله القذافي فيقال إنه فعل ذلك بإيعاز من طهران حيث كان القذافي متيماً بثورة الخوميني في بدايتها. وقد اغتال القذافي موسي الصدر وأخفي جثته حتى الآن فلا يعلم أحد مكانها وهذا مصير من يعارض أفكار الإمبراطورية الفارسية أو الحرس الثورى التى تمتد أذرعه وميلشياته في كل مكان ، ولا ترحم من يخالفها ، وتحمل الدولة الإيرانية صاحبة الحضارة العريقة مالا تحتمل ، كما تحمل الشعب الإيراني أعباء صدامات عبثية متواصلة أصابت الشعب الإيرانى بالعنت والمشقة. نظرية "ولاية الفقيه " تمثل الآن لب الفكر السياسي الشيعي كما تمثل نظريات سيد قطب عن"الحاكمية والتكفير"لب فكر أكثر جماعات العنف الديني السياسي المنسوبة إلي السنة زوراً قبل القاعدة وداعش وأخواتها وهي أقرب إلي فكر الخوارج ، ولكن الأولي نجحت في بناء دولة ثم امبراطورية أما الثانية ففشلت. ولعل من المفارقات العجيبة أن يكون الإمام خامنئى هو المترجم لكتب سيد قطب إلي الفارسية حينما كان شاباً,وكأن كلا المذهبين يخرجان من معين واحد.
أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2