ومن ينسى «لويزا» الطيبة.. وداعا نادية لطفي

ومن ينسى «لويزا» الطيبة.. وداعا نادية لطفيومن ينسى «لويزا» الطيبة.. وداعا نادية لطفي

* عاجل5-2-2020 | 13:59

كتبت: نادية صبره رحلت صاحبة "النظارة السوداء" ، الراهبة الطيبة "لويزا" فتاة أحلام الستينات والسبعينات، "الحلوة" التي غنى لها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وشاركته بطولة أشهر أفلامه، نادية لطفي، اسم الشهرة الذى عرفها به جمهور الشاشات، واسمها الحقيقى "بولا محمد"، الإنسانة الطيبة كما شهد لها اهل الصنعة، والفنانة العملاقة صاحبة التاريخ السينمائي الضخم وصاحبة التاريخ النضالي الشهير التي رحلت عن عالمنا صباح أمس الثلاثاء الرابع من فبراير عن عمر ناهز 83 عاماً بعد صراع مرير مع المرض. من هي نادية لطفي... هي (بولا محمد مصطفى شفيق) المولودة في 3 يناير بحي عابدين بالقاهرة لأبوين مصريين وحصلت على دبلوم المدرسة الألمانية بمصر عام 1955 وقد ساهمت ملامحها الأوروبية وشعرها الأشقر وإجادتها اللغة الألمانية في إطلاق شائعة أن والدتها بولندية وقد نفت هي ذلك في أكثر من لقاء وأكدت أن والدتها مصرية واسمها فاطمة، وسميت (بولا) على اسم إحدى الراهبات اللائي وجدن في المستشفى وقت ولادتها... وتميزت شخصيتها بالالتزام والجدية والصرامة التي تعلمتها من أبيها ولذلك لم يعرف عنها الكثير من الشائعات كباقي الفنانين فقد كانت تضع حداً بين حياتها الخاصة وبين عملها كفنانة رغم أنها كانت تتمتع بروح جميلة وسلوك محترم وعلاقات ود مع كل الفنانين حتى عندما ربطت الشائعات بينها وبين النجمين أحمد مظهر وعز الدين الفقار تصدت لها بقوة ولم تؤثر على مسيرتها الفنية وكذلك عندما أشيع حب الفنان فريد الأطرش لها وأنه غنى لها خصيصاً أغنية حكاية غرام. أشهر أفلامها: تم اكتشاف الفنانة "نادية لطفي" على يد صانع النجوم ومكتشف المواهب الأول في العالم العربي المنتج (رمسيس نجيب) حين كانت تحضر إحدى الحفلات بصحبة زوجها الضابط البحري (عادل البشاري) وعرض عليها الظهور في أول فيلم سينمائي لها وهو فيلم سلطان أمام النجم فريد شوقي عام 1958 واختار لها اسم (نادية لطفي) واستوحاه من فيلم لا أنام للنجمة فاتن حمامة حيث كانت اسم بطلة الفيلم بعدها توالت الأدوار السينمائية والبطولات التي تجاوزت الـ 74 فيلماً واستطاعت نادية لطفي أن تحدد لنفسها مكاناً بين جميلات السينما المصرية لا ينافسه فيها أحد ولم تعتمد على جمالها فقط في تقديم الأدوار لذلك تنوعت أدوارها بين الكوميدي والتراجيدي والرومانسي وقدمت بنت البلد وفتاة الليل والباحثة عن حقوق المرأة والطالبة الجامعية والمرأة الارستقراطية والراقصة والأم والزوجة الخائنة وكانت الممثلة المفضلة لكبار الأدباء الذين رأوا فيها أنها تجسد بحق بطلة روايتهم فكان أشهر أفلامها وأحبهم لقلبها كما صرحت هي (النظارة السوداء) المأخوذة عن المجموعة القصصية الشهيرة للأديب إحسان عبد القدوس عام 1952م وتحولت إلى فيلم إلى سينمائي عام 1963 وحقق نجاحاً كبيراً وأصبح الفيلم مرتبطاً بعيد العمال يعرض فيه كل عام وقصر الشوق عام 1966م للأديب نجيب محفوظ و(السمان والخريف) عام 1967م أمام العملاق محمود مرسي والذي جسدت فيه دور فتاة الليل (ريري) التي استطاعت أن تغير حياة بطل الفيلم وتجعله يحبها وقدمت أمام مرسي أيضاً فيلم (الخائنة) عام 1965م وأمام كمال الشناوي فيلم (المستحيل) عام 1965م أيضاً و(لا تطفئ الشمس) عام 1961م و(خمس ساعات) ليوسف إدريس عام 1966م و(الناصر صلاح الدين) ليوسف شاهين الذي جسدت فيه دور المحاربة الصليبية لويزا (وقاع المدينة، والسبع بنات وللرجال فقط وغيرها من الروائع السينمائية...) وأمام العندليب عبد الحليم حافظ كان الفيلم الأشهر في تاريخ السينما المصرية والعربية (الخطايا) عام 1963م و(أبي فوق الشجرة) عام 1969م وأمام النجم رشدي اباظه قدمت أفلام (عدو المرأة وجريمة في الحي الهادي وعندما نحب) ومع المطرب محرم فؤاد قدمت فيلمي (عشاق الحياة ومن غير ميعاد) وكوميدياً قدمت فيلم (كيف تسرق مليونير) أمام محمد معوض وعبد المنعم إبراهيم، و(نشال رغم أنفه) مع أمين الهنيدي ومحمود المليجي. كما قدمت مسلسل تليفزيوني واحد وهو (ناس ولاد ناس) مع الفنان كرم مطاوع عام 1992م وعمل مسرحي واحد وهو (بمبه كشر) أمام النجم عبد المنعم مدبولي. مواقف في حياة نادية لطفي: النجمة الراحلة نادية لطفي هي الفنانة الوحيدة التي وضعت صورتها على بوستر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ليس فقط تقديراً لتاريخها السينمائي وإنما أيضاً تقديراً لتاريخها النضالي فقد استخدمت السينما للنضال الوطني ومناقشة قضايا المجتمع وكانت تهتم كثيراً بقضايا المرأة وضرورة المساواة بينها وبين الرجل وشاركت زملاؤها في كل الاضرابات والاحتجاجات التي دعا إليها الفنانين ضد بعض القوانين التي رأوا أنها تقيد إبداعاتهم وحريتهم في الثمانيات ولم تنفصل عن قضايا أمتها العربية وكانت تهتم إهتمام خاص بالقضية الفلسطينية وقامت باختراق حصار بيروت عام 1982م وقامت بزيارة الرئيس ياسر عرفات وخرجت مع الفلسطينيين المحاصرين في سفينة شمس المتوسط اليونانية وقامت بتصوير مجازر صبرا وشاتيلا بكاميراتها الخاصة ونقلت الصور للصحف ومحطات التلفزيون العالمية ولذلك زارها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مستشفى المعادي العسكري العام الماضي ومنحها وسام نجمة القدس لريادتها في السينما والدراما المصرية. وأثناء حرب أكتوبر عام 1973م كانت نادية لطفي تقيم في مستشفى القصر العيني لتشارك في علاج الجرحى والمصابين كذلك كانت تهتم بالرفق بالحيوان وتترأس جمعية الحمير التي أسسها الفنان زكي طليمات وكانت تضم أسماء كبيرة مثل طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم. زيجات نادية لطفي: تزوجت الفنانة نادية لطفي ثلاث مرات الأولى في سن العشرين قبل دخولها الوسط الفني من الضابط البحري (عادل البشاري) وهو والد ابنها الوحيد أحمد وتردد أن سبب الانفصال هو رغبتها في احتراف الفن وموافقتها على العرض الذي قدمه لها المنتج (رمسيس نجيب) بينما رفض زوجها بشدة فكان الطلاق والزيجة الثانية كانت من المهندس إبراهيم صادق شفيق وتم الإنفصال بسبب غيرته الشديدة عليها وشعورها بأنها تحت المراقبة في كل وقت كما روت هي في أحد اللقاءات والزيجة الثالثة كانت من (محمد صبري) وهي أسرع الزيجات ولم تدم طويلاً بسبب فارق السن بينهما. مشهد النهاية: كان آخر ظهور للفنانة نادية لطفي في الثالث من يناير الماضي حيث احتفلت بعيد ميلادها بصحبة الفنانة إلهام شاهين كما قامت بعمل تسجيل صوتي قبل الرحيل بأربع أيام نعت فيه زميلتها وصديقتها الفنانة ماجدة الصباحي. كذلك نعت زوجة ابنها الوحيد وكانت الفنانة تعاني من حالة إعياء شديدة ونزلة شعبية حادة وضيق في التنفس وتم وضعها على جهاز التنفس الصناعي ونقلت للعناية المركزة مرتين خلال أسبوع ثم دخلت في غيبوبة صباح أمس فارقت على أثرها الحياة. رحم الله جميلة جميلات السينما المصرية والعربية الفنانة الشاملة التي تركت لنا إرثاً فنياً كبيراً ومسيرة حافة بالعطاء إن "نادية لطفي" ستظل في ذاكرة ووجدان الجماهير المصرية والعربية التي عشقت فنها وعشقت شخصيتها المميزة. لا يستطيع أحد أن ينسى نظرة عينيها الواثقتين بنفسها والمليئتين بالتحدي وتسريحة الشعر الأشهر التي قلدتها معظم النساء، لا يستطيع أحد أن ينسى (مادي) في النظارة السوداء و(لويزا) في الناصر صلاح الدين و(ريري) في السمان والخريف و(فردوس) في أبي فوق الشجرة و(سهير) في الخطايا و(لولا) في الأخوة الأعداء وكل الروائع التي ستظل محفورة في القلوب.
أضف تعليق

إعلان آراك 2