طارق متولى يكتب: فى سماء الكون الواسع

طارق متولى يكتب: فى سماء الكون الواسعطارق متولى يكتب: فى سماء الكون الواسع

*سلايد رئيسى10-2-2020 | 15:15

"طار من الفرحة" عبارة شهيرة نسمعها، تصف حال شخص وقع له حادث سعيد أو تحققت له أمنية كبيرة كالنجاح مثلا او كسب شيئا من مال أو جائزة، فينفعل الإنسان بكل جوارحه ويخرج عن طوره حتى يقول البعض أنه كان "بيتنطط" من الفرحة، بمعنى أن يشعر الشخص أن روحه سوف تقفز من جسده من شدة الفرحة. الإحساس بالفرحة إحساس رائع ولكن! فى مناسبات للأهل والأصدقاء حضرت عديد من الأفراح لمستويات اجتماعية مختلفة، شعبية بسيطة فى الشارع، أو البيوت، وأخرى فخمة فى بعض القاعات فى الفنادق ذات الخمس نجوم فرأيت أنه أصبح يجمع هذه الافراح فى أيامنا هذه نوع واحد من الموسيقى والأغانى الإيقاعية الراقصة التى تعتمد على الإيقاع ودق الطبول والمزمار أكثر من اعتمادها على النغمات الموسيقية والمقامات الموسيقية المتعددة. ووجدت أن غالبية الحاضرين على اختلاف ثقافتهم ومستوياتهم يخرجون عن شعورهم خاصة الشباب ويرقصون رقص هستيرى على هذه النوعية من الموسيقى بطريقة غريبة. الحقيقة شىء شبيه بحفلات الأسواق والموالد، حتى أنهم استحدثوا عند استخدام هذه النوعية من الموسيقى والاحتفال مصطلحات جديدة مثل "ولع الفرح" والمطرب الفلانى "شعوذ الفرح" (من الشعوذة) ، و "رقص التشكي"ل وفيه يقوم الراقصون أو المحتفلون باستخدام أيديهم وأرجلهم ورؤسهم فى عمل حركات غريبة لو فعلها شخص عادى فى الشارع لوصفه الناس بالجنون. ومع هذه النوعية من الموسيقى والأغانى لاتلقى الناس أهمية كبيرة للكلمات التى تقال على هذه الإيقاعات فتجدهم يرددون أى كلام تافه أو حتى خارج عن الذوق العام، والحياء، وذلك فى زحمة الحدث (الفرح غالبا) المقام، والمشكلة هنا أن هذه الكلمات السوقية التى تكسر كل قواعد اللغة والنظم والشعر والأدب أحيانا، أصبحت مصطلحات فى حياتنا اليومية وأحاديثنا العادية فى البيت والعمل، والمجتمع كله أو على الأقل غالبيته، التى أصبحت تتحدث بهذه الطريقة وهذه الكلمات. لاحظت أيضا أن كثير من الشباب الذين يقودون سياراتهم بسرعة جنونية وبرعونة، يستمعون أثناء القيادة إلى هذه النوعية من الموسيقى الصاخبة، بينما لو استمع الواحد منهم إلى موسيقى هادئة أثناء القيادة، فسوف يكون هو نفسه هادئا ويقود بهدوء يتأثر بالتأكيد بالموسيقى والضوضاء والبيئة المحيطة. وكثير ما تنتهى هذه القيادة المجنونة بحادث أو كارثة، دون أن ندرك أن نوعية الموسيقى، والحالة المسيطرة على المستمع لها هى السبب فى هذه الرعونة والسرعة. والمفترض أن الفن بكل فروعه وخاصة الموسيقى ترقى بالإنسان، ولغته، ومشاعره، وأحاسيسه التى تخاطب روحه، وتبعث فيها الهدوء، والتأمل، ومعانى الحب السامية، وتحلق به فى سماء الكون الواسع، فيشعر معها بالجمال والفرح الحقيقى والرقى.
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2