عاطف عبد الغنى يكتب: العهد!(2) فى الانتقال إلى دولة المواطنة.. الحق فى العلاج

عاطف عبد الغنى يكتب: العهد!(2) فى الانتقال إلى دولة المواطنة.. الحق فى العلاجعاطف عبد الغنى يكتب: العهد!(2) فى الانتقال إلى دولة المواطنة.. الحق فى العلاج

*سلايد رئيسى21-2-2020 | 15:00

فى الانتقال من دولة الرعية إلى دولة المواطنة التى يتمتع فيها الإنسان بحقوقه التى كفلها له الله قبل أن تذكرها العهود الدولية، مر الإنسان بفترة طويلة ليصل إلى اتفاق حول الحقوق التى نصنفها اليوم إلى حقوق سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية إلخ، ويأتى فى مقابلها الواجبات التى عليه (المواطن).

(1)

ومن تلك الحقوق.. الحق فى الصحة الذى يساوى الحياة ذاتها، فضياع الصحة يعنى الموت، والحق فى التمتع بها منصوص عليه فى العهود الدولية، ومنها دستور «منظمة الصحة العالمية» والذى ينص فى أحد بنوده على أن «التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان» ، ويتفرع من هذا الحق فى العلاج، والذى يعنى فى أحد تعريفاته أن للمريض الحق في الحصول على علاج ذي جودة عالية ويناسب حالته بدون تمييز بين المرضى.

(2)

وفيما يخص حصول المواطن المصرى على حقه فى العلاج، وبالجودة المطلوبة، هل تحبون أن نتحدث عن الماضى القريب فنحاسب أنظمة الحكم السابقة على ثورة 30 يونيو 2013؟! أم نتحدث عن الحاضر، وننطلق منه إلى المستقبل المنشود فى قطاع الصحة ؟!. لاحظ أننا نتحدث عن حقبة زمنية وجيزة، وليس حقبًا متباعدة، لذلك نبدأ بذكر مشروع التأمين الصحى الشامل، وهو مشروع تم ترحيله من حكومات ما قبل 25 يناير 2011، وكان المشروع قبل التاريخ الأخير جاهزًا على الورق لسنوات طويلة، لا يعطله إلا تنازع رجال الأعمال الانتهازيين للفرص على استلاب المشروع وتحويله من خدمة شبه مجانية، إلى «بيزنس» ينتهبون منه ما يستطيعون من أرباح تدخل جيوبهم، من الحكومة ومن المواطن الغلبان على حد سواء، والغلابة غير المتمتعين بمظلة التأمين الصحى بالملايين أكثرهم فقراء، أو ما دون خط الفقر. ولا أحد ينكر أنه فى الزمن الذى نتحدث عنه كان هناك علاج على نفقة الدولة، وعلاج شبه مجانى فى عديد من المستشفيات التابعة للوزارة أو مؤسسات الدولة، لكن الحصول على الخدمة كان محفوفا بالمكاره، ويكتنفه العذاب، وكان التمييز فيه واضحا، وهو مثل الدعم الذى يستفيد منه الأغنياء الذين لا يحتاجون، ومنهم من كان يجرى جراحات تجميل على نفقة الدولة، والفقراء يعانون الأمرين، مرارة المرض، وذل السؤال. وكانت هناك أمراض شبه مستوطنة تضرب أجساد المصريين، فتعطلهم وتعطل التنمية، ونمو الدولة، وأذكركم بالبلهارسيا، والتهاب الكبد الوبائى، والفشل الكلوى، والأمراض التى تتطور مع الأطفال إلى عاهات للسمع والبصر، وتلك المرتبطة بالمرأة، والقائمة طويلة، وأطول منها كان طابور المنتظرين لإجراء جراحة تحتمل الانتظار أو لا تحتمل، وعلى الإجمال، كانت حقوق الناس مهدرة بالثلث فى هذا القطاع، ومع شعب تتفشى فيه الأمية والجهل.

(3)

وخلال السنوات الخمس الأخيرة ماذا حدث فى قطاع الصحة؟.. هل يكفى أن نشير إلى إطلاق مشروع التأمين الصحى الشامل وتحقيقه لنجاحات كبيرة فى المرحلة التجريبية، وانتقاله من بورسعيد إلى التنفيذ فى عدد آخر من المحافظات؟! .. هل تريد خبرًا جديدًا ؟! إليك: تقرر إطلاق التشغيل الفعلي للبرنامج الجديد للعلاج على نفقة الدولة بداية شهر مارس المقبل، وإطلاق موقع إليكترونى خاص به يتم من خلاله تسجيل المريض وبياناته وحالته لتسهيل التواصل مع المسئولين عن المشروع. هل لديك قريبًا استفاد من مبادرة الرئيس لإنهاء قوائم انتظار مرضى الجراحات والتدخلات الحرجة بالمجان؟.. والله أنا لدى أقارب استفادوا، وأعرف غيرهم استفادوا من علاج فيرس سى، وغيرها من المبادرات التى نعرفها جيدا إلى الدرجة التى نستطيع أن نؤكد فيها - شهادة لله - أن ما حدث فى هذا القطاع ثورة بالفعل، لا تكفى هذه المساحة ولا عشرة أمثالها لذكر بياناتها وأرقامها، ولكن.

(4)

ثم يأتى ثعلب صغير، فيفسد المنظومة والإنجاز، ممرض يهمل التمريض، طبيب يسىء التعامل مع المرضى استكبارا، أو مسئول فى مستشفى، يهمل الإدارة، وللصدفة وصلنى يوم كتابة هذا المقال شكوى للمواطن عادل أبوطالب المعازى، يروى فيها تجربته فى علاج والده بمستشفى حلوان العام، وقد تم تحويل أبيه المصاب بنزيف فى المخ إليه عن طريق الواسطة (وهى كلمة بالفعل كريهة)، ماذا حدث لوالد صاحب الشكوى فى المستشفى.. تجربة تستحق أن تروى، ويتم التحقيق فيها من خلال وزارة الصحة، وبيانات صاحب الشكوى لدىّ لمن يهمه الأمر، وهذا هو مربط الفرس، الشكوى من البشر «مقدمو الخدمة» وهى ثغرة يتسرب منها الإهمال، ومن ثم الأخطاء، وسلوك يترك انطباعات سيئة لدى متلقى الخدمة، تخصم من الجهود الجبارة التى بذلتها الدولة فى هذا القطاع ... وللحديث بقية.
أضف تعليق