أمل إبراهيم تكتب: الفن مرآة المجتمع
أمل إبراهيم تكتب: الفن مرآة المجتمع
بعد أن زاد الحديث عن أغانى المهرجانات والاتهامات التى وجهت إليها أنها سبب ونتيجة فى آن واحد لإنحدار الذوق العام وفقدان التذوق والاحساس بالجمال .
ومع وصولها إلى حالة الأنتشار بدأت و بصورة مفاجئةمحاولات منعها حتى وصل الأمر إلى إصدار فتاوى تحريم لانها -كما يقولون- تعتبر دعوة للابتذال والإنحراف ولكن الحقيقة أننا غالبا لا نعرف كيف نعالج مشاكلنا بشكل صحيح ولا نعرف من أين يبدأ الحل . إن أغانى المهرجانات تعتبر إحدى ظواهر العشوائيات التى تحيط بنا ونقارنها غالبا بما سبق من فن راق وموسيقى مؤثرة وكلمات لها معنى لكننا ابدا لا نستطيع أن نجيب عن سؤال غاية فى الأهمية هو لماذا تفوق هؤلاء؟ ولماذا إنحدر بنا الحال؟ خاصة فى مجال الفن والموسيقى والشعر والأدب ولغة الحوار أيضا..
إن ما يثار حولنا من نقاش حول حرية وجود اغانى المهرجانات من عدمها ربما يكون نقطة تحول لدى البعض فى دعم كل ما يقع تحت بند عمل فنى له مذاق بعيدا عن الإسفاف الذى يشبه حالة الصداع الذى نعيش فيه ..
أن أهم سؤال يجب أن نجد له إجابة هو كيف نعيش فى نفس المكان الذى كان شاهدا لحضارات مختلفة على مر الزمان وتحديدا منذ عهد القدماء المصريين الذين أبدعوا فى كل مجالات الحياة وتركوا إرثا من الجمال والفخامة والرقى مازال يعيش بيننا حتى الأن ؟!!!
نفس الأرض التى مر عليها هؤلاء وزاد عليها تحسن الظروف وتوفر الإمكانيات وبرغم ذلك تأخرنا عنهم فى كل المجالات وبرغم أننا نعتبر أن البحث عن آثارهم نوع من الاكتشافات ولكننا لا نضيف إلى تاريخهم إختراعات جديدة ولا نستطيع حتى أن نتقن تقليد ما تركوه لنا ..
وإذا كان عهد القدماء المصريين حالة خاصة يصعب أن نقارن أنفسنا بهم والأوقع أن نعقد المقارنة بمن عاشوا قبلنا بفارق بسيط وفى نفس القرن الذى نعيش إذن سوف نتساءل عن حال أهل الزمن الجميل كما نطلق عليهم ، لماذا لا يوجد بيننا أم كلثوم وعبد الحليم و فريد الأطرش وعبد الوهاب ولماذا لا نرى سعاد حسنى وسناء جميل ومحمود مرسى ورشدى اباظة ومحمود المليجى ولماذا لا نقرأ أحمد شوقى وإبراهيم ناجى وبيرم التونسى ..... وغيرهم الكثير ممن نطلق عليهم جيل العمالقة من أين جاء هؤلاء المبدعين ولماذا لمع نجمهم ومازالوا ملء السمع والبصر ولماذا تعيش أعمالهم وتستمر هى الافضل حتى الأن ، على العكس كلما مر الزمن كلما زاد بريقهم وتساءلت الأجيال الجديدة عنهم ..
نحن لانعرف أسباب تألق هؤلاء ؟ وما هى الظروف التى ساعدتهم ولماذا لا يتكرر ظهور أى موهبة تماثل ما صنعوه فى الموسيقى والفن عموما ..
من المؤكد أن هناك مواهب جديرة بالصعود تعيش بيننا ولكن أين هم ؟
اعتقد أن فى الزمن الماضى كانت الموهبة والكفاءة هى المعيار الوحيد فى أختيار من يغنى على خشبه المسرح أو من يؤدى دورا فى فيلم أو مسرحية وكان الأدباء والشعراء يكتبون أعمالا محترمة يتم تجسيدها واغلب هؤلاء كان يوافق على أجر قليل مقابل عمل مبدع ولم تكن المادة هى الهدف ولكن ما يهم هو الربح بين الناس والقبول وسط الجماهير وهذا هو السبب الأهم فى مواجهة هذه الظواهر التى نراها فى مجتمعنا الحالى..أن المصالح تطغى على المبادىء لا العكس ولأن المعايير التى يتم تقييم الامور بها قد اختلفت بل انحدرت وهى السبب فى تدنى مستوى الذوق والأخلاق والفن الذى يعتبر مرآة المجتمع ..ذلك الانعكاس الذى نراه هو صورتنا نحن التى تحتاج إلى تهذيب وتجميل حتى تنصلح .