عاطف عبد الغنى يكتب: مختصر الكلام فيمن كفر من الأنام!

عاطف عبد الغنى يكتب: مختصر الكلام فيمن كفر من الأنام!عاطف عبد الغنى يكتب: مختصر الكلام فيمن كفر من الأنام!

* عاجل28-2-2020 | 15:16

شخص متنطع، منح فرصة لبعض الطاعنين فى الدين أن ينفذوا من خلاله للوصول إلى غرضهم.. فكانت معركة استنفذت طاقة الأرواح أكثر مما استنفذت العقل والوقت. وكثيرون هاجموا الشيخ، ومنهم من له موقف من الدين، ولا أقول إنه ملحد أو كافر، حاشا لله، هو وحده سبحانه، أعلم بالنوايا إلا من جهر بالقول، والغالب كان يسأل مندهشا: ما الهدف ؟!.. أو ما الداعى لأن تثير مثل هذه القضايا التى لا طائل من ورائها إلا نشر الفتنة وجلب الفرقة، فى وقت نحتاج فيه أن نتجمع على أرضية المحبة والسماحة، التى دعا لها الإسلام، ومنح فيها رب العزة الناس حرية الاختلاف.

(1)

خلق الله الإنسان وميَّزه عن باقي المخلوقات بالعقل مناط التكليف وأداة الاختيار، وإذا ما سلب الإنسان العقل أو الحرية سقط التكليف، وفى هذا قال تعالى: «لاَ إِكرَاه فِي الدِينِ قَد تَّبَينَ الرُّشدُ مِنَ الْغَي» (البقرة : 256) وقال تعالى « ولَوْ شَاء رَبُّكَ لَجعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزالُونَ مُختَلِفِينَ» (هود: 118)، وقال عز من قائل: «فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ» (الكهف : 29) وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم «أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ» (يونس: 99). هذا حديث الله سبحان وتعالى عن الإيمان والكفر، والإسلام لا ينعت مسيحيًا أو يهوديًا بالكفر ولكن يسميهم «أهل كتاب»، وهذا مبحث أخر، ولا يعرف 99% من المسلمين الذين سيقرأون هذا الكلام موقف المسيحيين من قضية التوحيد، لا يعرفون أن المسيحى يؤمن بإله واحد للكون، ولا يقول أبدا إن هناك ثلاثة آلهة، وللمسيحية فقه وتفسير دينى وفلسفى خاص بهذه المسألة لكنها تنتهى إلى القول بإله واحد.. فلا ولادة ولا تناسل ولا تجسيد، والبسملة الخاصة بهم يقولون فيها: «باسم الآب ، والابن والروح القدس، إله واحد آمين» (يقولون باسم، مفرد، وليس جمع، ويقولون آب، بمعنى المصدر وليس أب بالمعنى الاصطلاحى الذين تعارف عليه الناس) وأنا لا أستطيع أن أوغل فى اللاهوت العقيدى للمسيحية، أو أبحث عن تأويلات تخالف ما يقولونه، وإذا كان ثمة اختلاف فى أمور أخرى فمردها إلى الله، والله يفصل بين عباده يوم القيامة، ولا يشغلنى هذا عن اتباع ما أوصانى به قرآنى، وما عرفته عن سيرة رسولى محمد صلى الله عليه وسلم.

(2)

«الصحيفة» أو «دستور المدينة» التى وضعها الرسول بعد أن هاجر إلى المدينة، وانتصر لدين الله، واستتب له الأمر، فى السنة الخامسة أو السادسة من الهجرة، وليس فى السنة الأولى كما تقول أكثر المصادر التراثية، (هذا موضوع مقال آخر) هذه الصحيفة حددت بدقة المبادئ العليا التى تجمع القبائل العربية المسلمة، والمهاجرين، والأنصار، وأهل الكتاب، ومن يتبع هؤلاء، وأولئك، من ساكنى المدينة ومحيطها، حتى من الكفار، والمشركين، فأسست لمجتمع واحد (دولة مواطنة) رتبت فيها الحقوق والواجبات للجميع بالعدل والمساواة، مجتمع لا يكره فيه أحد على عقيدة، أو دين، أو قول، أو فعل، على الرغم من أن الأغلبية فيه كانت للمسلمين، وأطلقت على هذا المجتمع مسمى «أمة» . 27 مادة شملها هذا الدستور لغير المسلمين (من أصل 52) ومنها: «وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته»، ومنها أيضا: «وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم.» لقد ذكرت الصحيفة كل قبائل اليهود الموجودة فى المدينة، فى هذا الوقت بأسمائها، ولم يكن المسيحيون ساكنيها، لكن الصحيفة ذكرتهم ضمنا، وهم أقرب إلى المسلمين، مودة ورحمة، بنص القرآن، أليست هذه هى المواطنة التى يتشدق بها الغرب، بينما أسس لها محمد صلى الله عليه وسلم، قبل 14 قرنا من الزمان؟!.  فهل نحن نعيد اكتشاف الإسلام؟!

(3)

سؤالى: من يعكر.. ومن يصطاد؟!.. بعض المهاجمين لم يستهدفوا الشخص، نجم المشايخ الصاعد، ولكن نشانهم كان موجها للدين، يحسبون عليه الشخص، والإسلام الصحيح لايعرف رجل دين ولا كهنوت فيه، ولكن علماء متخصصين فى علوم الدين، وبحر هذه العلوم كبير وعميق، نزله الشيخ وجر الناس معه، والشيخ المتهم يقسم أنه لم يذكر أحدًا بالاسم، لا الدكتور مجدى يعقوب ولا غيره، لكنه بالتأكيد خاض فى قضية لا طائل منها، وتداولها على وسائل التواصل، فطرحها على غير أهل التخصص فحدث ما حدث، وهذا درس له، ولغيره لعله يفهم أن هناك أمورًا السكوت عنها لا يضر، والكلام فيها لا ينفع.
أضف تعليق