طارق متولى يكتب: فن التنازل والتعامل مع الواقع

عندما تأتى الرياح العاصفة تهتز الأشجار وتميل فروعها وأوراقها بإتجاه الريح ثم تعود مرة أخرى لطبيعتها ولولا هذا الميل أو التمايل لتكسرت فروعها وربما اقتلعتها من مكانها. وعندما نسبح فى البحر وتأتى موجة عالية فإننا نقفز لأعلى لتمر الموجة من تحتنا أو نخفض رؤوسنا لتمر من فوقنا لا نقف متحجرين فى مكاننا فى مواجهتها لأنها ببساطة سوف تفقدنا توازننا ونسقط فى الماء. أرى أن كثير من المشكلات والصعوبات التى تواجهنا فى حياتنا تكون كالعواصف والأمواج العالية نجد نفسنا فى وسطها او فى مواجهتها. لابد أن ندرك كيفية مواجهتها بالمرونة اللازمة او بأفضل طريقة ممكنة. لا بالتصلب والتحجر فى اماكننا أو الثبات على مواقفنا والإنحياز لآراءنا لأننا فى هذه الحالة نعرض أنفسنا للإنكسار والسقوط خاصة إذا كانت الأمواج عالية والريح عاصفة. تعلم فن المرونة والتنازل والنزول على رأيك أحياناً. الكون له خالق ينفذ إرادته على جميع مخلوقاته لمصلحتهم جميعاً وهو سبحانه وتعالى الذى يحيط بكل شىء علما. لذا لن يسير الكون وفق إرادة مخلوق واحد أو مجموعة من الخلق مهما بلغوا من قوة ومن شأن فلن يستطيعوا أن يصمدوا أمام الإرادة العليا لله سبحانه وتعالى. قضايا كثيرة بين الناس بل وبين الدول لا تحل وتظل سنوات بلا حل بسبب التحجر والتعنت وعدم رغبة البعض فى التنازل والجميع يخسرون فى النهاية. تعلم فن التفاوض المفاوض الجيد هو فى الحقيقة محاور جيد يخرج بأفضل المكاسب بالتفاهم والحوار الهادىء يبدى رغبته فى التنازل ومراعاة حقوق الأخرين ورغباتهم يبدى رأيه ولا يتكبر على النزول عن بعضه أو حتى عنه كله أمام رأى أفضل 'يحكم عقله فوق رغباته وهواه. هذا ما يميز المجتمع المتحضر عن غيره لغة التفاهم والحوار وليس لغة الخصومة والعنف والتعنت والتشبث بالرأى. قد لا نعرف احيانا ولا نميز بين الحوار والجدال فالحوار هو تبادل الآراء ومناقشتها والأخذ بأفضلها بينما الجدال معناه هو المراء والخصومة ومحاولة إثبات خطأ الأخرين والإنتصار للرأى وتكرار الكلام بلا طائل والجدل غالباً ما يكون بغير علم فالعالمون يعرفون الحق ويذهبون معه اينما ذهب ويتعاملون مع الواقع ولا يتنعنتون.