أمل إبراهيم تكتب: «كورونا» والدروس المستفادة
أمل إبراهيم تكتب: «كورونا» والدروس المستفادة
منذ شهر تقريبا كنت اقرأ عن أحد الأفلام الأجنبية التى سوف يتم عرضها لاحقا (فى أواخر شهر فبراير) وكان لدى حماس شديد لمشاهدة الفيلم، وأنتظر عرضه فى مصر. ومنذ أيام صادفنى إعلان لبدء عرض الفيلم فى دور السينما المصرية ولكن للأسف وجدت أننى فقدت الرغبة فى مشاهدته تجنبا للأماكن المزدحمة برغم أننى أخبر الجميع أنه لا داعى للخوف وأنا متأكدة من مشاعر الإطمئنان لدّى ولكن الاحتياط واجب لأن الفيروس- إن وجد لا قدر الله - ينتقل بالعدوى فما هو ذنب الأخرين؟!. هذا الموقف البسيط جعلنى أحاول أن أتذكر كيف بدأ أمر كورونا وكيف أنتشرت الاخبار عنه وكيف تحول إلى كابوس ينتظر الجميع الإفاقة منه .
وبرغم الحديث وتأكيد الأطباء أن هناك ماهو أخطر على الإنسان من كورونا إلا أن حالة القلق سيطرت على العالم بصورة مفاجئة واستطاع اللعين أن يغير عناوين النشرات الإخبارية بل ويصبح الخبر الأول ليؤكد أن الصحة هى أغلى ما يملكه البشر.
لقد أنتشر الحديث عن طرق الوقاية وغير الكثيرون خطط حياتهم وأرتبكت الأمور فى بلدان مختلفة لكى نكون جميعا فى مواجهة واحدة مع فكرة الحياة ذاتها وصراع البقاء فنحن البشر مصابون بحالة من الاستعلاء والغرور أننا أصحاب القرار على الأرض
وأن الأنسان الذى يدمر البيئة حوله وينشر التلوث فى مأمن لأنه يملك الكثير من العلم والمال والتكنولوجيا ولكن ظهور الكورونا بمثابة لحظة صادمة فى عمر البشر تستحق التأمل والتفكير حول فكرة وجود الإنسان نفسه؟ وحياتنا التى تشبه القطار دون توقف ؟
هل خطر على بالنا مثلا أن تتوقف رحلات العمرة لأى سبب من الأسباب خاصة ونحن حاليا فى موسم العمرة التى تبدأ من شهر رجب ، الحقيقة أن الأمر يبدو مزعجا وغريبا ولكن علينا أن نوقن الحكمة من الأمر المتاح حتى يتم منعه أو وقفه ..
رحلات التجارة وشهر العسل والسياحة وحتى العلاج تأجل الكثير منها وتغيرت مسارات الطائرات وأمتنع اغلبها عن دخول عدد من الدول ببساطة تغيرت خطط كثير من الناس حول العالم .
لقد تمكن فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة أن ينشر كل هذا الهلع فى كل بلاد العالم ، فى عصرنا الحالى لم نشاهد أى قصة أستطاعت أن تخلق حالة من الاتحاد والتضامن مثلما فعل كورونا فالجميع يتفق على مواجهة الفيروس والقضاء عليه من أمريكا إلى الصين تتسابق شركات الأدوية فى البحث عن حل سريع وعلاج فعال لان الوقت يداهمنا جميعا والبشر ينتظرون..
لقد خلق كورونا حالة من الاتحاد وإزالة الفروق بين الناس لا فرق بين غنى وفقير فقد أصاب المرض مسؤولين كبار فى بعض الدول مثل إيران وكوريا الجنوبية والصين ..كما أصاب عامة من الشعب .
فيروس كورونا الذى لا نراه هز أسهم اقوى أسواق المال فى العاالم وتسبب فى خسائر بالمليارات على سبيل المثال لقد
فقدت أسهم أوروبا 1.5 تريليون دولار في أسبوع واحد وسط بيع محموم.
فى دول الشرق الأقصى تكبدت شركات الطيران خسائر بقيمة 28 مليار دولار فى عام 2020
لم يكن فى الحسبان أن تتوقف رحلات الطيران بين دول العالم وتغير مساراتها كما يحدث حاليا .
الغاء فعاليات ومؤتمرات مهمة وأحداث رياضية يتم التخطيط لها منذ سنوات ، العالم كله يقف على قدم و ساق ، لقد أصبحت كورونا أو كيوفيد 19 الكلمة الأكثر تداولا على كل محركات البحث الالكترونية ،
وبرغم أن كورونا كابوس الهلع الذى خيم على الأخبار والأجواء وغير أهتمامات الناس الا أنه فرصة ربما تكون جيدة نوعا ما فى إتباع عادات صحية لم نألفها بيننا خاصة نحن العرب ، بالأمس رفض وزير الداخلية الالمانى مصافحة أنجيلا ميركل فى إجتماع يشهده عدد من الوزراء وبرغم أن الموقف محرج إلا أنها قابلته بمرح شديد ينم عن الفهم والبساطة فى التعامل بدون تشنج أو غضب وقد آن الأوان أن نتخلص ولو على الأقل من الترحيب المبالغ فيها و تنتشر فى مجتمعنا ونظافة الشوارع والأماكن العامة مسؤوليتنا جميعا .
ربما يدق كورونا جرس الإنذار للعالم أن يحول الصراع المحموم حول صناعة الأسلحة الفتاكة إلى البحث عن علاج وصناعات تساهم أن يعيش البشر فى صحة جيدة وأمان خاصة بعد أن عرف الجميع أن الخطر ربما يكون على هيئة كائن لا يمكن رؤيته أو القضاء عليه بسهولة برغم صغره المتناهى.