من تحت الماء.. رسالة «غريق النيل» إلى ضمير مصر

من تحت الماء.. رسالة «غريق النيل» إلى ضمير مصرمن تحت الماء.. رسالة «غريق النيل» إلى ضمير مصر

أحوال الناس3-6-2017 | 04:00

مساء الخير يا فندم. رمضان كريم، وآسف على ازعاجك. يا ريت لو تقدر تساعد.. أكون شاكر لسيادتك. بياناتى الشخصية من بطاقة الرقم القومى كالتالى: أنا المواطن تامر حسان سالم، أبلغ من العمر ٢٩ عاما، مصرى، مسلم، مقيم بقرية العزيزية مركز البدرشين محافظة الجيزة، والآن أقيم فى بطن النيل، ولا تستغرب تغيير محل إقامتى الجديد، فلم يكن باختيارى. أعمل بشركة لصناعة السفن بركن فاروق بحلوان تدعي "شركة حلوان للمقاولات"، مقرها بجوار نادى القوات المسلحة الاجتماعي. في صباح يوم الأربعاء الماضي، الخامس من شهر رمضان المعظم، كعادتى كنت ذاهبًا مبكرا إلى عملى، وفى تمام التاسعة صباحا استبدلت ملابسى، وبدأت في مزاولة مهمام عملى مع أحد زملائى. وتابعت عملى بصحبة زميلى على متن قارب صغير، لإجراء عملية لحام لأحد المناطق في جسم إحدي السفن الكبيرة بالشركة، ولا يخفى على أحد، أننى كنت أعمل دون حزام أمان، أو آيا من معدات السلامة والصحة المهنية، مثل غالبية العمال فى مصر، التى تطالهم يد الأهمال، بحجة نقص موارد الشركات وخلافه من الكلام المتداول بهذا المعنى. أراد لى الله - ولا راد لقضائه - أن أسقط من على متن القارب الصغير ليبتلعنى النهر، وأنا صائم، ورغم أن النيل واهب الخلد للزمان إلا أنه أبىّ أن يمنحنى فرصة، ونفّذ أمر ربه بى، ولم يلقنى بالساحل، وحتى لم ينج بدنى، وتناولنى بين أمواجه حتى فارقت الحياة. وينقضى يوم الأربعاء وليلة الخميس وضحاه، وهكذا الجمعة الأولى من رمضان وليلتها الطاهرة، وهذه ليلتى الثالثة وأنا ما أزال غريقًا في المياه، والحقيقة أنى لست هنا وحدى، فمعى كثيرًا ممن سقطوا. أناشد ضمائركم، أن أدفن إلى جوار الأهل والأحباب، وألا أدفن فى بطون السمك.. أناشد كل الجهات المسئولة، إنتشال جثمانى من النهر، وأستطيع أن أساعدكم فى البحث، فلونى تحول إلى الأزرق.. أناشدكم أن ترحموا أمى وأبى من افتراش الطريق أمام مقر الشركة منذ صباح الأربعاء وإلى الآن.. أناشدكم أن تمنحوهم فرصة لأخذ العزاء وإقامة مزار لى فى دار الوحشة. إن لم تجيبنى ضمائركم فإن الدائرة تدور عليكم، سواء مسئولى الإنقاذ النهري بمحافظة القاهرة، أو صاحب الشركة وعمالها الذين تهاونوا فى حق زملائهم من البسطاء. حرر الرسالة: عمرو حسين
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2