"هياكل الفراخ وتقاطيع اللحوم و بواقي الجاتوهات".. أكل الغلابة.. بواقى الأغنياء !

"هياكل الفراخ وتقاطيع اللحوم و بواقي الجاتوهات".. أكل الغلابة.. بواقى الأغنياء !"هياكل الفراخ وتقاطيع اللحوم و بواقي الجاتوهات".. أكل الغلابة.. بواقى الأغنياء !

*سلايد رئيسى22-2-2017 | 22:30

كتبت : ياسمين وهمان – سارة رفعت

جميعنا ينزل إلي الأسواق أو إلي الهايبر ماركت لشراء احتياجاته اليومية من اللحوم والخضروات، وجميعنا أيضا يشتكي من ارتفاع أسعار اللحوم والدجاج والأسماك والتي وصلت الي حوالي130 جنيها لكيلو اللحم الواحد ومع ذلك يشتريها البعض فماذا سنفعل...؟، ولكن تلك الأسعار دفعت فئة كبيرة من المصريين وهي ليست بقليلة في جميع أسواق مصر إلي شراء لحوم بدون لحوم ودجاج بدون دجاج نعم هذا أفضل مسمى لما رأيناه في بعض الأسواق المصرية،فى أحد الأسواق الموجودة في حي إمبابة لتجد طابورا مزدحما من النساء اللاتي يتقاتلن للحصول علي " هياكل الفراخ " لشرائها ويصل سعر الكيلو فيها إلي 10 جنيهات والأجنحة لـ 20جنيها وتوضع في العراء دون ثلاجات أو أي وسائل حماية في هذا الجو الذي يفسد أي شيء وعلي الرغم من ذلك تجد زبائنها، وعندما سألنا عن سر هذا الازدحام أجابت إحداهن " ايوه بنشتري هياكل الفراخ عشان نحصل علي مرقة نطبخ عليها يبقي ولا ندوق الظفر و لا نشمه هنعمل إيه في الأيام اللي إحنا عايشينها وانتي فاكرة إن إحنا بنلاقيها بسهولة دي بتكون بالضرب من الساعة عشرة الصبح نقف في الطابور عشان نشتريها فسعر كيلو الفراخ وصل لـ 30جنيها وهتلاقي آخر اليوم الهياكل خلصت قبل الفراخ نفسها" هذا مشهد.

"عصافير مقلية "

وتنتقل إلى أحد المشاهد الغريبة الأخرى والذي كان مثيرا للاستفهام لتجد امرأة عجوز تقف على مقلاة قديمة وتقوم بتحمير كائنات صغيرة أشبه بالحمام ولكنها أصغر بكثير ويقف عليها بعض الأطفال والشباب لشرائها وتسأل ما هذا الشيء الغريب لتجد أنها "عصافير مقلية " نعم فالمصريون أصبحوا يأكلون العصافير فلم تعد للزينة فقط وإنما للأكل أيضا ويصل سعرها إلى  2ج للعصفور الواحد وتجد من يشتريها ويأكلها باستمتاع عجيب وكأنه يأكل حماما محشيا كوصف أحد الأطفال الذي قال " أعمل إيه عايز أدوقها وبيقولوا إن طعمها زي الحمام فعشان كدة بحب أجبها علي طول وأقول لأصحابي إني أكلت حمام ".

" بواقي "

ولم تنته المشاهد عند هذا الحد لتجد( طعام 5 نجوم) كما يطلق عليه أهل السوق وله ممر خاص به فتجد فيه كل ما لذ وطاب ولكن " بواقي " فتجد بواقي الجاتوهات الموضوعة على بعضها في طبق عميق بالإضافة إلى بواقي اللحوم المطهوة وهي تشبه الفتافيت وتسمي ب"خرج الفنادق" وهناك قسم آخر لحلويات الأطفال لتجد تلال من الشيبسي المكسر الموضوع بطريقة غير آدمية في "أكياس زبالة" وتجد الأمهات يشتروها لأطفالهن في سعادة بالغة وكأنهم قاموا بشراء شيء ثمين.

ويعتبر هذا الممر من أكثر الممرات ازدحاما فهو طعام 5 نجوم كما يقولون وكباقي الأطعمة الموجودة في السوق فهي معرضة للهواء الطلق دون تغطيتها حتى من الحشرات وعندما تسأل عن سر شراء هذا النوع من الطعام تجاوب إحداهن " الممر موجود هنا في السوق من سنتين تقريبا وجربنا الجاتوهات بتاعته جميلة وبتقضي الغرض وبنشتريها بالكيلو فأنا معايا أربعة أطفال ومقدرش أشتري لكل واحد قطعة ب 10 أو 11 جنيها فبقيت أشتري الجاتوهات الموجودة في السوق أما اللحمة فأكيد دي لحمة نضيفة دي بتاعت فنادق وبنظبطها بشوية توابل وطعمها بيبقي زي الفل".

وعندما انتقلت عدسة "دار المعارف" إلي أحد الأسواق الأخري الكائنة في حي فيصل وجدت كثيرا من المشاهد المشابهة لسوق إمبابة فهو مقسم إلي العديد من الأقسام يضاف إليها قسم "الفواكه والخضروات المضروبة" أو التي تباع بنصف السعر والتي تجد عليها ازدحاما غريبا وكأن المشتري لم يعد يرى الأعطاب الموجودة في ثمرة الفاكهة أو الخضار أو يتغاضى عن رؤيتها فتجد بواقي الموز بدلا من 7 ج يصل إلي 3ج والطماطم بدلا من 3 ج تصل الي 60 قرشا وتستطيع أن ترى بالعين المجردة الحشرات وهي تتحرك بحرية على ثمرة الطماطم وبعدها نسأل من أين تأتي إلينا تلك الأمراض؟.

"سقط الدبايح"

والأمر لا يقتصر على ذلك وإنما هناك قسم لشراء "سقط الدبايح" وهي عبارة عن  "الفشة والكرشة والطحال ولحم الرأس والممبار " وغيرها من "حلويات الدبيحة" كما يطلقون عليها ،وتقول إحدى النساء المنتظرة دورها في شراء إحدى هذه الحلويات "انتي فاكرة إن الحلويات دي رخيصة دي بيوصل تمنها لـ 60 ج لجوز الكوارع وممكن الحاجات التانية تبقي أرخص شوية علي العموم أدينا بناكل اللي علي أدنا وخلي الهبر للي يقدر عليه، ده وصل كيلو اللحم الصافي لـ 130 جنيها وأكتر والله أعلم هتوصل لكام تاني".

"التقاطيع"

وفي قسم ثاني للحوم أو أشباه اللحوم المليئة بالسمين وتسمي "بالتقاطيع" ويصل ثمنها الي 40 ج ويشتريها الناس بشراهة ولم نترك شيئا من " الدبيحة" حتى العظام أصبحت تباع بالكيلو ويطلقون عيلها "الماسورة" وعندما تسأل عن شراء تلك العظام فتعتقد من النظرة الأولي أنها وجبة كلاب فتجد البعض يشتريها للحصول على شوربة للطبخ أو " للمصمصة " كما قالت أحد النساء حيث يوجد بها قطع من اللحم الصغيرة والتي من المفترض أنها صالحة للأكل وتعتبر أرخص من "التقاطيع".

وتلاحظ الإقبال الكبير على اقتناء المواد الغذائية سريعة التلف وبأسعار زهيدة مثل الأجبان والأسماك المثلجة وعلب التونة والعصائر المجهولة المصدر واللانشون والشوكلاته وغيرها من المنتجات الغريبة والتي تجد البائعين يفترشون أحد الأرصفة ويعرضون بضاعتهم واذا أمسكت أحد تلك المنتجات تجد من أهم الملاحظات المكتوبة عليها " تحفظ بعيدا عن الشمس " لتجدها كلها معروضة في الشمس لتتفاعل المادة الحافظة معها ولا ندري ماذا يحدث داخل معدة المصريين، ولكن عنصر السعر يلعب دورا كبيرا في زيادة الإقبال على هذه المواد رغم ما تشكله من خطورة كبيرة على صحة المصري الذي أصبح غير مكترث تماما بها.

"الغلابة"

وقال سلامة محمد: "إن هذه الأسواق تنفع الغلابة اللى زينا، واللى مش عاجبه، عنده المحلات التانية يشترى منها، العيشة مش هنقدر عليها لو معملناش كده"، واتفق معه العديد.

ومن جانبها قالت فوزية عبد الحميد: "لا أشترى أى أغذية من السوق، لأنى لا أعرف مدى جودتها، وأطالب بتشديد الرقابة وزيادة عدد مفتشي البلديات لتغطية كافة الأسواق، فضلاً عن تكثيف الحملات التوعوية لتعريف المواطنين بمدى الأضرار التى تنجم عن شراء مثل المنتجات التى تباع فى هذه الأسواق، فغرض هؤلاء الباعة الحصول على المال، لذا مطلوب من كل مواطن أن يتفحص الطعام المقدم إليه والأدوات التي يتم تقديم الطعام إليه فيها، فمثلاً كيف يمكن أن يستسيغ المستهلك شراء فطائر بلدى من سيدة تقعد بها وسط هذه الأتربة والزبالة".

حماية المستهلك

ولم تختلف عنها فى الرأى سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك قائلة: "الأسواق الشعبية بها العديد من المنتجات، ونخشى أن المواد الغذائية التي تُعرض فيها تكون فاسدة أو تتعرض للفساد أثناء عرضها للبيع عن طريق أشعة الشمس والغبار والملوثات للسلعة المكشوفة مؤكدة أن أغلب حالات التسمم تأتي بسبب هذه المنتجات ، لذلك نتمنى فرض الرقابة المشددة لسلامة صحة المواطن الذي غالبا لايكترث لمثل هذه الأشياء بقدر ما يهتم بالأسعار التي باتت تؤرق المجتمع".

وأكد عبد الناصر عارف المستشار الإعلامى السابق للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والوادرات، على أهمية زيادة الاشتراطات الصحية وتكثيف الرقابة والحملات على المطاعم الصغيرة قبل الكبيرة والمنشآت الغذائية بأكملها وفرض العقاب الرادع عليها، مُشيراً إلى وجود العديد من المواد الغذائية غير المناسبة التي يتم نقلها للمستهلك وهي غير مطابقة للمواصفات والاشتراطات الصحية، لافتاً إلى كونها قد تتصف بصفات شكلية جيدة، إلا أن العوامل المتعلقة بالنقل والتخزين تؤثر على مدى جودتها.

وأضاف، أننا بحاجة إلى أن جهة رقابية تكثف جهودها، خاصة أن إهمال بعض المطاعم وعدم الالتزام بالشروط الصحية يؤدى الى الإصابة بالتسمم، مطالبا أن يلتزم أصحاب المطاعم بالرقابة الذاتية وتوفير شخص مسئول مهمته رقابة الجودة في المكان والتأكد من مدى جودة الخدمة المُقدمة كما يحدث فى الدول الأوروبية.

وأضاف أنه لابد من إعادة النظر في التدقيق على الالتزام بنظافة الأطعمة والأماكن التي تباع فيها المواد الغذائية، خاصةً عند وجودها في محيط يحتوي على العديد من الملوثات بالإضافة إلى التركيز على نظافة العامل نفسه الذي يعمل على إعداد هذه الأطعمة، لأن هناك تدنيا فى مستوى النظافة داخل مطابخ المطاعم الشعبية ومنها: عدم ارتداء العاملين زيا نظيفا، وعدم ارتدائهم قفازات وغطاء للشعر خلال إعداد المأكولات.

ومن ثم شدد على الرقابة على المصانع والمحال التجارية والأسواق الشعبية لملاحقة المخالفين والحد من انتشار الأغذية منتهية الصلاحية أو التي طالها التلوث في المصانع التي لا تراعي توفر البيئة الصحية.

ويرى حسين منصور رئيس وحدة سلامة الغذاء التابعة لوزارة التجارة والصناعة، أن الأسواق الشعبية يحدث بسببها الكثير من حالات التسمم والغش التجارى، مشددا على أهمية إنشاء هيئة قومية للغذاء تكون مسئولة تماما عن الغذاء بدءا من إنتاجه وحتى وصوله إلى المستهلك، لتحقيق رقابة حقيقية على تداول وإنتاج السلع الغذائية المختلفة والسيطرة على عمليات غش الأغذية، مشيرا إلى أن معظم المنتجات الغذائية التى تباع فى هذه الأسواق يجرى تصنيعها فى مصانع "بير السلم" ولكن الرقابة لا تقوم بدورها.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2