نشرت صُحُف ووسائل إعلام إسرائيلية مؤخراً بداية من مساء 3 يونيو 2017 أخباراً وتغطيات ادعت أن إسرائيل خططت في الخامس من يونيو الحزين عام 1967 ضمن استعدادات الخطة B)) لقصف الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء بالقُنبلة النووية في حالة أن فشلت ضربتها الجوية وبدأت الدول العربية تحت قيادة مصر مُهاجمتها من كُل اتجاه.
ولأن ذلك الموضوع بالتحديد، وحيث جاهزية القُنبلة النووية في 5 يونيو عام 1967 من أساسه كذبة كبيرة أود طرح التالي تأسيساً على بيانات رسمية وحكومية دولية حقيقية وليس بيانات إعلامية مُضللة وكاذبة جُملة وتفصيلاً:
من الثابت أن إسرائيل هي الدولة النووية السادسة على مُستوى العالم بعِلم مُنظمة الأُمم المُتحدة، حيث شُيد مُفاعلها النووي الأساسي الشهير عام 1966 بمُحيط مدينة ديمونة Dimona"" على مسافة 36 كيلو متراً جنوب مدينة بئر السبع في صحراء النقب.
إسرائيل هي إحدى أربعة دول عصية على نووي المُجتمع الدولي مع الهند وباكستان وكوريا الشمالية على المُستوى الدولي لم تعترف إسرائيل ولا مرة بامتلاكها القُدرات النووية كما لم تنف ذلك أيضاً.
السياسة الإسرائيلية الرئيسية ألا تكون الدولة العبرية هي الدولة النووية الأولى بمنطقة الشرق الأُوسط استخداماً للسلاح النووي وقت الطوارئ كما أنها لن تكون الدولة الأخيرة باستخدام الخيار النووي للدفاع عن كيانها من التدمير.
وأول تفاهُم نووي بين إسرائيل والولايات المُتحدة الأمريكية وقع في سرية تامة بتاريخ 10 مارس عام 1965 بينما تُعتبر إسرائيل الدولة الثانية الموقعة على اتفاقية الاستخدامات السلمية النووية بعد الولايات المُتحدة الأمريكية في 12 يوليو عام 1955 وهي الاتفاقية الدولية التي خرجت للنور بتاريخ 20 مارس عام 1957.
ومع ذلك لم توقع دولة إسرائيل على مُعاهدة منع الانتشار النووي بسبب سياسة (التعمية والتجهيل) فهي لا تعترف بامتلاك النووي وكذلك لا تُنكر وتُصنع القُنبلة الهيدروجينية مُنذ عام 1980 فيما يُعرف طبقاً للوثائق الأمريكية بمرحلة (إسرائيل ما بعد النووي).
طبقاً للبيانات الأمريكية الرسمية الحقيقية تمتلك إسرائيل 80 قُنبلة نووية متوسطة الحجم بينها 50 مُحملة على رؤوس نووية للصاروخ (أريحا 2) المتوسطة المدى و30 تُلقى من الجو بواسطة القاذفات الأمريكية الصُنع المُختلفة.
من الثابت أن البروتوكول النووي الإسرائيلي – الفرنسي السري الأول وقع في عصر 17 سبتمبر عام 1956 بينما وقع التعاقُد النهائي بين تل أبيب وباريس في الثالث من أكتوبر عام 1957.
بدأ مُفاعِل ديمونا العمل بقُدرة نووية قوتها 24 ميجا وات موديل فرنسي طراز EL-102 في عام 1957 وتم تجديده سراً حتى تحول في عام 1980 إلى قُدرة 150 ميجا وات.
بينما بدأ الإنتاج الفعلي داخل مُفاعل ديمونا نحو إنتاج أول قُنبُلة ردع نووية إسرائيلية مع مُغادرة آخر مُستشار فرنسي إسرائيل نهاية شهر ديسمبر عام 1966 وكان ذلك بطلبٍ من الحكومة الإسرائيلية بعدما أوقفت باريس تفعيل البروتوكول النووي السري بين البلدين وامتنعت باريس عن استكمال تزويد إسرائيل باليورانيوم المُخصب الذي يحتاجه المُفاعل بديمونا لإنتاج القُنبلة النووية بداية من ديسمبر عام 1963 بسبب قوة الضغوط الدولية.
ومع ذلك نجحت إسرائيل عام 1965 دون عِلم باريس في شراء اليورانيوم المُخصب سراً من دولة الجابون الإفريقية التي كانت تُعتبر مورد اليورانيوم الرئيسي إلى فرنسا نفسها وعلى ذلك حققت أجهزة المعلومات ووزارة الخارجية الفرنسية بالموضوع لكنها فشلت بإثبات الصفقة في ذات التوقيت استمرت إسرائيل في جلب اليورانيوم المُخصب حتى حصلت على 90 طناً من دولة الأرجنتين في سرية تامة بين عامي 1963 – 1966.
شُيدت أول حظيرة إسرائيلية في قلب مُفاعِل ديمونا لفصل اليورانيوم المُخصب فقط في نهاية عام 1965 والجدير بالتوثيق الدقيق أن مُفاعِل ديمونا تكلف (بالكامل) حتى عام 1960 مبلغاً وقدره 80 مليون دولار أمريكي.
بدأ مُفاعِل ديمونا العمل بقدرة نووية كاملة فقط في نهاية شهر ديسمبر عام 1966 وأكدت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA أن إسرائيل كان لديها المواد التي تُمكنها من تصنيع أول قُنبلة نووية فقط في بداية شهر مايو عام 1967 لكنها لم تمتلك أية قنابل نووية جاهزة مثلما ورد مؤخراً في وسائل الإعلام صباح 5 يونيو عام 1967.
بينما سخرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA من الطرح الإعلامي الإسرائيلي الأخير الذي زعم بإمكانية إعداد قُنبلة برأس حربية نووية فقط خلال من 6 إلى 8 أسابيع مثلما أشارت بعض الصُحُف وأكدت وكالة CIA أن إعداد غُرفة أثاث من الأخشاب لعروس جديدة رُبما احتاج لوقت أطول.
ووثقت المُستندات الأمريكية الفنية التي لا جدال على مصداقيتها أن إسرائيل امتلكت فقط خلال عام 1974 بعض القنابل النووية الصغيرة الحجم لكنها لم تكُن جاهزة للاستخدام من الناحية العملية والعسكرية نهائياً وذلك من دون تجرُبة حقيقية للتفجير وهي من بدائيات علوم استخدامات القُنبلة الذرية.
وأن تل أبيب كان لديها بالتحديد الدقيق للغاية من 10 إلى 20 قُنبلة نووية في الفترة من عام 1974 حتى عام 1980 وأن العام 1980 شهد انقلاباً نووياً إسرائيلياً حيث أبدلت إسرائيل سراً مُعظم أجزاء مُفاعل ديمونا ورفعت قُدراته النووية إلى مُفاعل أمريكي من أحدث الأجيال بقُدرة 150 ميجا وات بدلاً من الفرنسي القديم قُدرة 24 ميجا وات، كما أصبحت لدى إسرائيل القُدرة على إنتاج 40 كيلو بولوتونيوم في العام.
وفي مُفاجأة من العيار الثقيل أكدت المعلومات الأمريكية الدقيقة أن إسرائيل امتلكت في عام 2000 عدد 75 قُنبلة نووية حقيقية جاهزة للاستخدام العسكري وأشارت معلومات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA أن حتى الدول الكُبرى لا تحتاج لأكثر من العدد المُشار إليه لإثبات ردعها النووي وبالنسبة لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وأشارت المعلومات الأمريكية أن الولايات المُتحدة نفسها استخدمت ضد اليابان كردع نووي نهائي قُنبُلتين فقط لا غير.
وكشفت المعلومات الأمريكية الموثقة نفسها أن واشنطن كلفت خلال عام 1960 العميد Warner D. Farr للتحقيق في إجراء إسرائيل تجارُب نووية سرية وأن وثائق تحقيقه أشارت إلى تجرُبة عام 1960 اجرتها فرنسا بالنيابة عن إسرائيل تحت أعين العالم.
لكن الاستخبارات الألمانية الغربية وثقت في عام 1963 تجرُبة غير مُكتملة أُجريت بصحراء النقب في موقع سري تحت الأرض وأن التجرُبة أحدثت زلزالاً شعرت به المنطقة حتى مصر.
والمؤكد طبقاً لوثائق حلف شمال الأطلسي وروسيا والبيانات الموثقة للقمر الاصطناعي الأمريكي Vela 6911 المزود بتقنية كشف وتصوير التجارُب النووية والذي أُطلق إلى الفضاء بتاريخ 23 مايو عام 1969 قد وثق بما لا يدع مجالاً للشك بتاريخ 22 سبتمبر 1979 التجرُبة النووية الإسرائيلية الكاملة والأولى جنوب المُحيط الهندي بالقُرب من جزيرة (الأمير إدوارد) بالتعاون مع دولة جنوب إفريقيا البيضاء.
وهي التجرُبة التي ذُكرت بدقة في وثائق أرشيف جامعة جورج واشنطن وظهرت لأول مرة عام 2016 تحت اسم وثائق Vela Incident وهي ذات الوثائق التي كشفت تشكيل لجنة تحقيق خاصة من قبل الرئيس الأمريكي الديمُقراطي ال39 جايمس إيرل كارتر الذي تولى مهامه خلال الفترة من 20 يناير عام 1977 حتى 20 يناير عام 1981.
وأن تلك اللجنة أوكلت للبروفسور الأمريكي Jack Ruina ملف التحقيقات التي أكدت في أكتوبر 1979 حقيقة إجراء إسرائيل لأول تجرُبة نووية بمُساعدة نظام الفصل العُنصري لدولة جنوب إفريقيا عقب توقيعها على مُعاهدة السلام مع مصر التي وقعت في واشنطن بتاريخ 26 مارس عام 1979 وهو ما ترتب عليه أزمة كبيرة مع القاهرة لم يُعلن عنها نهائياً في وثائق وتاريخ علاقات البلدين وكشفته الوثائق الأمريكية السرية للغاية.
عليه وبُناء على كُل ما سبق من بيانات ومعلومات وتواريخ رسمية موثقة بدقة بالغة من الدول الغربية التي تابعتها مع الأجهزة الأمريكية التي أشرفت على التحقيقات نكتشف بما لا يدع مجالاً لأي شك وتأويل أن القُنبلة النووية الإسرائيلية الأولى لم تكُن جاهزة للاستخدام في ميدان الحرب أو حتى للمناورة السياسة الفعلية بمنطقة الشرق الأوسط إلا في بداية يناير عام 1980 وليس مثلما زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخراً بأن الخطة الاحتياطية الإسرائيلية B كانت في صباح 5 يونيو عام 1967 لقصف القوات المصرية بداخل شبه جزيرة سيناء.
مُلاحظة: كافة الوثائق والمُستندات الدولية والأمريكية الرسمية والحكومية التي اعتمدت عليها المعلومات لدي كاملة.