أحمد عاطف آدم يكتب: كورونا وجائحة العزل الإجتماعى
أحمد عاطف آدم يكتب: كورونا وجائحة العزل الإجتماعى
لم يتخيل معظم سكان الكرة الأرضية أن زماننا المعاصر سيشهد أحد الأوبئة الفتاكة مثل كورونا !؟ - فالقدر دائماً هو مباغت وغير متوقع. وهذا الكائن الذى لا يرى بالعين المجردة تميز باستراتيجية المفاجئة وسرعة الإنتشار، حتى عند المتخصصين فى علم الفيروسات - ما يفسر تلك الأرقام المخيفة من الإصابات والوفيات. ولكن بعيداً عن آثار الجائحة البغيضة التى يلعب خلالها الموت مع البشر لعبة الكراسى الموسيقية عندما يتنمر ثم يستهدف بعض الأشخاص دون آخرين بواسطة هذا الوباء، فإن هناك وجهاً آخر رصدته بعض المراكز البحثية المهتمة برصد الظواهر الإجتماعية حول العالم مثل الطلاق.
فمن المحزن أن كورونا لم يكتفى فقط بضرب أجهزة المناعة والتنفس عند ضحاياه - بل طال أيضاً الحياة الإجتماعية بين الأزواج فتسبب فى تصاعد أرقام حالات الطلاق بشكل غير مسبوق عالمياً، حيث سجلت الولايات المتحدة الأمريكية نسباً مئوية متزايدة للطلاق بعد تطبيقها للحجر المنزلى كمعظم دول العالم تراوحت ما بين ٤٠ الى ٥٠ % عن الطبيعى قبل الوباء، وتؤكد هذه الأرقام السبب المتخفى وراء تلك الظاهرة وهو ما نستطيع أن نطلق عليه مجازاً "جائحة العزل الإجتماعى". ونقلت شبكة سكاى نيوز الإخبارية عن مسئول في مكتب للزواج بمدينة "دازهو" جنوب شرق الصين قوله: إن ٣٠٠ من الأزواج تقدموا بطلبات للطلاق منذ ٢٤ فبراير الماضي حتى منتصف مارس الحالى، بسبب اضطرار الأزواج إلى قضاء وقت أطول مع بعضهم البعض والمكوث في البيوت مع الإمتثال للحجر الصحي المفروض من قبل السلطات، وأن معدل الطلاق ارتفع مقارنة بما كان عليه قبل استشراء وباء كورونا، مضيفاً بأن الأزواج يقدمون على خطوة الطلاق بسبب النقاشات الحامية فيما بينهم، وهو نفس الامر الذى نقله موقع صحيفة "ديلى ميل" البريطانية.
وبالتدقيق فى التفاصيل سالفة الذكر لتوابع زلزال كورونا إجتماعياً ومقارنتها بحالنا فى مصر - سنجد أننا ندور مع العالم فى نفس الدائرة تقريباً، خاصة مع تراجع نسبة الدفئ العائلى الذى ميز علاقاتنا الزوجية لعقود وعقود، والدليل على هذا التراجع هو ما تناولته وسائل التواصل من إسقاطات تبدو فى ظاهرها كمزحة وخفة دم وباطنها رعب حقيقى من إجتماع اليوم الكامل بشريك العمر وما سيترتب عليه من صدامات. وأخيراً ما يجب قوله فى هذا الشأن هو ضرورة إستغلال وباء كورونا فى القضاء على جائحة العزل الإجتماعى التى فرضها علينا الفيروس اللعين بالترابط أكثر والعطاء ونكران الذات وتبادل الآراء فيما بيننا - يجب أن نصنع من المحنة فرصة تجتاحنا خلالها مشاعر إيجابية تدعم وتقوى روابط الحب والعشرة الطيبة.