سماح عطية تكتب: أزمة كورونا.. وأحزاب الـ «كي جي وان»
سماح عطية تكتب: أزمة كورونا.. وأحزاب الـ «كي جي وان»
صمت واختفاء غريب وغير مبرر شهدته الأوساط السياسية منذ اليوم الأول لاندلاع أزمة كورونا من قبل الأحزاب السياسية، والتي اختفت في ظروف غامضة في الأسبوعين الأول والثاني لظهور فيروس كورونا في مصر، وبدأت في الظهور حزباً تلو الآخر في "التريند" الجديد "ياللّا نعقّم علشان نتصور"، بعد أن فشل التريند القديم "شوفتني وانا بتبرع".
ظهر أعضاء عدد من الأحزاب التي تعد على أصابع اليد (من ضمن حوالي ١١٨ حزباً سياسياً في مصر) في منافسة شرسة للتعقيم والتقاط الصور الفوتوغرافية مع "جراكن" المطهرات ، لتتحول وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحات منافسة بين أحزاب للنظافة والتطهير والتعقيم، وكأن أزمة كورونا بكل تداعياتها تم اختزالها في "جركن" للمطهرات، أو برؤية تحليلية أكثر عمقاً للمشهد، "التطهير والتعقيم الحزبي".
للأسف لقد تحولت مقررات علم السياسة المصرية التي كانت تدرس مفاهيمها وتجاربها في جامعات العالم، إلى "لعبة" في أيدي أطفال في مرحلة الحضانة "كي جي وان".
لقد كان للأحزاب السياسية جذور عميقة فى تاريخ مصر، حيث نشأت وتطورت بتطور مفهوم الدولة الحديثة ذاته، وظهرت النبتة الأولى للحياة الحزبية المصرية بنهاية القرن التاسع عشر، ثم تشكلت وتبلورت خلال القرن العشرين، وتعاظم دورها خلال الحقب التاريخية منذ المولد عام ١٨٧٩ حتى الوفاة خلال عامي ٢٠١٩ _٢٠٢٠، في مقاومة النفوذ الأجنبي وإنقاذ مصر من الإفلاس، والدعوة للإصلاح وتنظيم التعليم، والحفاظ على الحريات المدنية والسياسية، وانتهت إلي التصوير مع "جراكن" الكحول والبطاطين!
لعل أعباء وأزمات الوطن لاتحتاج إلي التعقيم والتطهير.. إنما تحتاج لفكر ورؤى.. تحتاج للعلم والأيدلوجيات.. تحتاج لكبار وعمالقة الفكر السياسى المصري.. وليذهب أطفال "الكي جي وان" الي فناء آخر للهو واللعب وإلتقاط الصور.