عاطف عبد الغنى يكتب: هدية الإخوان التى لم ولن تصل إسرائيل !

عاطف عبد الغنى يكتب: هدية الإخوان التى لم ولن تصل إسرائيل !عاطف عبد الغنى يكتب: هدية الإخوان التى لم ولن تصل إسرائيل !

*سلايد رئيسى23-4-2020 | 15:11

25 إبريل عيد تحرير سيناء.. كل عام ونحن بخير.. وقد كتبت قبل أسبوع عن المدعو صلاح دياب محاولا كشف وتوضيح منطلقاته الفكرية والقيمية التى دعته لأن يتجرأ ويكتب ما كتبه فى جريدة "المصرى اليوم" من دعوته لتحويل سيناء إلى مقاطعة فى نظام حكم فيدرالى، وما تلى ذلك من بلاغات قٌدمت فى دياب، وخضوعه للتحقيق فى أكثر من جهة، ومنها ما يخص القضاء، وما يخص الجهات المنظمة للإعلام مثل المجلس الأعلى للإعلام. (1) وإذا كنت لا تعرف ما أتحدث عنه، فأنت مثل المتفرج الذى حضر عرضا مسرحيا متأخرا ففاته الجزء الذى يحمل عقدة المسرحية الدرامية والتى تتلخص فى الحالة التى نحن بصددها فى أن دياب المساهم والمالك الرئيسى لجريدة "المصرى اليوم" قرر عن عمد أن يطرح بالنشر من خلال جريدته فكرة فى غاية الخطورة، فكتب فى عمود رأى يحمل اسم وتوقيع "نيوتن" مطالبا أن يتم تغيير الوضع الدستورى للنظام السياسى المصرى فيما يتعلق بشبه جزيرة سيناء، تتحول فيه الأخيرة إلى أقليم فيدرالى له حاكم خاص، وحكومة وبرلمان خاص، وتمنحه من الصلاحيات السياسية مساحة واسعة، ولا تتدخل الحكومة المركزية لمصر فى هذا الأقليم إلا فيما يخص السياسة الخارجية للدولة والدفاع (!!). الفكرة خطيرة كما ترى، لكن صلاح دياب لا علاقة له بالإخوان، الذين كانوا ينتون فعل شىء شبيه بهذا قبل أن يبادرهم الشعب المصرى ويطردهم من الحكم فى مصر، ويمكننا فهم الخيط غير المرئى الذى يربط بين فكرة دياب وفكرة الإخوان بالنسبة لسيناء، إذا فهمنا الآتى: (2) تركيز الإعلام على دياب ينطبق عليه المثل "سيبنا الحمار ومسكنا فى البردعة"، لذلك سوف أحدثكم عن الحمار الذى يحاول أن يسلبنا سيناء بعد أن انتزعناها من فم الذئب الذى استعمرها بعد نكسة 67، وما حققنا هذا بسهولة ويسر ولكن ببذل أرواح الآلاف من الشهداء، وبالدم، والحديد والنار، واليوم يأتى حمار جالس فى واشطن أو نيويورك أو تل أبيب، فيتصور أنه من الممكن أن يختطف سيناء – مرة أخرى - من مصر فى لعبة، أو يتصور أن كل المصريين مغفلين من عينة الإخوان الذين لو استمروا فى حكم مصر أكثر من العام الذى حكموا فيه، لأهدوا لإسرائيل، أكبر هدية فى تاريخها بعد إعلان دولتها عام 1948، وذلك بأن يوفروا لها حلا مجانيا لأصعب مشكلة تواجه إعلان دولتها اليهودية العنصرية، وهى وجود الفلسطنيين، داخل الجدار العازل، وهى تعمل على طرد ما تبقى منهم فى الضفة الغربية، وتريد التخلص من كابوس من فلسطيني الشتات، وعددهم يتجاوز الخمسة ملايين. ولما كان قطاع غزة ضيقا بسكانه الحاليين، ولا يستطيع استيعاب المزيد، فإسرائيل تبحث عن مساحة من الأرض تطرد فيها الأخيرين، ووصل بها الأمر إلى أقنعاهم بردم جزء من البحر قبالة سواحل غزة، كان هذا بينما يخطط الإخوان – أثناء حكمهم - أن يفتحوا حدود مصر مع غزة، لتستوعب كل الفلسطنيين، وفى فكرهم أنه ليس هناك حدود فى دولة الخلافة، ومصر نفسها لن تكون دولة وطنية، ولكن ولاية من ولايات الخلافة يتم تشكيل حدودها كما يرى خليفة المسلمين الجالس فى اسطنبول أو الدوحة، وربما فى طهران إذا قهرت إيران الشيعية تركيا السنية. وكل ما سبق أفكار يعتقدها البعض وفيهم من يحمل الجنسية المصرية، ومثلهم الاشتراكيون الثوريون الذين يحملون الجنسية المصرية أيضا لكنهم يريدون هدم الدولة لإنشاء الأمة الشيوعية، ومثلهم الليبراليون الجدد الذين يتبنون أفكار العولمة والأممية وينادون بانتهاء عصر الدولة الوطنية، هذه هى الأفكار التى تهدد بشكل حقيقة دولتنا الوطنية. (3) وفى غمرة التحضير لصفقة القرن كانت ومازالت مراكز الفكر "الثنك تانك" التى يسيطر عليها الفكر الصهيونى فى الغرب، ومخططو ومهندسو صفقة القرن، يضعون فى سيناريوهاتهم سيناء كهدف بديل لحل مشكلة إعلان الدولة اليهودية، التى يؤخرها مشكلة الفلسطنيين فى الضفة، والمنادون بحق العودة، كما أسلفنا. ولكى تتأكد مما أقوله ادعوك للإطلاع على التقرير النهائي لفريق استراتيجية الشرق الأوسط الصادر عن المجلس الأطلنطي للولايات المتحدة الأمريكية والمنشور فى شهر أكتوبر عام 2016 ، وهو تقرير مهم وخطير اعتمد عليه صانع القرار الأمريكى، فى طرحه لما يسمى "صفقة القرن". وكان قد سبق إصدار التقرير زيارة لمصر قامت بها العجوز مادلين أولبرايت المشرفة على التقرير ووزير الخارجية الأمريكية الأسبق. أولبرايت التى لعبت دورا خطيرا فى هندسة ما سمى بـ"الربيع العربى" فى زيارتها لمصر أثناء إعداد التقرير، صرّحت لـ«المصرى اليوم» (الجريدة الوحيدة التى خصتها بالزيارة وباركتها عندما جاءت إلى مصر قبل هبات ما سمى بالربيع العربى). وفى زيارتها الأخيرة جاءت لتستطلع الآراء، وتجس النبض، وصرحّت أن المشاورات التى تم إجراؤها مع المسئولين فى مصر، وعدد من أعضاء مجلس النواب، ومجموعة من رجال الأعمال، وممثلى المجتمع المدنى، على مدار يومين، سوف تساعدهم فى تطوير أفكار جديدة حول كيف يمكن للمجتمع الدولى مساعدة شعوب المنطقة فى صياغة مستقبل أفضل !!!!. والقراءة الصحيحة لتصريحها تدعوك لتفسير عبارة "مساعدة شعوب المنطقة"، وشعوب المنطقة لا تعنى للصهاينة الأمريكان أبعد من إسرائيل، ومصالح إسرائيل، وأولبرايت اليهودية الصهيونية المتمسحة تلميذة شاطرة فى مدرسة الأفاعى الصهاينة الذين قادوا الإدارة الأمريكية لسنوات طويلة خلت، وعلى رأسهم اليهودى هنرى كيسنجر. (4) وبقى أن أنقل لك من توصية من توصيات التقرير النهائي لفريق استراتيجية الشرق الأوسط، الصادر عن المجلس الأطلسي للولايات المتحدة، وقد جاء في أحدى توصياته أن: " سيادة الدول على أراضيها شيء هام، ولكن تمكين الحكومات المحلية شرط ضروري إذا شاءت الدول أن تبقى ضمن حدودها الحالية." هل فهمت شىء مما سبق؟!.. أن ترتخى قبضة سيادة دول بعينها فى الشرق الأوسط على أراضيها، من خلال نموذج الدولة الرخوة، وهى فكرة ومخطط، يتبناه المؤمنون بالعولمة من النيوليبراليين المهوسين بتجربة الديموقراطيات الغربية فى الحكم، والذين يدعون إلى تطبيق النموذج الفيدرالى للحكم فى مصر - على غرار الولايات المتحدة الأمريكية – فتتحول المحافظات إلى مقاطعات، ويكون لها حاكم يتم انتخابه، وبرلمان وحكومة، وهكذا.. يتم دق الأسفين فى قلب مركزية الدولة، من خلال تمكين الحكومات المحلية لشد أطراف الدولة وتسهيل تفكيكها..
أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2