القس بولا فؤاد رياض يكتب: أريد رحمة لا ذبيحة

القس بولا فؤاد رياض يكتب: أريد رحمة لا ذبيحةالقس بولا فؤاد رياض يكتب: أريد رحمة لا ذبيحة

أحوال الناس23-4-2020 | 22:09

إن الله لا يريد ذبائحنا التى نقدمها بطريقة مظهرية شكلية ، وقلوبنا مملوءة شرا، ولكن الله يريد رحمة أي قلبا مملوء حبا ثابت ، يريد الأعمال الناشئة عن توبة و تغيير حقيقي في القلب . و هذا يتضح في تعاملاتنا برحمة مع بعضنا البعض ، و هذه ليست في طاقة البشر ، و لكن الله يهبنا هذا الحب و من خلاله نعمل رحمة مع الجميع ، الله يريد قلبا طاهرا ليس فيه فكر العظمة و الكبرياء و النقد و الإدانة.  كما قال معلمنا بولس الرسول " اِقْبَلُونَا. لَمْ نَظْلِمْ أَحَدًا. لَمْ نُفْسِدْ أَحَدًا. لَمْ نَطْمَعْ فِي أَحَدٍ. ( 2كو 2:7 ) .فالمحبة هى مقياس لكل تصرفاتنا ، وما الرحمة سوى تعبير عنها ، فالعبادة التى ترضى الله أكثر هى محبة أخى الإنسان. الله يضع الرحمة قبل الذبيحة ، لأنه فى الأساس يريد الرحمة "القلب" لا الذبيحة "التقدمة " ، أو تكون الذبيحة تعبيرا عن الرحمة والحب والتقوى ، وبالتالى فهو يرفض الذبيحة بدون الرحمة. الذبيحة كانت تقدم ككفارة عن الخطية لطلب الغفران ، ولكن كان يلزم فيها وقبلها وأهم منها الرحمة والمشاعر القلبية ( التوبة والندم والتأسف)  . الرحمة تحتوى المحبة : محبة الله وتوقيره ، ومحبة القريب ( كل البشر حتى الأعداء)  والإحسان للمسكين واليتيم والغريب والضيف والشفقة على المنحرفين وعدم إدانتهم وتقديم المعونة لهم لإنقاذهم ، والإيمان أى أن الله يصير الكل فى الكل الأول والآخر ، غاية كل عمل وخدمة فبدونه لن نقدر أن نفعل شيئا، فالإيمان هو الأساس والأعمال بغير إيمان لا شئ. الله يندد بالعبادة الشكلية الآلية : فى إدانته للرياء والسطحية وعبادة الشفاه ، يقول الرب عن اسرائيل " لأن هذا الشعب قد اقترب إلى بفمه وأكرمنى بشفتيه ، وأما قلبه فأبعده عنى " (اش 13:29). " لماذا تدعوننى : يارب يارب وأنتم لا تفعلون ما أقوله ؟"(لو46:6). فعين الله على القلب " الانسان ينظر إلى العينين ، أما الرب فإنه ينظر إلى القلب "(1صم 16:7) . ومكتوب أن محبة الله ومحبة القريب أفضل من جميع المحرقات والذبائح (مر34:12) . وبدون شركة القلب ، أى الإيمان وطاعة الوصية والتحرر من البغضة لا يصير للكلام وسائر ألوان العبادة والعطايا فائدة ، فالكلمات لا تصعد إلى فوق والتقدمات ترفض " ذبيحة الأشرار مكرهة الرب ، من يحول أذنه عن سماع الشريعة ، فصلاته أيضاً مكرهة " (ام 8:15 ). والمحبة فلتكن بلا رياء : يلزمنا القانون الإلهى ألا نكتفى فى علاقتنا مع الأخوة والأصدقاء والغرباء بمجرد الابتسامات المرسومة ، والمجاملات الشخصية وتبادل الهدايا والموائد اداءا للواجب، وانما تقديم محبة قلبية حقيقية خالية من التصنع ومشاركة في السراء ( ما يسر )  والضراء ( ما يضر )  ، محبة قادرة على الاعتذار والتاسف من ناحية ، والاحتمال والتسامح من ناحية آخرى ، فالمحبة مسئولية وتعب وعطاء وبذل وخدمة ، محبة قلبية بالعمل الحق أعظم عطية والتراحم والمودة تفرح القلب أكثر من الحفلات التى نتصافح فيها بالأيدي دون القلوب ، والهدايا التى تؤدى كواجب أو رد لمجاملة صادقة. فى الحياة العائلية : فإن الزوجة تريد من زوجها محبته واحترامه ومشاركته وأمانته قبل وأهم من هداياه وماله. والزوج يريد من زوجته قلبها واهتمامها ، واحترامها ، وتسامحها ، قبل خدماتها ومائدتها الحافلة.وكلاهما يستند على الحب والسلام مع لقمة يابسة خير من أن يمتلئ البيت بالخير ويفسده الخصام (ام 1:17). والأولاد يريدون من والديهم محبتهما ورعايتهما قبل المال والأشياء والميراث. والوالدان يريدان من والدهما حبهم والتزامهم وطاعتهم فى الرب واحتمالهم (خاصة عند الشيخوخة)  قبل هداياهم ومجاملاتهم الشكلية. كل عام وانتم بخير سنستقبل شهر رمضان المبارك شهر الصوم والعبادة مطلوب منا أعمال الرحمة مع المساكين والمحتاجين وخصوصا فى هذا العام الذى نعانى فيه من الآثار الاقتصادية السلبية نتيجة وباء فيروس كورونا. نرفع قلوبنا نحو الله أن يرفع عن بلادنا وعن العالم هذا الوباء. ....................................... القس بولا فؤاد رياض كاهن كنيسة مارجرجس المطرية القاهرة.
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2