داليا مجدي عبد الغني تكتب: مُقاطعة درامية غير منطقية
داليا مجدي عبد الغني تكتب: مُقاطعة درامية غير منطقية
أقرأ كثيرًا عن مُطالبات بمُقاطعة مشاهدة أحد الأعمال الدرامية؛ بسبب قيام أحد أبطالها بالإتيان بتصرف لم يلقَ قبولاً من الجماهير، وهذا التصرف يكون مرتبطًا بحياتهم الشخصية، سواء سلوك، أو رأي تم نشره على أحد وسائل التواصل الاجتماعي، أو في أحد البرامج، وهنا تثور ثائرة الجمهور، ويُناشد بعدم مشاهدة العمل الدرامي الذي يشارك فيه هذا الفنان أو تلك الفنانة.
وبالقطاع، هذا المطلب لا يرقى إلى الفكر السديد؛ لعدة أسباب، أولها أن كل شخص حر في التعبير عن رأيه، وثانيها أن حياة الفنان الشخصية شيء، والشخصيات التي يجسدها على الشاشة أمر آخر، وأخيرًا، أنه لم يحتكر العمل الفني لنفسه، فهو عنصر مشارك فيه بجانب عدة عناصر أخرى، فلماذا نحكم بمقاطعة الآخرين؟ فلو استهجن أحد أي سلوك لفنان، أو رفض أي رأي له، عليه أن يحصر ذلك في إطار الموقف، ولا يخرجه من سياقه، لدرجة أن يحكم على هذا الفنان بالإعدام، فالعمل الفني هو في الأساس رسالة، وعلينا ألا ننظر إليه على أنه أداة من الأدوات الخاصة بالفنان، فهو فقط يشارك فيه، والمنطق يقول أن نصفق له إذا نجح في تجسيد الشخصية؛ لأنه هنا سيكون نجح في جعلنا ننسى شخصيته الحقيقية، ونتعايش مع الشخصية التي قام بتجسيدها.
فلو نقبنا في حياة كل فنان، حتى توصلنا إلى أمور لم تروق لنا، وبناءً عليه قررنا مقاطعة أعماله الفنية والدرامية، سنتوقف عن مشاهدة التليفزيون، والذهاب إلى السينما والمسرح؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يجمع عليه أحد، وذات الأمر علينا أن نُقيسه على أنفسنا، فهل رفض الآخرين لبعض سلوكياتنا الشخصية، تمنعهم من التعامل معنا في إطار العمل، فبالقطع لا، فكل من له مصلحة عند أي في مجال اختصاصه، يذهب إليه حتى يقضي حوائجه، حتى لو كان رافضًا له على المستوى الشخصي.
فرجاء التفرقة بين تصرفات وآراء الإنسان الشخصية، وبين حياته المهنية، فلا يُوجد مبرر منطقي لهذا الخلط غير المنطقي.