تقرير كتبه: عاطف عبد الغنى
تصور – لاقدر الله – أن تضطر إلى اتخاذ أحد أصعب القرارات في حياتك، وهو مغادرة بلدك، مرغما على الفرار للنجاة بنفسك وأسرتك من نزاع مسلح أو اضطهاد أو استهداف بسبب عرقك أو دينك، أو جنسك أو آرائك السياسية، أو هرباً من انتهاكات حقوقك الإنسانية.
فى هذه الحالات السابقة التى تضطر معها للهرب بحثا عن مكان على الأرض أكثر أمنا وعدلا غير وطنك يُشار إليك فى هذه الحالة بوصف اللاجىء أو طالب اللجوء.
وبالطبع لن تكون رحلة اللجوء سهلة ميسرة، ولكن سوف تحفها الكوابيس، والأخطار والخوف.
فالإجراء الأول الذى يتخذ مع اللاجئين فور وصولهم إلى بلد جديد هو الاحتجاز من قبل سلطات هذا البلد، وغالبا يتعرض العديد منهم لممارسات العنصرية ورها بالأجانب والتمييز، ويواجه ونخطر الوقوع فريسة لعمليات الاتجار بالبشر والاستغلال.
وينتهي المطاف بآخرين في براثن الوحدة والعزلة بعد فقدان شبكات الدعم التي يعتبرها معظمنا أمراً مفروغاً منه: أي مجتمعهم المحلي وأقرباؤهم وأصدقاؤهم.
حقائق..
ومن الحقائق التى تكشفها منظمة العفو الدولية فى هذا الشأن أن هناك 244 مليون شخص يعيشون حالياً خارج البلدان التي وُلدوا فيها - حيث ارتفع عددهم من 152 مليون شخص في عام 1990، وأن 65.3 مليون شخص نزحوا قسراً نتيجة للنزاع أو الاضطهاد أو الكوارث الطبيعية، وأن 21.3 مليون شخص فروا عبر الحدود كلاجئين بحلول نهاية عام 2015، وأنه يوجد حالياً ما يزيد على 21 مليون لاجئ في العالم، تعيش الأغلبية العظمى منهم (86%) في المناطق النامية.
ما يخص مصر..
أما ما يخص مصر فى هذه المسألة، فنعود فيه إلى ما ذكره الرئيس السيسي في اجتماع مجموعة العشرين في سبتمبر من العام الماضى (2016) حيث قال إن مصر تستضيف 5 ملايين لاجئ ومهاجر، فمن هم الخمسة ملايين من اللاجئين والمهاجرين الذين تستضيفهم مصر؟
فى الإجابة على السؤال لابد أولا أن نشير إلى أن هذا الرقم يشمل حوالي 500 ألف لاجئ سوري
وفى شهر أغسطس من العام الماضى وجه مساعد وزير الخارجية هشام بدر نداءا صريحا بشأن اللاجئين إلى البرلمان الأوروبي ذكر فيه أن اتفاق اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا الذي تبلغ قيمته 6 مليارات يورو هو المسؤول عن تزايد أعداد اللاجئين في مصر.
وعلى الرغم من أن غالبية السوريين في مصر يعملون بلا تصاريح عمل، وهذا ما يميزهم عن السوريين في لبنان والأردن مثلاً، صحيح أن هذه النقطة قد تحرمهم قليلاً من حقوقهم في العمل إلا أنها في الوقت ذاته لا تعرضهم للمساءلة القانونية أو العقوبة أو الترحيل في حال تم اكتشافهم.
السوريون يقولون..
وفى تقرير نشر فى وقت سابق أشارت مراسلة "السورية نت" في مصر رهف سلطان إلى أنه مع طول أمد الحرب في سورية وجدت فئة ميسورة مادياً أن الأفضل لها أن تفتح مشاريع تجارية بما تملك من رؤوس أموال، سيما أن القانون في مصر يسمح للسوري بتملك الأراضي والمحلات التجارية، ومن هنا انتشرت المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية السورية بمختلف أنحاء مصر، حتى أن بعض المناطق بات يطلق عليها دمشق الصغرى، تمشي بها وكأنك تمشي بأحد أزقة دمشق، وتسمع لهجات سورية تتبعك أينما اتجهت، يسلم عليك كل من يعرفك ومن لا يعرفك حتى لا تحس بالغربة أبداً وأنت في وطن آخر.
لاجئون آخرون..
وبالإضافة إلى سوريا، يأتي اللاجئون إلى مصر من بلدان أخرى من العراق وإثيوبيا والصومال وجنوب السودان وإريتريا، والأرقام الفعلية هي أعلى عموما، من الأرقام الرسمية، وهذه الأرقام لم تتغير كثيرا بحلول أوائل عام 2016.
العراقيون أيضا جاءوا إلى مصر بعد الاحتلال الأمريكى لها ، وتجاوز عددهم المليون وسكنوا أيضا المدن الجديدة وأبرزها مدينة السادس من أكتوبر، والشيخ زايد، وعقلت أعدادهم فى السنوات الأخيرة بعد عودة كثير منهم إلى العراق، لكن ظل البعض هنا فى مصر بعد أن استقر بهم الحال وحققوا نجاحات فى مشاريعهم التجارية.
أما مفتاح العدد البالغ 5 ملايين التى أشار لها الرئيس عبد الفتاح السيسى فيدخل فيها عدد من اللاجئين السودانيين، حيث يشير تقرير صادر عن الجامعة الأمريكية في القاهرة عام 2006 يشير إلى أن السودانيين فى مصر يتراوحون بين 3 و 4 ملايين، والحكومة الكندية ذكرت من 2 إلى 5 مليون كما هو الحال في تقرير عام 2011 الصادر عن مبادرة الحقوق الشخصية المصرية.
وأعطى اتفاق الحريات الأربع بين مصر والسودان لعام 2004 مركزا متميزا للسودانيين فى مصر، غير أن التنفيذ الفعلى للاتفاقية لم يمنح الطابع الرسمي على وضعية الكثير منهم ومع ذلك، لا يزال الكثير من السودانيين يأتون إلى مصر كما لوحظ من أعداد اللاجئين المسجلين وكثير منهم يختفون في مدن مصر والبلدات في حين يحاول البعض الآخر الذهاب إلى أوروبا أو إسرائيل كمهاجرين غير شرعيين.