عمرو فاروق يكتب: لماذا بئر العبد؟

عمرو فاروق يكتب: لماذا بئر العبد؟عمرو فاروق يكتب: لماذا بئر العبد؟

الرأى3-5-2020 | 12:32

زادت وتيرة الأعمال الإرهابية في مدينة بئر العبد بشمال سيناء، دونا عن البقع الجغرافية السيناوية الأخرى، من قبل العناصر التكفيرية في إطار حربها واستهدافها للأجهزة الأمنية المصرية، التي اتخذت على عاتقها تطهير سيناء بالكامل مع الاتجاه للتوسع في تطور التنمية الاقتصادية. وذلك لعدة أسباب يمكن اختصارها فيما يلي: أولاً: انتشرت العناصر التكفيرية داخل سيناء، بين مركز رفح، والشيخ زويد، ومدينة العريش والمدن المحيطة بهم، ليتشكل بذلك مثلث "العريش رفح الشيخ زويد". ثانياً: تمكنت الأجهزة الأمنية المصرية من فرض سيطرتها خلال السنوات الماضية على الشريط الحدودي الشرقي، ومثلث رفح العريش الشيخ زويد، لاسيما منذ العملية الشاملة 2018، التي أجهضت مشروع العناصر التكفيرية بالكامل، وجففت منابع ومصادر التمويل. ثالثاُ: في إطار التضيقات الأمنية على الشريط الحدودي، أصبحت حركة العناصر التكفيرية منعدمة بشكل كبيرة داخل مثلث العريش رفح الشيخ زويد، نتيجة انشاء جدار "العريش الجنوبي"، المزود ببوابات وكاميرات مراقبة وأجهزة إلكترونية، فضلاعن تنفيذ حرم المطار الآمن، وتدشين ارتكازات عسكرية حصينة بشكل عرضي جنوبي المدينة، ما جعل مدينة العبد وقراها مقصدا لعملياتهم الإرهابية، لأسباب متعددة. رابعاً: تعتبر مدينة بئر العبد مقرا للتيار الصوفي، المناهض بقوة للتيارات الوهابية والسلفية الجهادية، وقد شهدت أكبر مذبحة في تاريخ مصر على يد العناصر التكفيرية، بمسجد الروضة اثناء صلاة الجمعة في نوفمبر2017، وأسفرت عن 305 شهيدا و128 مصابا. خامساً: تعتبر مدينة بئر العبد، مركزا لمجموعة من القبائل التي لعبت دورا وطنيا على مدار التاريخ المصري الحديث، أمثال قبيلة السواركة، وقبيلة البياضية وعشائرها المختلفة، وقبيلة الأخارسة، وقبيلة الدواغرة، وقبيلة العقايلة، وقبيلة المساعيد، ما جعلهم مستهدفين بقوة من قبل العناصر التكفيرية، التي أعدت خلال شهر أبريل الجاري، منشورا ضم قائمة اغتيالات جديدة لعدد من أبناء ومشايخ قبائل مدينة بئر العبد، نظرا لدعمهم المؤسسة العسكرية والشرطية في مكافحة الإرهاب والقضاء على مخلتف العناصر الموالية له، واختتم المنشور بتوقع ما يسمى بـ"مسؤول الجهاز الأمني"، لـ"ولاية سيناء". سادساً: تمثل بئر العبد حاليا منطقة نشاط حيوي وتنموي، لما لها من أنشطة متعددة زراعيا وصناعياً، في إطار خطة الدولة المصرية لتنمية محافظة شمال سيناء، ويوجد بها أكبر المزارع السمكية في مصر، إذ يحدها شمالا بحيرة البرودويل التي يبلغ طوها 50 كيلو تقريبا. سابعاً: منطقة بئر العبد من المناطق الواعدة استثماريا لموقعها الاستراتيجي بالقرب من محور قناة السويس والإسماعيلية، وميناء بوسعيد والعريش. ثامناً: مازالت سلفية غزة تمثل داعما قويا للتنظيم التكفيري على المستوى التقني واللوجستي والفكري، فضلا عن تعاون بعض العناصر الإجرامية من المهربين وتجارة المخدرات والسلاح مع التنظيم، ما يحقق له مساحة من التواجد إعلاميا. تاسعاً: تعتمد التنظيمات التكفيرية داخل سيناء بشكل عام في إطار مواجهتها للأجهزة الأمنية المصرية، على ما يسمى بـ"حرب العصابات"، أو "حرب البرغوث والكلب"، وهي عمليات تدخل في إطار"حروب الشوارع" بعيدا عن المعارك النظامية، واستراتيجيات المواجهة المسلحة التقليدية. عاشراً: العناصر التكفيرية، تسخدم اسلوب "الخطف والذبح"، تجاه عدد من أبناء مدينة بئر العبد مؤخرا من باب الترهيب، ومحاولة تحجيم التعاون المتسمر بين ابناء شمال سيناء والأجهزة الأمنية المصرية، لمواجهة التنظيمات الإرهابية. الحادي عشر: تمنح استراتيجية "حرب العصابات"، العناصر التكفيرية نوعا من الحماية والاستمرارية، والقدرة على البقاء إلى حد ما، نتيجة اعتمادهم على العمليات الخاطفة، فضلا عن استخدامها لخلايا "التماسيح"، و"الانغماسيين"، لما تكبده من خسائر فادحة بأقل الإمكانيات، وهي حروب تحتاج إلى سياسة النفس الطويل. الثاني عشر: تسعى العناصر التكفيرية لتنفيذ مجموعة من العمليات داخل المناطق البعيدة عن الشريط الحدودي، بهدف تخفيف القبضة الأمنية عن مثلث العريش رفح الشيخ زويد، لاسيما أن عملياتها داخل بئر العبد تمثل ضعفا عن الاستمرار والبقاء داخل المشهد السيناوي، فضلا عن محاولة تنفيذ عمليات في العمق القاهري، كنموذج خلية "المطرية" التي سعت لتنفيذ سلسلة من التفجيرات المتزامنة تجاه عدد من كنائس القاهرة خلال عيد احتفالات اعياد الربيع، بهدف إرباك وتشتيت جهود المؤسسات الأمنية المصرية. الثالث عشر: اعتماد العناصر التكفيرية، على ما يسمى بـ"حروب العصابات"، لا يعني أنها عناصر عشوائية، أو غير مدربة، أو ليس لديها لجان للتدريب والرصد والمراقبة والتتبع عن بعد للأهداف المطلوبة، في ظل تبعيتها ودعمها من قبل تركيا وقطر، ماليا ولوجستيا. الرابع عشر: تعتبر سيناء بشكل عام في عقل ووعي التنظيمات التكفيرية، وفقا لعدد من الدراسات والوثائق التي تم نشرها من قبل تنظيم "القاعدة"، وتنظيم "داعش"، وحرضت بشكل مباشر على التمركز داخل شمال سيناء، باعتبارها البوابة الرئيسية لتمصير الحالة الجهادية، مثل وثيقة "مصر والطريق إلى أمة الخلافة"، التي كتبها المرجع التكفيري الشيخ أبو بكر أحمد، وطرحت مشروعا لتفكيك الدولة المدنية، والجيش المصري، والسيطرة على مصر وسيناء تحت مسمى "جهاد التمكين"، إضافة لوثيقة "سر الأحجية المصرية"، التي صاغها الداعشي أبومودود الهرماسي، ودعت إلى ما يسمى بـ"فتح مصر" وتقسيمها إلى "ولاية سيناء"، و"ولاية القاهرة"، ووثيقة "هلموا إلى سيناء" التي كتبها "أبو مصعب الغريب"، ودعت إلى تحويل سيناء إلى "ولاية إسلامية". الخامس عشر: الأسلحة التي تستخدمها العناصر التكفيرية متطورة جدا، وليست بدائية كما يظن البعض، مثل "ستريلا"، هو نظام دفاع جوي صاروخي محمول على الكتف من نوع أرض جو قصير المدى، روسي الصنع، و" آر بي جي 7 "، ودوشكا Dshk ، وهو رشاش ثقيل سوفيتي، مضاد للطائرات وداعم للمشاة، و"شتاير إتش إس 50"، بندقية قنص نمساوية الصنع، ورشاش "بي كيPK"، ويتميز بقدرته على اختراق معظم الآليات والدروع عدا الدبابات كما أنه مؤثر في استهداف الطائرات على ارتفاع منخفض، فضلا عن بنادق "الشبح" طراز AK47، AKM ، ومنظومة صواريخ "كورنيت EM"، روسية الصنع، وتتمتع بقدرة على إطلاق صاروخين في ذات الوقت ما يشكل خطراً على المدرعات النظامية، وكذلك المدفع 23 مم "ثنائي" Twin ZU-23، من المدافع المضادة للطائرات، وهو سلاح فعال في الاشتباك مع الأهداف الجوية الموجودة على المسافات حتى 2500 متر.
أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2