إسلام كمال يكتب: كيف يمكن لمصر مواجهة سياسة إسرائيل في سوريا ؟!
إسلام كمال يكتب: كيف يمكن لمصر مواجهة سياسة إسرائيل في سوريا ؟!
خلال الأيام الأخيرة، حدث تغير كبير في إسلوب التعامل الإسرائيلى مع الملف السورى، حيث زادت جدا وتيرة الغارات والهجمات الجوية والمدفعية على الأهداف السورية، التى تقول إسرائيل إنها مرتكزات للحرس الثورى الإيرانى وحزب الله.
التغير الإسرائيلي في عدد الهجمات وتوقيتاتها ، حتى أصبحت يومية تقريبا بعدما كانت شهرية وأحيانا إسبوعية.. وأيضا فى نوعية الأهداف، حتى إن الإسرائيليين أستهدفوا منشآت أبحاث ، وصل ببعض التقارير تبريرها بإنها محتمل أن تكون هناك أنشطة داخلها لأبحاث على أسلحة كيماوية.
كل هذا التغيرات أدت إلى زيادة في حصيلة الضحايا من السوريين والإيرانيين، بخلاف الأضرار المادية، رغم أن منصات المنظومة الدفاعية الروسية تعمل، كما يقول السوريون، وتصطاد العديد من الأهداف الإسرائيلية المعتدية.
الإسرائيليون قاموا بهذا التغيير النوعى الاستراتيجى ، رغم أزماتهم السياسية المعقدة ، التى تعطل تشكيلهم حكومة حتى الآن ، بخلاف كارثة تفشي الكورونا الكبير لديهم ، والذي وصل لتأثر الجيش الإسرائيلي نفسه وأجهزة المخابرات المختلفة عملياتيا وفق المعلن على الأقل ، لكن رغم ذلك ، كان هناك إصرار وإتفاق عام في الدوائر السياسية والعسكرية والمخابراتية الإسرائيلية، رغم كل الاختلافات والأزمات على قرار الحسم التام في سوريا ، والتشديد على فكرة الاستمرار في الهجمات بنفس الوتيرة والقوة ، حتى ينتهى وجود إيران وحزب الله في سوريا .. فهذا هو الغطاء المعلن لهذا التغير الإسرائيلي في الهجمات ، رغم أن المسألة أتصورها أعقد وأبعد من ذلك .
مضاعفة الهجمات الإسرائيلية على سوريا ، تأتى في وقت يشهد المشهد السورى عدة متغيرات جذرية ، نرصدها في التالى :
١- تأثر النشاطات الإيرانية عسكرية واستخباراتية في سوريا ، بعد تصفية سليمانى قائد الحرس الثوري الإيراني، وعدم وضوح رؤية القائد الجديد "قانى"، خاصة بسبب الأزمات الداخلية التى ضربت إيران منذ بداية العام الجارى.
٢-تراجع أنشطة حزب الله والجهاد تأثرا بالهجمات الإسرائيلية السابقة، التى كانت تستهدف المواكب والأشخاص ، وحققت نجاحات ما .. بالإضافة لتأثير الأزمات الداخلية في لبنان وإيران على حزب الله .. وزاد الموقف صعوبة على حزب الله بعد اعتراف عدة قوى دولية أخرى بكونه منظمة إرهابية ، وسط ترحيب من عدة دول عربية وغربية .
٣-تفشي الكورونا بشكل كارثي في إيران لدرجة تعطلت معها الحياة في الداخل الإيرانى ، فما بالك بأنشطتها في سوريا ، وليس بعيدا عن ذلك أيضا التوترات الشديدة التى يشهدها المشهد العراقي ، ويؤثر على الإيرانيين بشدة .
٤-عدم وضوح موقف حقيقي من الروس تجاه الهجمات الإسرائيلية والأنشطة الإيرانية في سوريا ، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحرص على مواربة مواقفه مع كل هذه القوى ، إسرائيل وإيران وسوريا ، وأحيانا تحدث متغيرات تؤثر على قوة على حساب الأخرى ، كما هو الحال الآن ، فروسيا تضغط على بشار الأسد وتهادن إسرائيل ولا تلقي بالا بإيران بشكل أو آخر .
٥- تعقد العلاقات الروسية السورية خلال الفترة الأخيرة ، حتى إن الصحافة الروسية تمتلأ بعشرات التقارير خلال الإسبوعين الأخيرين عن سوريا الجديدة أو سوريا ما بعد الأسد ، وتشمل هذه التقارير ما يعتبرونه معلومات حول فساد نظام الأسد ، ومنها على سبيل المثال تقديم الرئيس السورى هدية لزوجته أسماء المتعافية من سرطان الثدى ، عبارة عن لوحة يقدر ثمنها بثلاثين مليون دولار .
٦- هذه النقطة مرتبطة بسابقتها ، حيث تسيطر الضبابية على المشهد السياسي السورى ، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في ٢٠٢١ ، وتؤثر جدا أحاديث الفساد على الأسد مع زيادة معدلات البطالة ، حتى تراجعت نسبة المصوتين له في الانتخابات المقبلة إلى حوالى ٣٥% فقط وفق آخر استطلاعات الرأى ، فيما يستمر تصاعد الصراع الاقتصادى بين أكبر رجال الأعمال في سوريا رامى مخلوف قريب الأسد ، الذي توترت علاقاته معه ، رغم إنه كان الداعم الأكبر له في الحرب ، ومهند الدباغ قريب أسماء الأسد ، الذي أصبح بديل مخلوف بعد هروب الأخير لروسيا .. وهذا كله يؤثر على شعبية وقوة الأسد .
٧- محاولة إسرائيل وقوى أخرى تصدير أسماء منافسين وخلفاء لبشار الأسد ، أغلبهم حديثهم مهادن جدا للإسرائيليين ، حتى إنهم يوجهون خطابهم للشعب الإسرائيلي أكثر من الشعب السورى ، وكأنه هو الذي ينتخبهم ، والأسم الأكثر شهرة بين هؤلاء ، هو ، فهد المصري .
٨-اختلال الموقف التركى تجاه سوريا منذ الهزيمة التركية في المنطقة الحدودية ، وتخبط الإدارة الأمريكية في القرار النهائي حيال تمركزاتها في سوريا ، بالإضافة إلى تفشي الكورونا في تركيا والقلق الغازى في شرق البحر المتوسط وتركيز أردوغان على المشهد الليبي .. كل هذا أثر على الدور التركى في سوريا ، خلال الأسابيع الأخيرة.
٩- لا تظهر قوى أخرى في الصورة ، كقوى تأثير كبري بالمشهد السورى ، رغم الاتصال المهم جدا بين القائد الإماراتى محمد بن زايد ونظيره السورى ، مع بداية أزمة الكورونا ، ورغم التحركات المصرية غير المعلنة في الملعب السوري ، لكنها غير واضحة المعالم بشكل أو آخر ، بالذات مع هذه التغييرات الإسرائيلية الجديدة .
وبعد استعراض هذه المحاور الثمانية المؤثرة على المشهد السورى ، فإنه من الخطير جدا استمرار الهجمات الإسرائيلية بهذه الوتيرة والنوعية، ليس على سوريا وإيران فقط ، بل على مصر أيضا من عدة أوجه ، أمن الشام والخليج المهمين لمصر ، والتضرر المصري المباشر من تعاظم الدور الإسرائيلي في المنطقة .
وبالتالى على مصر أن تتدخل لدى روسيا بتعطيل أو تقليل هذا الغارات الإسرائيلية على سوريا ، ومن الممكن أن تلجأ للامارات في هذا الإطار ، خاصة إن هذه التطورات لن تضر سوريا وإيران فقط ، بل مصر والإمارات أيضا ، وفقما أوضحنا في العرض .