د. ناجح إبراهيم يكتب: «كورونا».. الأطباء والعلماء فى الصدارة

د. ناجح إبراهيم يكتب: «كورونا».. الأطباء والعلماء فى الصدارةد. ناجح إبراهيم يكتب: «كورونا».. الأطباء والعلماء فى الصدارة

* عاجل13-5-2020 | 13:09

• وجد «شلل الأطفال» يحصد براءة الأطفال حصداً ويغتال أجمل ما فيهم من حب اللهو والحركة، فوهب حياته من أجل اختراع مصل يحميهم ويقيهم من هذا المرض العضال، خاصة وهو يعلم أن أول رئيس أصيب به فى العالم هو الرئيس روزفلت، واصل الليل بالنهار وهو يبحث ويجرب المصل تلو الآخر على الحيوانات، استطاع قتل الفيروس وتحضير مصل منه، جربه على مئات القردة، نجح جزئياً، جربه فى عشرات ثم مئات الأطفال، كانت النتائج رائعة رغم بعض السلبيات، أنقذ آلاف الأطفال فى العالم، فقد أصيب بالمرض فى أمريكا سنة 1916 قرابة 27 ألف طفل. •  هكذا كانت بداية اختراع المصل لهذا المرض الخطير على يد جوناس سولك، وأكمل رسالته د. سابين، الذى أضعف الفيروس ولم يمته وجعل المصل فى صورة نقط فى الفم كما هو الآن. •  سمى المصل باسم «سولك»، ذلك العالم الزاهد الذى لم يسع للشهرة أو المال أو الضجيج، حتى إنه رفض أن يسجل براءة اختراع المصل باسمه أو يعطيه لإحدى الشركات، بل وهبه للعالم ينتفع به دون مقابل. وقد سألوه يوماً: «من يملك براءة اختراع لقاح شلل الأطفال؟»، فأجاب بتواضع: «لا أحد، هل يمكنك استخراج براءة اختراع الشمس؟!». • كان «سولك» يهودياً من أصل روسى، وكذلك «سابين» كان يهودياً من أصل بولندى، قدمت أسرتاهما إلى أمريكا، وكلاهما لاقى عنتاً عنصرياً فى بداية حياتهما المهنية نتيجة ديانتهما، ولكنهما لم يتوقفا عند المعاملة السيئة التى تعرّضا لها، سمت نفسهما فوق الأحقاد، رفضا أن يتربحا من هذا الاختراع أو يتاجرا فى آلام البشر أو يكوّنا ثروة على حساب المرضى الفقراء، وهذا يدل على أن الفضائل لا تتوقف عند أهل دين أو عرق أو لون دون آخر. • إنه فضل الله يؤتيه من يشاء، إنه عشق الفضيلة والعلم والإيثار إذا ما استقر فى القلوب أعطى بغير حساب، فقدم العلم ومحرابه وفضله على كنوز الدنيا، بل ضحى من أجل العلم بكل شىء، الفضائل ليست بالادعاء ولا الضجيج ولا الكسل ولا تضييع وقت الأمم فى الفن الهابط أو العصبية الجاهلية للنوادى الرياضية ولا الجلوس معظم الوقت على المقاهى أو الفرجة على المباراة الواحدة عدة مرات. • الفضائل لا تأتى بالأمانى «ليْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِىِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ»، هذا قانون إلهى، تكد وتبحث وتعمل وتجتهد، ترتقى فى سلم الحضارة، تعبث وتعصى وتلهو، ستكون فى مؤخرة الركب، أن تهب البشرية كلها عصارة عقلك وعلمك دون مقابل، هذا يحتاج إلى نفوس سامية تترفع عن الأحقاد والضغائن. • لقد اختبر «سولك» اللقاح على نفسه وزوجته قبل أن يبدأ التطعيم لقرابة مليون طفل أمريكى تتراوح أعمارهم بين 6-9 سنوات، وعلى أثر ذلك تأسس معهد سولك للدراسات البيولوجية 1963، الذى يعد الانتصار الثانى لـ«سولك»، وحصل المعهد على منحة قدرها 20 مليون دولار من المؤسسة الوطنية للعلوم، ولعل ما فعله «سولك» جعله قدوة لكثير من العلماء المخلصين. • وسار على نهج «سولك» الطبيب الأسترالى بارى مارشال، الذى رأى أن قرحة المعدة ليست بسبب التوتر كما كان شائعاً، ولكن بسبب الميكروب الحلزونى، وتأكد من ذلك بفحصه عشرات المرضى بقرحة المعدة، ولكن اكتشافه لم يقابل بالترحيب وقوبل بالرفض، حتى إنهم لم يعطوه فرصة لتجربة اكتشافه على مرضى حقيقيين، فقرر الاعتماد على نفسه والتضحية بصحته من أجل اكتشافه الجديد، فما كان منه إلا أن شرب أمام المجمع الطبى كأساً به البكتيريا الحلزونية. • وبعد قرابة خمسة أيام أصيب بالتهاب حاد ثم قرحة بالمعدة، فما كان من المجمع إلا أن أقر بهذا الاكتشاف الجرىء الذى شاركه فيه زميله «روبن دارون»، فاقتسما معاً جائزة نوبل، وتقرر بعدها العلاج الثلاثى للميكروب الحلزونى وقرحة المعدة، الذى أصبح اليوم من المسلمات الطبية والعلاجية. • هكذا يضحى العلماء والأطباء العظام من أجل البشرية، ويعطون بلا حدود، ليعبر فضلهم حدود أمتهم وأعراقهم وأوطانهم وأجناسهم. • إن محنة «كورونا» تحتم علينا تأمل سير العلماء، والتأسى بهم فى علمهم وزهدهم وكفاحهم
    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2