الدكتور فضل.. شيخ التكفيريين
الدكتور فضل.. شيخ التكفيريين
كتب: عمرو فاروق
يعد سيد إمام، الشهير بالدكتور فضل، من المؤسسين الأوائل لتنظيم الجهاد في مصر، ومن المؤرخين لمصطلحات وأدبيات "السلفية الجهادية"، منذ ثمانينيات القرن الماضي، ويصفه الإعلام الغربي بـ"مفتي المجاهدين في العالم"و"الأب الروحي لتنظيم القاعدة".
وُلد سيد إمام، في أغسطس عام 1950، بمدينة بني سويف، وتخرّج في كلية طب القاهرة عام 1974، بتقدير امتياز، وعمل نائبا بقسم الجراحة بكلية طب القصر العيني.
انضم سيد إمام، لأول خلية تابعة لتنظيم الجهاد في مصر عام 1968، تشكلت من الظواهري وأمين الدميري، علوى مصطفى، وإسماعيل طنطاوي، ونبيل البرعي، متأثرين بكتب وأفكار سيد قطب.
كان سيد إمام المتهم رقم رقم (190) في قضية الجهاد الكبري رقم (462) لسنة 1981 حصر أمن دولة عليا، وضمت (302) متهم عقب اغتيال الرئيس السادات عام 1981، وتمت تبرائته غيابياً حيث كان تمكن من الفرار خارج مصر، قبل حادث المنصة.
بدأت رحلته خارج مصر قبل اغتيال الرئيس السادات مباشرة، وكانت محطته الأولى في المملكة العربية السعودية، حيث عمل هناك طبيبا، وفي عام 1986 وصل إليه صديقه ايمن الظواهري، ومنها إلى مدينة بيشاور على الحدود الباكستانية الأفغانية، وعمل بها مديرا لمستشفى الهلال .
في أفغانستان تولى سيد إمام، مهام المرجع الشرعي لتنظيم الجهاد، وحمل لقب "ؤ"، ويشار إلى أنه كان الأمير الفعلي لتنظيم الجهاد في بداية الأمر، وكان ايمن الظواهري فى تلك المرحلة مجر وجهة فقط.
ظل اسم "الدكتور فضل"، داخل تنظيم "الجهاد"، محاطا بغموض كثيف فترة طويلة وتضاربت الأنباء عن حقيقة شخصيته وصلاحياته التنظيمية والعلمية، حتى أن الكثير من المراجع والكتب التي صدرت مبكرا عن تنظيم الجهاد لم تشر إلى اسمه، بل إن أعضاء تنظيم "الجهاد"، وهم يبايعون دكتور فضل أميراً للتنظيم، ظنوا أن الاسم الحركي يرجع إلى أيمن الظواهري (أمير تنظيم القاعدة حاليا)، بعد أن شغل هذه المنصب ضابط المخابرات السابق عبود الزمر كرمز لجماعة الجهاد منذ اغتيال الرئيس السادات.
ظل سيد إمام، لغزاً لأجهزة الأمن ووسائل الإعلام التي لم يتعامل معها أبداً، فضلاً عن تمسكه بالسرية المطلقة مع كل المحيطين به، لدرجة أن معظم المتهمين في تنظيم الجهاد الذين سلمتهم دول عربية وأجنبية إلى مصر لم يكونوا يعرفون الاسم الحقيقي للدكتور فضل .
اتجه سيد إمام من باكستان إلى السودان عام 1993، ومنها إلى اليمن، وقُبض عليه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ثم سُلم إلى الحكومة المصرية في 28 فبراير 2004، تنفيذا لحكم بالمؤبد في قضية "العائدون من ألبانيا"، صدر في إبريل عام 1999، بعد أن ذكر المتهمون اسمه صراحة كأمير لتنظيم الجهاد، ليتم اطلاق سراحه في 24 أغسطس 2011، عقب أحداث 25 يناير.
أصدر سيد إمام كتبا مثلت حتى هذه اللحظة مرجعا للكيانات التكفيرية المسلحة، مثل كتاب "الجامع في طلب العلم"، ويعد أخطر الكتب بعد كتاب "في ظلال القران" لسيد قطب.
وفي عام 1988، أصدر سيد إمام، أهم وثيقة طرحها في معسكرات التكفير المسلح، في أفغانستان، وهو كتاب "العمدة في إعاد العدة"، الذي أصبح دستورا شرعيا للجماعات المتطرفة.
وأشار سيد إمام في "العمدة" إلى حكم التدريب العسكري وأهميته، والاستعداد للجهاد المسلح، معتبرا أن القوة المطلوب الإعداد لها هي القوة العسكرية وليست التربية والتزكية، لذا فإن معسكرات التدريب وساحات الجهاد هي أفضل الأماكن لتربية العناصر الجديدة.
اختلف سيد إمام في الكثير من الأفكار والمحددات الفقهية، مع عدد من مرجعيات التنظيمات التكفيرية المسلحة، فقد كان أكثر تطرفا وغلوا في العديد من القضايا التي تناولها.
ويكفر سيد إمام المجتمعات على العموم، ويرى أن مصر دولة كافرة، وأن التيارات الإسلامية فيها ينطبق عليها حكم المرتد لموافقتها العمل في السياسة.
كما أنه صاحب "وثيقة ترشيد العمل الجهادي"، التي كتبتها داخل سجن طرة، عام 2007، لتكون بمثابة إقرار توبة من قبل تنظيم الجهاد بهدف الخروج من السجون، والتي سرعان ما تراجعها عن حفواها واعلن ايمانه المطلق بالتكفير جاهلية المجتماعات.
يضا إلى ذلك أن ابنه اسماعيل، باع حازم صلاح ابو اسماعيل، في عام 2012، ثم سافر إلى تركيا ومنها إلى سوريا، واصبح مسؤولا شرعيا لأحد التنظيمات المسلحة، ولقب بنفسه بـ"ابن الأمير".
أصدر سيد إمام وثيقة "الإرهاب من الإسلام ومن أنكر ذلك فقد كفر"، وهي الوثيقة التي تعد من أهم الكتب التي يتم بها التأثير على الشباب فكريا وسلوكيا، واستمالتهم لا إراديا للعنف الممنهج والإنحراف عن الفهم الصحيح للشريعة الإسلامية ومقاصدها.
فقد طرحت الوثيقة التي حذرت من تداولها، دار الإفتاء المصرية، أخيرا ضمن 13 كتابا آخر، باعتبارها مرجعا مهما في نشر الفكر المتطرف، عدد من المغالطات الفكرية، التي اعتمدتها التنظيمات التكفيرية المسلحة مثل القاعدة، وداعش، وانصار الشريعة، وتنظيم الجهاد المصري، والجماعة الإسلامية.
وحاولت الوثيقة أوالمسودة التي سطرها سيد إمام، التأكيد على أن مصطلح الإرهاب هو جزء أصيل من الإسلام شكلا ومضمونا، وأن إرهاب الأعداء الكفار واجب شرعي، وأن من ينكر ذلك يعتبر كافرا، خارجا عن ملة الإسلام والمسلمين، استنادا للأية الكريمة " وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ"، وهو نوع من التحريف لأيات القرآن الكريم، وتوظيفها سياسيا وتنظيما لخدمة أهداف الجماعة ومشروعها الدموي، والتلاعب بمقاصد أيات الله، واستنطاقها تباع لهوى هذه القيادات ورؤيتهم المنحرفة فكريا وسلوكيا.
وادعت الوثيقة التكفيرية، أن القوانين التي تنظم شؤون الحياة، والهيئات والكيانات البرلمانية، هي كيانات تكفيرية تشرع من دون الله، وأنها تعادي وتخالف تطبيع الشريعة.