د.قاسم المحبشى* يكتب: العيد والزي الجديد.. من يوميات الحجر الصحي

د.قاسم المحبشى* يكتب: العيد والزي الجديد.. من يوميات الحجر الصحيد.قاسم المحبشى* يكتب: العيد والزي الجديد.. من يوميات الحجر الصحي

* عاجل27-5-2020 | 21:05

  1. ما أصعب الاختيار حينما تكون لوحدك.
لأول مرة في حياتي يأتي عليّ موعد العيد وأنا وحدي في محجري الصحي. مرات كثيرة عيدت بعيدا عن عائلتي في بلدان مختلفة في العراق والمملكة وفي السودان والمغرب العربي ولكن كان لدي رفقًا في كل مرة. هذا العيد في أم الدنيا هو الوحيد الذي كنت فيه وحيدا صباح العيد. نهضت من سريرًا مبكرًا كالعادة التي تعلمتها من والدي رحمة الله عليه إذ كان يلزمنا ونحن أطفالًا بان ننام مبكرا في ليلة العيد ؛ بعد أن أشعلنا القناديل وقرحنا الطماش في المساء استبشارًا بالعيد الجديد. وكانت الأغنية التي ترددها أمي وهي تقوم بطهي وجبة الإفطار والعشاء الأخير هي : يا ليلة العيد عودي يا خيار الليال عودي ع الشاب والشيبة وفرخ الحمام العيد عيد السلامة والفرح بالعيال يا رب تعيده علينا بالهناء كل عام وأنشودة أخرى ترددها أمي الحبيبة ملازمة للانشودة الأولى تقول فيها: يا ليتني طير والخالق يسي لي جناح أزور سيدي محمد بالعشي والصباح من يركب البحر يشرع مركبه للرياح يا الله بنسمة بريدة باللجج والضياح كانت أمي ترردها بصوت شجي ومنغم في ليلة كل عيد جديد أعياد الفطر والأضاحي فقط. وكنا ننصت اليها بخشوع ممزوج بالفرح والأمل والبشارة. كان أبي رحمة الله عليه يحرص حصرًا شديدًا على شراء ملابس جديدة لكل منا في كل عيد ويردد التميمية التقليدية ( جديد جديد يلعن أبو كل بالي) وهو يرتدي معوزه الحضرمي الجديد وكنا نردد بعده مثل الببغاوات، ولم نكن نعرف المعنى إذ كنا في ليلية العيد نعمل بروف الاحتفاء بالزي بعد أن تكتمل الخيارات في تناسق الألوان والمقاسات. المعوز والصندل والشميز والكشيدة مع ملابس داخلية جديدة. كان كل واحد مننا يضع حلته الجديدة مع الطماش في كيس على مقربة منه. وفي الفجر أول ما يصحى أبي مردد تعويذة الصباح: بصوت مرتفع وهي إشارة للنهوض إذ يقول: يا الله اليوم يا فتاح يا رزاق يا كريم.. انهضوا عيد لا نوم يوم العيد! ثم يصحبنا إلى المسجد لاداء صلاة الفجر والعودة إلى المنزل بعد أن تكون الوالدة يعطيها الصحة والعافية قد أعدت القهوة والتمر والشاي والإفطار. نعود بعد تكبيرة الصلاة الجماعية في المسجد بسرعة وبالنا مشغول في الملابس الجديدة. فمن كان صغيرًا منا تجهزه الوالدة ومن هو قادر على تدبير حاله يلبس بنفسه ستسمر حالة الاستنفار الاحتفالي بالزي والإفطار لمدة نصف ساعة تقريبا. طبعا العواد والمعاودة لا تتم إلا بعد صلاة العيد مع بزوغ الشمس. كنا نذهب للصلاة بفرح غامر كل بملابسه الجديدة. لا أحد يعير اهتمامه بطقوس الصلاة وخطبة العيد في لحظة الأفعال هذه، كان الجميع يستجعل الخطيب لإنهاء خطبته حتى تنطلق عملية المعاودة الذكورية بين المصليين ثم نعود إلى منازلنا وقد اجتمع فيها كل نساء العائلة في صف مرتب تتقدم الأكبر سنًا ونقوم بمعاودة الجميع وندعو لك شخص بالدعاء الذي يحبه. الشباب بالعلم والزواج والمتزوجين بالجبر والغلام والكبار بزيارة بيت الله والحج والعمرة وغير ذلك من الدعاوى المحببة وبعضها تقال جهرًا وبعضها سرا. صباح يوم العيد هذا افتقدت كل تلك الهالة الاحتفالية المبهجة، إذ وقفت في حيرة من أمري ماذا سأفعل؟! بعد الصلاة منفردا؟ حينما تكون في منزلك وبين أهلك ثمة من يساعدك على الاختيار واتخاذ القرار المناسب بالزي الذي يليق بك. هذا الموقف هو الذي حيرني بعد صلاة العيد إذ ذهبت أتفقد ملابسي في الدولاب، عندي الزي العربي والزي الإفرنجي. لبست اولا الزي التقليدي ونظرت للمرآة ولم يعجبني فقررت اغيره بالزي الافنرنجي. لبست بنطلون اسود وقميص أبيض ولم يعجبني فغيرته بآخر فيه ألوان عيدية كحلي على بيج ومخطط أخذت في دورتين بالشقة ولم يعجبني فخلعته وغيرته بآخر وهكذا مضى النصف الأول من نهار يوم العيد في حيرة اختيار الزي المناسب الذي لن يراه أحد غيري وفي الأخير قررت البقاء بالملابس الداخلية ونمت من شدة التعب. وعيدكم سعيد وكل عام وأنتم بخير وسلام. ……………………….. * أكاديمى وشاعر وأديب يمنى
    أضف تعليق

    وكلاء الخراب

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2