الأنبا بولا*يكتب عن: عيد الصعود المجيد

الأنبا بولا*يكتب عن: عيد الصعود المجيدالأنبا بولا*يكتب عن: عيد الصعود المجيد

* عاجل1-6-2020 | 00:40

تحتفل اليوم الكنيسة بعيد الصعود المجيد وهو يكون بعد مرور أربعين يوم على عيد القيامة المجيد. وهو معجزة خاصة بالسيد المسيح، إذ أنه يشمل معجزة لم تحدث مع أحد من البشر وإنما كانت للسيد المسيح وحده، مثل الميلاد العذراوي ومثل قيامته بقوة لاهوته وخروجه من القبر المغلق ومثل التجلي على جبل الزيتون وكذلك صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب. لقد صعد بذاته وليس مثل إيليا النبي الذي أخذته مركبة نارية، فصعد منها (2مل10:2) ولا مثل أخنوخ الذي لم يوجد لأن الرب أخذه (تك24:5). أما السيد المسيح فصعد بقوته دون أية قوة خارجية، فكما قام بقوته وحده دون أن يُقيمه أحد، هكذا صعد بقوته وكانت فيه قوة الصعود كما كانت فيه قوة القيامة وفي كلتيهما ظهر مجده. وكان صعود السيد المسيح بالجسد (الناسوت)، فاللاهوت لا يصعد ولا ينزل لأنه مالئ الكل، موجود في السماء وفي الأرض وفي ما بينهما، فكيف يصعد إلى السماء وهو فيها؟، وكيف يترك الأرض إلى السماء وهو باق في الأرض أثناء صعوده؟ إذاً لابد أن نقول أن السيد المسيح قد صعد بالجسد المتحد باللاهوت، وهذا ما نقوله في القداس الغريغوري (وعند صعودك إلى السماء جسدياً). وكان الصعود في السماء ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم (أع9:1). وكما صعد على سحابة في مجد، هكذا يأتي على السحاب في مجد المجئ الثاني " وأتياً على سحاب السماء" (مت64:26) . والسحاب في الكتاب المقدس ترمز إلى مجد الرب " غطت السحابة خيمة الاجتماع " (خروج34:40) – (لو35:9 – مر7:9) ،" وصار من السحاب صوت هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا" . المسيح صعد إلى السماء ولم يفارقنا لأنه قال " ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر" (مت20:28). وقال أيضاً " حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة بإسمي فهناك أكون في وسطهم " ( مت20:18) . وفي كل قداس ..." هوذا كائن معنا الآن عمانوئيل " . وفي إنجيل يوحنا 17 " انه ثابت فينا ونحن فيه ،بالإيمان في قلوبنا (أف17:3) . إذاً المسيح مع الكنيسة بمستوى أعلى من مستوى الحواس وأعلى من مستوى المرئيات، لا نراه بالجسد ولكن نؤمن بوجوده معنا بالإيمان والإيمان هو الإيقان بأمور لا ترى (عب1:11 ) . ولذا صعود السيد المسيح هو عربون لصعودنا " وأنا ان ارتفعت أجذب إليّ الجميع " (يو32:12 - رؤ2:21 ) " وأخرجهم خارجاً إلى بيت عنيا ورفع يديه وباركهم وفيما هو يباركهم ، انفرد عنهم وأصعد إلى السماء " ( لو5:24 ). قال القديس يعقوب السروجي " لقد جمع السيد المسيح تلاميذه على جبل الزيتون، ومن الزيتون يخرج زيت المسحة، ومن هناك أعطاهم سر المسحة، لقد جمعهم إلى ذلك الجبل ليزودهم بالزيت ليرشم كل الأرض. أعطى المسحة من جبل الزيتون ولتكون لخلاص العالم كله. وعندما نتأمل في جبل الزيتون نجد أن هذا الجبل هو الذي ذهب إليه السيد المسيح في طريقه إلى الموت، موت الصليب، هو هو نفس الجبل الذي صعد من عليه إلى السماء. لكي يعطينا درساً أنه لا يمكن أن ندخل ونعبر إلى السماء إلا من خلال جبل التجارب والضيقات "انه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله "(أع22:14). صعد السيد المسيح إلى السماء ليؤكد حقيقة أنه ليس ملاكاً ولا نبياً – بل هو بهاء مجد الله ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكل قدرته. ظن البعض أن صعود السيد المسيح من وحي الخيال ولكن أيوب الصديق أعلن بروح النبوة تصديقاً لصعود السيد المسيح " من صعد إلى السماوات ونزل ؟ ومن جمع الرياح في حفنتيه؟ من صر المياه في ثوب؟ من ثبت جميع أطراف الأرض؟ ما اسمه؟ وما اسم ابنه إن عرفت؟ " بعض الأنبياء صعدوا إلى السماء مثل إيليا و أخنوخ والقديس بولس الرسول إلى السماء الثالثة، ولكن السيد المسيح صعد إلى السماوات عينها بقوة لاهوته الذي لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين من بعد الإتحاد. صعد السيد المسيح إلى السماء موطنه الأصلي – وكان صعوده من قمة جبل الزيتون الذي كان في مواجهة الباب الشرقي لأورشليم وحالياً يوجد على هذا الجبل كنيسة باسم " كنيسة الصعود ". لذلك الكنيسة في صلواتها وكافة طقوسها تتجه ناحية الشرق تجاه مكان صعود السيد المسيح ومجيئه الثاني. صعد السيد المسيح إلى السماء لكي ما يصعد قلب الإنسان إليه في الأعالي. ففي عيد الصعود لابد أن نصعد أفكارنا إلى فوق ونتأمل في السماء التي صعد إليها السيد المسيح ، وفي تأملنا في السماء نتذكر قول السيد المسيح وحيث يكون كنزك هناك يكون قلبك فليكن كنزك في السماء وندرب أنفسنا أن نصعد من المستوى المادي إلى المستوى السماوي . ………………………………………………………………….. القس بولا فؤاد رياض كاهن كنيسة مارجرجس المطرية - القاهرة
    أضف تعليق