جمال رائف يكتب: سد النهضة خدعة تنموية

الحق في الحياة ليس مجالا للتفاوض أو الصفقات السياسية بل هو منحة ربانية لا يمكن لبشر التحكم بها، ومن ثم سعي إثيوبيا لإقحام مياه النيل كاحدي أدوات الصراع الإقليمي أمر يهدد استقرار وسلامة أكثر من 300 مليون أفريقي هم شعوب وادي النيل ، فمن غير المعقول أن يتحول النهر لسلعة سياسية تستغله النخبة الحاكمة في أديس أبابا لتحقيق طموحاتها سواء علي الصعيد الإقليمي أو الداخلي حيث جعلت الجبهة الديمقراطية الثورية الحاكمة والتي تتحول إلي حزب وحدوي تحت مسمي الازدهار من أزمة السد قضية وطنية تحشد خلفها الناخب الاثيوبي بعد أن سقطت شعبيتها مؤخرا ورحل رئيس الوزراء الأسبق ماريام ديسالين بعد مظاهرات عارمة أطاحت به وبالتالي تلك النخبة خلقت هذه الأزمة لإشغال الرأي العام الإثيبوبي بقضية تم تصويرها على أنها مصيرية وحيوية في حين هي قضية تنموية لن تحقق الطموحات والوعود التي يقطعها النظام الاثيوبي علي نفسه . اثيوبيا في حاجة ماسة لتنمية اقتصادية حقيقية بعيدا عن الاستغلال السياسي لأحلام شعب يعاني نسبة كبيرة منه الفقر المدقع وهذا وفق أرقام البنك الدولي الذي صنف اثيوبيا ضمن اكثر خمس دول بالعالم يعاني شعبها الفقر ،وبالتالي هي في حاجة لمشروعات تنموية حقيقة ليس تلك التي تخدع بها الجبهة الثورية الديمقراطية شعبها منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي حيث تسيطر علي الحكم منذ تلك الفترة ولم تحقق شئ ملموسا علي صعيد المجهودات التنموية الخاصة بالبنية التحتية فمازال أكثر من 80% من الشعب الاثيوبي يعاني من نقص خدمات البنية التحتية ومن ضمنها الكهرباء ،لهذا تتحدث اثيوبيا الان كونها تريد أن تملء خزان سد النهضة بأسرع وقت لإنتاج الكهرباء وتعويض هذا التقصير ،ولكن السؤال هنا هل تمتلك إثيوبيا شبكة توزيع لنقل الكهرباء لكافة أراضيها خاصة وان السد في نطاق متطرف بإتجاه الحدود السودانية ؟ الإجابة صادمة وايضا كاشفه لنوايا اديس أبابا الحقيقية فهي لا تملك شبكة نقل كهرباء داخلية قادرة علي الوصول لنطقاتها الجغرافية المختلفة وهو ما دفعها في مارس من العام الماضي لتدشين البرنامج الوطني لتوزيع الكهرباء بقيمة 6 مليارات دولار ويستهدف المشروع تغطية احتياجات 65% من سكان البلاد وسوف يستغرق تنفيذ تلك الشبكة 6 سنوات تنتهي بحلول عام 2025 وهي المدة التي تتناسب مع الطرح المصري حول فترة ملء بحيرة سد النهضة والتي تتراوح من 7الي 10 سنوات فلماذا اذا هذا التسرع الاثيوبي الغير منطقي ؟! الجانب الاثيوبي يتحدث ايضا ان تكلفة سد النهضة تقدر بما يزيد عن 5 مليار دولار وبإضافة تكلفة شبكة توزيع الكهرباء فنحن نتحدث عن ما يتجاوز 11 مليار دولار هذا بخلاف مصاريف التشغيل مما سيجعل تكلفة إنتاج الكهرباء وبيعها للمواطن الاثيوبي باهظة ولهذا تسعي اثيوبيا لتصدير تلك الطاقة لتغطية تلك التكلفة الضخمة وهذا ما صرحت به اثيوبيا بشكل مباشر انها ستقوم بتصدير الطاقة المنتجة من سد النهضة لدول الجوار وبالتالي الأولية هنا للتصدير لتغطية التكلفة ،الأمر الذي يؤكد ان سد النهضة خدعة تنموية يراد بها مصالح سياسية ضيقة للنخبة الإثيوبية الحاكمة.