أحمد عاطف آدم يكتب: عزيزى المتعافى من كورونا
أحمد عاطف آدم يكتب: عزيزى المتعافى من كورونا
إرتفاع درجة حرارتك ومشاكل التنفس لديك - خوف الأهل والأصدقاء منك قبل عليك - وحتى فوبيا وشبح الموت الذى كان يطاردك كل لحظة وأنت وحيد، كل تلك الحقائق المادية والأحاسيس والمشاعر الصعبة والمختلطة التى عشتها ولن تستطيع محوها من ذاكرتك للأبد، لا يجب أن تبقى فى مخيلتك مجرد ذكريات مرعبة حدثت قبل نجاتك من براثن هذا الوحش البغيض، بل الأحرى بك عزيزى المتعافى أن تحولها لدافع قوى تسدد به ضريبة زكاة العناية الإلهية التى رافقتك خلال تجربتك المؤلمة والمريرة.
والحرب الفيروسية هى معركة قديمة وأزلية تتبنى خلالها تلك الكائنات الدقيقة استراتيجية خبيثة وثابتة - وهى محاولة تجريد الجسم البشرى من أسلحته الدفاعية، عن طريق إقناع الجهاز المناعى بأنها صديقة وتمثل جزء لا يتجزأ من الجسد - وعندما يحدث لها المراد بالتعايش السلمى داخل خلايانا دون نزاع، تقوم بطباعة ملايين النسخ من نفسها مسببة التهابات وأضرار فادحة تنتهى فى الغالب بالوفاة. والتبرع بالبلازما هى من شخص قدر الله تبصير جهازه المناعى بوجود هذا العدو الفتاك فنجح فى القضاء عليه وتكوين أجساما مضادة تكون هى بمثابة أدلة إدانة ضد أى هجوم مستقبلى لهذا الفيروس - فإن عاود الكره فهو هالك لا محالة.
وإذا أمعنت النظر فى تكوين جهاز مناعتك لتلك الأجسام المضادة دون غيرك - ستدرك على الفور بأن سمة حكمة إلهية مذدوجة من وراء ذلك، وهى أن الله سبحانه وتعالى بجانب أعطائك الفرصة لتنعم بالحياة مجددا - هو منحها لغيرك بجعلك رسولا يحمل ترياقا لإنقاذ من يئنون على أسرتهم وهم فى معزل إجبارى عن الناس - وربما تتفق معى أيضا عزيزى المتعافى من خلال تجربتك مع كورونا بأن الدعم المعنوى والأمل الذى تعطيه لغيرك هو دواء فى حد ذاته يعالج القلوب من شروخ العزل الإجتماعى الذى لا يقل فداحة عن الخوف من الإصابة أو تبخر أحلام العودة إلى أحضان الدنيا.