عاطف عبد الغنى يكتب: المعارضة فى عهد الرئيس السيسى (2من2): المعارضة والمولاة.. الحاضر والمستقبل

عاطف عبد الغنى يكتب: المعارضة فى عهد الرئيس السيسى (2من2): المعارضة والمولاة.. الحاضر والمستقبلعاطف عبد الغنى يكتب: المعارضة فى عهد الرئيس السيسى (2من2): المعارضة والمولاة.. الحاضر والمستقبل

*سلايد رئيسى17-6-2020 | 22:46

كان الهدف من استعراض تاريخ البرلمان فى الجزء الأول من هذا المقال هو التأكيد على أن دور الأحزاب، والممارسة الحزبية طوال تاريخ مصر البرلمانى الذى يمتد لحوالى قرنين من الزمان تقريبا، يعودان بالسلب على التجربة الديمواقراطية، وهو ما دعا أكبر 3 ثورات فى تاريخ مصر الحديث، 23 يوليو، 25 يناير، و30 يونيو، لرفض ممارسات الأحزاب القائمة إبان هذه الثورات الثلاث، ورفض البرلمانات القائمة، والدعوة لحل تلك البرلمانات بفرمان شعبى، وما يدور فى فلكها من أحزاب “كرتونية”.

(1)

والخلاصة أن مجمل التجربة الحزبية فى مصر، ولدت جنينا مشوها، وعاشت طفلا لم ينضج، وكذا البرلمانات التى استقطبت فى معظمها نواب مارس أكثرهم السياسة من باب السعى لامتلاك سلطة يوظفونها للصالح الشخصى، وليس للصالح العام، ومنهم من سعى إليها وخاض المعارك بحثا عن الوجاهة، وآخرون للحصول على حصانة تغطى على ممارسات فاسدة (نواب الكيف، ونواب سميحة، ونواب القروض، ونواب الإخوان فى برلمان ما بعد 25 يناير)، أو لاستغلال القرب من الحكومة وصنّاع القرار، إلى لآخره. . هذه كانت دائما صورة البرلمان والأحزاب فى ذهن المصريين، وكان الذين يحكموننا يعرفون ذلك، ومنهم من قبل اللعبة على عواهنها، وانخرط فيها، وأقرب الأمثلة وأكثرها فجاجة، ما قامت عليه أحداث 25 يناير 2011، حين سيطر الحزب الوطنى المنحل تماما على البرلمان، فصار أقرب للتنظيم الواحد، ولم يسمح حتى لمعارضة صورية أو مستأنسة، أو شكلية، أن تتواجد تحت قبة البرلمان، تلك الخطيئة التى عجلت بنهاية النظام الذى كان موجودا بأكمله، وجاء بعد ” الحزب الوطنى”، “جماعة الإخوان” لترتكب بفجاجة نفس الخطيئة، فيقف لها المصريون ويطردونها من الحكم.

(2)

وفى أعقاب ثورة 30 يونيو، جاء الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الحكم رئيسا منتخبا بعد فترة انتقالية، وكان التحدى الكبير الذى فرضه على نفسه، وفرض نفسه عليه (ربما حتى من قبل توليه السلطة، أو يخلع البدلة الميرى) هو: كيف يجمع القوى السياسية المتناحرة والمتنافرة فى الداخل المصرى، والتى طمعت فى القفز على السلطة بعد 25 يناير والوصول للحكم بأى طريقة وأى ثمن، ومنها من تلقى الدعم من الخارج (تركيا وقطر تناصر الإسلامويين، ومؤسسات أجنبية وأجهزة مخابرات تستخدمهم ريثما تصل إلى غرضها وتسقطهم، ووصل حجم التدخل أن عراف ما يسمى بـ “الربيع العربى” اليهودى الأمريكى جورج سورس موّل دكان من دكاكين المجتمع المدنى ليكتب دستور لمصر!!. كل القوى المناوئة تلك لعبت دور المعارضة خلال السنوات الستة المنقضية من ولاية الرئيس السيسى، لكن ليست المعارضة التى تملك رؤية إيجابية مغايرة للحكم، وبديل جاهزا للحزب أو الإئتلاف الحاكم، ولكن التى تريد فقط الهدم والانتقام وإسقاط الدولة الوطنية لإقامة مشروعاتها البديلة على أنقاضها، وهى مشروعات أممية يستوى فى ذلك بدرجات دعاة الخلافة، ودعاة الأممية الشيوعية، ودعاة الحكومة العالمية. لكن الشعب عرف، وفهم، ووعى، ووقف مع الرئيس فى ذات الخندق، ومن حسن الطالع فقد انتجت المحنة بروز وجه مصر المشرق، وظهور طليعة وطنية اندفعت بحس وطنى تحاول تقديم ما تستطيع للبلد، ومنها تكونت أحزاب جديدة تتسم بالاعتدال الأيدلوجى، وتدرك خطورة المرحلة، وتعمل على مساندة الدولة لتمر من عنق الأزمة الخانقة، فى مواجهة مخططات إسقاط الدولة، ونالت هذه الأحزاب الفرصة كاملة للتعبير عن نفسها، وكانت المفاجأة أنها حصلت على الأغلبية عندما خاضت الانتخابات البرلمانية، وحصلت على الأغلبية فى البرلمان (الحالى) بعد أن طرحت رؤية جادة وجديدة على الشارع المصرى، وتراجعت وتوارت أحزاب المعارضة القديمة إلا قليلا، الوفد الليبرالى، والتجمع اليسارى، فيما اصرت أحزاب أخرى تشكلت بعد 25 يناير 2011 على أن تعبر عن مشروعات أيدلوجية غير وطنية بإصرار ومعاندة، فلما رفضها المصريون ذهبت نحو معسكر الإخوان بحثا عن الدعم المتبادل، على الرغم من العداء التقليدى بينهما، (ماذا يمكن أن يجمع الإخوان بالشيوعيين واليساريين، والناصريين؟!) واحتمى النواب القليلون من هذه القوى بالشرعية الدستورية، وجعلوا من أنفسهم صوت للمعارضة تحت قبة البرلمان، لكنها معارضة تسعى لتصفية الحسابات والانتقام على أثر فشل رؤوسهم فى الاقتراب من تحقيق حلم الوصول لحكم مصر.

(3)

ووجدت القيادة السياسية أنه آن الآوان لتنشئة أجيال جديدة وجادة، تخوض التجربة السياسة، بعلم، ووعى، وإدراك، وحس وطنى، يغّلب مصالح الدولة العليا على ما دونها من مصالح، وفى هذا الصدد لابد أن نذكر تجربة “تنسيقية شباب الأحزاب، والسياسيين” ونشيد بها حين نستشرف فيها شكل للحياة السياسية قادمة فى مستقبل الأيام، تتسم بالنضج، والطموح، والارتقاء لتجارب الحكم الرشيد.

(4)

وأكرر خلال سنوات حكم الرئيس السيسى كان هناك أكثر من المعارضة، كانت هناك حرب من الإخوان وغيرهم، وفى البرلمان كانت هناك كتلة للمعارضة، تمارس الدفع المضاد لرؤية الدولة والرئيس، لكن الأغلبية كانت مدركة لخطورة المرحلة، واستجابت لدعوات الرئيس المتكررة، للجمع فى مواجهة التفرقة، يضاف إلى ذلك أن هذه الأغلبية ومن قبلها الشعب، رأت ولمست أن هناك منجزا تنمويا حقيقيا، غير مسبوق منذ عهد محمد على، وقفزة هائلة مبنية على أسس علمية، ودراسات حديثة تهدف إلى الدخول بمصر لمصاف الدول الكبيرة، وتستعيد معها مصر مكانتها الحقيقية وقوة تأثيرها فى الأقليم، والقارة، والعالم، وقد كانت غائبة، أما غير ذلك فمن يريد أن يمارس المعارضة للمعارضة، فليتفضل ويطرح البديل ويثبت أنه قادر على تنفيذه.
أضف تعليق