د.محمد إبراهيم بسيوني لـ«دار المعارف»: أزمة وباء «COVID-19» كشفت أشياء مهمة عن العالم الذي نعيش فيه

د.محمد إبراهيم بسيوني لـ«دار المعارف»: أزمة وباء «COVID-19» كشفت أشياء مهمة عن العالم الذي نعيش فيهد.محمد إبراهيم بسيوني لـ«دار المعارف»: أزمة وباء «COVID-19» كشفت أشياء مهمة عن العالم الذي نعيش فيه

* عاجل1-7-2020 | 00:16

أكد العميد السابق كلية طب المنيا د. محمد إبراهيم بسيوني  أن الإدارة الحكيمة التي تعتمد على العلم وليس على الفهلوة والجعجعة والرسائل الملونة والانتصارات الإعلامية. وأن الوعي الشعبي ثاني أهم أداة لدى الإدارة بعد العلم. الإدارات الناجحة كانت تهتم بالعلم وتستثمر فيه قبل الجائحة. الإدارات الناجحة حين واجهت كورونا آمنت بالعلم الذي استثمرت فيه. الإدارات الناجحة استثمرت في وعي شعبها. الإدارات الناجحة في النهاية نجحت. دولة كالبرازيل لم تؤمن لا بالإدارة ولا بالعلم أصلاً ولم تستثمر فيها ولم تستثمر في الوعي الشعبي. الهند لم تستثمر في الوعي. أمريكا استثمرت في العلم ولكن إدارتها لم تؤمن به. إيطاليا لديها العلم والطب ولكنها فشلت إدارياً. كوريا واليابان وألمانيا لديهم كل المقومات وأداروها بشكل صحيح فنجحوا. أما بعض الدول للأسف فتستبدل النجاحات الحقيقية بنجاحات إعلامية فيغطُّون على الموتى والمرضى والمفجوعين بكلمات في الجرائد أيضاً، بل وبكلمات في الفضاء الاكتروني والإعلام المرئي والمسموع ويسمون ذلك "تغطية الأحداث" وهم صادقون بشكلٍ ما. وأضاف د. بسيونى فى تصريحات خاصة لـ «دار المعارف» الفارق أنهم لا يقصدون بذلك احترام أي شيء. والنتيجة هذا الواقع والتخبط من إدارات غير مستعده، وإرثٌ طويل من الفشل في الاستثمار في العلم، وازدراء للعلم وعدم إيمان به. حتى الخبرات المتراكمة في التسطيح والتي أجدت نفعاً مع عقول إلا من رحم ربي، لا تناسب للأسف تسطيح منحنى الفيروس. أضف إلى ذلك أنه غيب وعي جمهوره عامداً ودعاهم للتظاهر ضد الحظر المفروض في ولايات أخرى. هذا ليس فقط سوء إدارة ولكنها تغييب للوعي ومعاداه صريحة لرأي العلم. فتفاوتت إجراءات الدول تجاه الوباء فاختلفت النتائج في كل بلد فهناك عدد من نماذج يمكن رصدها. الأول ينطلق من الأنانية السياسية. والثاني يمثل احترام البحث العلمي، بينما الثالث مناهض لسابقه ويجسد الاضطراب ومعاداة العلم، والرابع يجسد الفوضى أما الخامس فهو نموذج للانضباط. فتشابهت استجابة الصين وإيران وإسرائيل انطلاقا من تفضيل مصلحة النظام والحزب. ففي الصين وضع الرئيس المتخصص في الهندسة الكيماوية العقلية العلمية جانبا واعتبر الفايروس عدوا سياسيا وتعامل معه بهذه الطريقة. واخفت السلطات الحزبية المحلية الحقائق فعطلت الاستجابة الصحيحة في الوقت المناسب وكل من حذر وتمت معاملته وكأنه عدو للدولة والحزب. وفجأة في نهاية شهر يناير خصص الرئيس الصيني كل جهده لمتابعة عدوه. فتشدد في فرض الإغلاقات وحظر التجول لكن المعارضة رأت أن هذه المبالغة قصد بها فرض هيبة الدولة التي تتعرض للتآكل. وقال د. بسيونى : في إيران الوضع مختلف قليلا لكنه مشابه من حيث الجوهر. استجابة ضعيفة وتأخر في إبلاغ الناس بخطورة الوباء حتى تمر الانتخابات بسلام ويمر عيد الثورة وعيد النيروز. ويبدو هذا ناجما عن ضعف مؤسسة الرئاسة لضعف رئيسها الذي يرتهن للمرشد وللحرس الثوري. يقود الحرس الثوري علاقة مميزة مع الصين فلم تستطع الرئاسة منع عودة سبعمئة طالب صيني يدرسون في قم زاروا بلادهم في ذروة انتشار المرض هناك. كما لم توقف الرحلات الجوية من وإلى الصين لطائرات الشركة التي تتبع الحرس الثوري. الصراع بين أقطاب الحكم في إيران تمثل برفض تنفيذ تعليمات الرئيس وكان لذلك ثمنه من الأرواح. وأضاف د. بسيونى :  
في إسرائيل ظلت الأنانية السياسية تلازم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي كان يتعامل مع الوباء بطريقة بوليسية بتعليمات أمنية لمتابعة المصابين الذين وضعوا في العزل. خِدمته في وحدة العمليات الخاصة في الجيش جعلت منه شخصا قاسيا. واجه نتانياهو تحدي الفايروس بقوة لكنه استغله بطريقة انتهازية. كان يظهر كل ليلة على التلفزيون مرتديا الكمامة الطبية محذرا بان الفايروس قد يصيب مليون إسرائيلي ويقتل عشرين ألفا على الأقل. لكن الصحافة اتهمته بالتصرف وكأن الوباء غير موجود منشغلا في الشؤون الحزبية لضمان فوزه برئاسة الحكومة لان هذا كان السبيل الوحيد لانفكاكه من مواجهة القضاء بتهم الفساد التي قد تضعه وراء القضبان. النموذج الثاني كان محط أنظار العالم لاتصافه بالحكمة والهدوء والمرونة. انه نموذج المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تصرفت بشغف مستوحى من عقليتها العلمية والتحليلية. فهي تحمل درجة الدكتوراة في كيمياء الكم ولها بحوث علمية وعندما انتقلت إلى عالم السياسة ظلت تحتفظ بالتفكير العلمي. عندما خاطبت برلمان بلادها عن الوباء رسمت صورة علمية له معتمدة في قراراتها على استشارة خبراء من المؤسسات البحثية الألمانية الرفيعة. وهذه الميزة جعلت العالم يلتفت إلى تعامل ألمانيا مع الوباء. في الجانب الآخر من الأطلسي هناك النموذج المضطرب والمعادي للعلم الذي يمثله الرئيس الأميركي دونالد ترامب. كانت استجابة ترامب للوباء مضطربة مثلما هي شخصيته. وكانت إحدى ميزاته مناقضة الأطباء والعلماء مستندا إلى آرائه الخاصة. ويقول منتقدوه أن إدارته تضع الغريزة السياسية فوق الحقائق العلمية. ويرى دوغلاس برنكلي المؤرخ في جامعة رايس أن ترامب هو الرئيس الأميركي الأكثر عداء للعلم.
ففي بداية زحف الوباء ظل يقلل من خطورته مصرا على أن الأمر بسيط وسيتم تجاوزه. وكان يوزع الاتهامات يمينا ويسارا ويتهم الصحافة بانها تهول الأمر وتضر الاقتصاد. كذلك استخدم ترامب الوباء كمادة انتخابية ليهاجم الحزب الديمقراطي ويتهمه بالمبالغة.
يوصف ترامب بانه فوضوي ويلوم الآخرين على أي فشل يتعرض له. وحتى منتصف مارس ظل ترامب يستمع لأصدقائه رجال الأعمال ويرفض وقف الرحلات الجوية ويرفض خطة التباعد الاجتماعي وإغلاق المدارس والأعمال لكن وطأة المرض أجبرته على ذلك.
أراد فريق البيت الأبيض العلمي مقابلة الرئيس لوضعه في الصورة لكن الرئيس سافر إلى الهند فأصدر الفريق تحذيره بدون علم الرئيس أو موافقته. لم يستمع للنصائح المبكرة التي نبهت إلى خطورة الفايروس. بل أنه روج لأدوية وعلاجات لم تثبت فاعليتها وقد رفض العلماء اعتمادها. وقال مرة أن حقن المصابين بالمعقمات قد يساعد على قهر الفايروس الأمر الذي استدعى السخرية منه. تعامل ترامب مع الوباء من منطلق الربح والخسارة نظرا لخلفيته التجارية والمالية. كان على عجلة من أمره لإعادة فتح البلاد لكن ضغط الخبراء والمستشارين منعه من ذلك. النموذج الرابع يمثله بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني. كان له طريقة مختلفة تماما في التعامل مع الفايروس. اعتبر جونسون الأمر بسيطا ومخاطره معتدلة ويمكن ضبطه والسيطرة عليه وكان يتباهى بأنه زار المصابين بالمرض من دون كمامة ولا قفازات. ونصح البريطانيين بمواصلة حياتهم كالمعتاد وأن كل شيء على ما يرام إلى أن أصيب هو نفسه بالمرض.
اعتمدت حكومة جونسون مبدأ غاية في الغرابة عندما يطبق على البشر وهو مبدأ مناعة القطيع. ظن جونسون أن ترك المرض يتفشى بين الناس سيؤدي إلى تحصينهم، لكن التحصين المفترض لم يحدث وأصيب جونسون نفسه بالمرض. خلق المرض لحكومة جونسون أزمة هي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية. وينتهى د. بسيونى : كانت استجابة جونسون للفايروس وأدواته لإدارة الأزمة مثيرة للسخرية بحسب الصحف البريطانية التي اتهمته بعدم الجدية وقالت صحيح إنها الحرب لكن جنودها مسلحون ببنادق صيد. [caption id="attachment_463629" align="aligncenter" width="200"] د. محمد إبراهيم بسيوني[/caption]
أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2