وطبعا لأخبار اليوم طعم خاص.. فالعمل بها فى جو يملؤه البهجة.. وفى كل الظروف التى تعرضت فيها للخطر.. كان أبناءها الذين تربوا فيها مهما كانت ميولهم السياسية هم الدرع أو جهاز المناعة الذى حماها.. مثل جلال عارف..
ومنهم من اندمج فى أخبار اليوم وأصبح جزءا لايتجزأ منها بل أسهموا فى ازدهارها فى كل العصور مثل نبيل زكى.. ولا أريد أن أٌعدد فأخبار اليوم فيها التنوع الفكرى والمهارى.. فهى مدرسة شاملة كاملة.
ومن الذكريات خفيفية الدم.. أستاذنا القيمة الكبيرة.. والذى لم يتنازل عن موقعه مهما كانت التقلبات لطفى حسونة.. وكان أسطورة ففى أى محاكمة يكتب أقوال الشهود والمرافعات ومع آخر الجلسة يكون الموضوع جاهز بالعناوين.. وفى خطاب الزعيم عبد الناصر كان مع آخر كلمة للرئيس مهما كان طول الخطاب يسلم المادة بالعناوين للجمع.
وكان أثناء العمل فى صالة التحرير يذهل أخونا فاروق الشاذلى ليٌكسب الحالة المهنية حالة من المرح.. ويقول بصوته الجهورى: أنا فاروق الإدادى الإدادى وفى رمضان أبيع الزبادى.
أما عمنا لطفى فهو يعمل فى كل الظروف.. وبعد أن يتولى اليسار السلطة يقوم بنفس العمل بنفس الهمة دون النظر للمناصب لأنها الأخبار..
فكان أيام كمال رفعت وزير من رجال الثورة.. والذى ترك الأمور لمدير مكتبه وكان فى الأصل صول.. كما قالوا لى كان يأخذ الصفحة الأولى قبل الطبع ويصعد لمكتب الوزير ويقول: أنا طالع لحضرة الصول علشان يكتب لنا المانشيت الرئيسى وهو كان على صلة صداقة بعبد المجيد نعمان.. فعندما عينوا نعمان مديرا لتحرير الأخبار.. كان يأخذ معه القهوة كل صباح.
وكنت على صلة صداقة بالدكتور صفى الدين أبو العز.. لأنه كان استاذى فى كلية الآداب وكان رائدا للجنة الرياضية.. وكان يثق بى.. فمكننى وحدى حضور اليوم المفتوح الذى أبتكره ليقابل فيه المواطنين ويسمع مشاكلهم، وكان بصحبتى المصور الرائع فاروق إبراهيم الذى سلمنى الصور وأنا مستغرق فى كتابة التحقيق.. فهممت لأسلم الصور لسعيد إسماعيل سكرتير التحرير فى صالة التحرير.. ولمحنى لطفى حسونة وأنا أسلم الصور فهب فيّ قائلاً وهو معتقد إننى محرر فى الأخبار وليس فى الرياضة.. وقال: "حد يسلم الصور قبل الموضوع".. فهممت بالإنصراف.. فإذا بسعيد يقول له: ده كابتن صغير بكرة يبقى كابتن كبير يعملوه مدير تحرير.. وكنت فى منتصف الطريق.. فإذا به ينادى علىّ يا كابتن.. يا كابتن أجلس وأحكى لى وأنا أكتب لك فضحك وضحكت الصالة كلها وقلت له: أنا فى آخر سطور فى التحقيق.. وفعلا ذهبت وسلمته الموضوع.. وكان موضع اهتمام فتم فرده على أكثر من صفحة.. مع إشارة فى خبر طويل وعنوان بالصفحة الأولى.. ونبؤة سعيد إسماعيل تحققت فعينت مديرا للتحرير التنفيذى لمجلة أكتوبر.
وهنا قال فاروق ليكمل الفاصل من الضحك يا سعيد هو ماهر مشى سكة المحشى.. وسكة المحشى لها حكاية.. ولأننا كنا نعيش حياة كاملة داخل الدار.. وفى يوم طلب الزملاء من فاطمة السيد وهى محررة الحوادث والقضايا رفيعة المستوى.. وعاشت بكل كيانها الصحفى فى تنفيذ 11 حكم إعدام.. ثم أصبحت محرر شباب متفوقة.. وهى مشهورة بعمل محشى ليس له حل.. فطلبوا منها عمل محشى.. وفى اليوم التالى وبالصدفة فى سهرة رئيسها فى الحوادث والقضايا الأستاذ لطفى حسونة.. وكان لها موضوع فارض نفسه.. لأن فى الأخبار العمل الجيد فقط هو الذى يفرض نفسه.. وأخذ مساحته الواجبة.. وهنا أطلقوا: أصلها مشت سكة المحشى فضحت الصالة بالضحك.. وبعدها أصبحت طرفة تقال لكل محرر له عمل يفرض نفسه.. فتقول أصله مشىَ سكة المحشى.