كيف يراها المصريون؟.. وكيف رأى الرئيس السيسي ثورة 23 يوليو ؟

كيف يراها المصريون؟.. وكيف رأى الرئيس السيسي ثورة 23 يوليو ؟  كيف يراها المصريون؟.. وكيف رأى الرئيس السيسي ثورة 23 يوليو ؟

* عاجل19-7-2020 | 19:09

كتب: على طه فى ذكرى ثورة 23 يوليو المجيدة السابعة والستون (العام الماضى) ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسى كلمة قال فيها: "مع احتفال مصر بالذكرى الـ67 لثورة 23 يوليو المجيدة، تلك الثورة التي دونت بمبادئها وأهدافها صفحة مضيئة في سجلات تاريخ مصر وتضاف لِصفحات نضال الشعب المصري العظيم ودفاعه عن حقه في أن يعيش في وطن مرفوع الرأس. لقد استطاعت ثورة يوليو أن تغير وجه الحياة في مصر على نحو جذري وقدمت لشعبها العديد من الإنجازات الضخمة، كما أحدثت تحولا عميقا في تاريخ مصر المعاصر مهد الطريق أمام مرحلة جديدة، وهذه الثورة العظيمة لم يقتصر تأثيرها على الداخل المصري فحسب، بل امتد صداها للشعوب الأخرى، التي كانت تتطلع للحرية والاستقلال، وشهد العالم انحسار موجة الاستعمار لتبدأ تكوين التكتلات الدولية لدول العالم الثالث لتسيطر تلك الدول على مقدراتها وتنمية كوادرها البشرية، فتحية خاصة في هذه المناسبة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي حمل راية ثورة يوليو، وتمسك بمبادئها لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحية أيضا للرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي أسهم في تجديد شباب الثورة، ومحمد نجيب الذي جاهد لفتاح باب الحرية والأمل للشعب المصري." أطياف الرؤية هكذا رأى الرئيس السيسى ثورة 23 يوليو، وهى رؤية تتسق مع رؤية أبناء مصر الشرفاء على مر الأجيال التى عايشت الحدث، أو تأثرت به، بشكل مباشر أو من خلال ما تداعى عنه من تغييرات، سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية طالت وجه الحياة، وغيرتها للأفضل، ولا ينكر هذا إلا جاحد أو إخوانى، أو عميل، أو شخص لم يحسن قراءة التاريخ، وتأثر بالدعايات المضادة للثورة. وتمر الأيام وتأتى الذكرى الثمانية والستون لثورة 23 يوليو، التى يتم التأريخ لها ببزوغ شمس مصر الحديثة، حيث خرج أبناء مصر وجندها يتحدون الاستعمار والرجعية والفساد، ينشدون التغيير إلى الأحسن، ويتصدون لحكم وطنهم بعد ما يقرب من 14 قرنا توالى خلالها على حكم المحروسة ملوك وأمراء وحكام ليس من بينهم مصري واحد . واستعادت ثورة 23 يوليو، الأرض، والكرامة، والسيادة، حين أجلت الاستعمار، وأطاحت بالخونة من الحكام الذين لم يكن يهمهم إلا إشباع ملذاتهم من السلطة ومتع الحياة، الحلال منها والحرام، على حساب شعب مغبون الحقوق، مهدور الكرامة، من أسياد غرباء، احتلوا أرضه ونهبوا خيراته، يعاونهم بعض العملاء المنتفعين، وجاءت الثورة لتطلقها مدوية فى وجعه الجميع: "مصر للمصريين"، فتتردد الصيحة فى جنبات العالم شرقه وغربه، وتوقظ النيام والكسالى، وفاقدى الوعى. هكذا رأيناها ثمانية وستون عاما تمر اليوم على ثورة 23 يوليو، وهى صامدة بمبادئها، وقيمها، فى وجه أعداء الوطن، وجماعات التكفير الظلامية، الذين ما فتأوا يحاولون إعادة عقارب الساعة إلى الماضي، زويحاولون إفساد كل إنجاز يتحقق على أرض مصر، أو يقللوا منه لا لشيء إلا لأنه يكشفهم، ويكشف حقدهم، وغلهم الناتجان عن فشلهم، منذا تكوين تنظيماتهم التى تصارع على استلاب حكم مصر منذ ما يقرب من قرن من الزمان، لم ير منهم المصريون إلا الخراب، والدمار، والعنف والحقد والكراهية لكل ما هو جميل وخير، والتحالف مع أعداء الوطن، من الخارج، أينما وحيثما كانوا، لإسقاط الدولة المصرية الوطنية لصالح المشاريع الأممية والعولمية، وكلها استعمارية، تستهدف مقدرات البلدان والشعوب. 68 عاما 68 عاما وشعب مصر الصامد وفى القلب منه جيشه الأمين يقف بالمرصاد لهؤلاء جميعا ويحافظ على استقلال مصر وأمنها ويعمل على تقدمها ورفعتها بين الأمم. 68 عاما كانت فيها "ثورة 23 يوليو المصرية" ملهمة لكل ثورات العالم الحر، وستبقى كذلك إلى أن يشاء الله. 68 عاما مضت على تلك الأيام التى خرج فيها عدد من أبناء مصر المخلصين من رجالات الجيش المصرى يحملون أرواحهم على أكفهم، فى حركة تصحيحية، وإصلاحية ضد فساد الحكم الملكي، وضد الاستعمار الجاثم على صدر الوطن، وضد سيطرة رأس المال والإقطاع، والمحتكرين على الحكم. وتحرك الضباط الشبان في ليلة 23 يوليو1952 وعرفت حركتهم في البداية باسم "الحركة المباركة" ثم أطلق عليها ثورة 23 يوليو عقب حل الأحزاب السياسية واسقاط دستور 1923 في يناير 1953. وكانت الثورة التى سبقتها مقدمات وزامنتها وقائع، وترتبت عليها أحدث لم تغير فقط وجه مصر ولكن، بالفعل وبدون مبالغة غيرت وجه التاريخ.. وهذه قصتنا التالية: قصة الثورة في أثناء وأعقاب الحرب العالمية الثانية وظهور مدى ضعف الملك فاروق الأول أمام سلطة الإنجليز، وانتشار حالة الفساد السياسي والحزبي واضطراب الأحوال الاقتصادية في مصر، فكر عدد من ضباط الجيش المصري أنه لابد من إنهاء هذه الحالة بأي وسيلة. وقام عدد منهم، بقيادة "البكباشي جمال عبد الناصر، بتكوين تنظيما سريا يسمى "الضباط الأحرار. وانضم إليه كثير من الضباط الشبان ومتوسطي الرتب من مختلف أسلحة الجيش المصري. ومن أشهرهم أنور السادات، وعبد اللطيف بغدادي، وخالد محي الدين، وعبد الحكيم عامر، وجمال وصلاح سالم. وبعد حرب 1948 وضياع فلسطين أظهر تنظيم الضباط الأحرار في الجيش المصري غضبه الشديد من سوء الأحوال وعدم دعم الجيش الذي دخل معركة كان من المفترض عدم خسارتها، ولكن ب سبب تزويد الجيش بأسلحة فاسدة في الحرب خسر معركة حماية فلسطين رغم تقدمه في البداية. وأعتبر الضباط الأحرار قضية الأسلحة الفاسدة القشة التي يجب أن تقصم ظهر الفساد في كافة أنحاء البلاد وكافة قطاعاتها، ولم يعودوا يستطيعون التحمل فزاد نشاطهم داخل الجيش وخارجه واستقطبوا عدد أكبر من الضباط الذين يشاركونهم فكرهم وتوجهم التحرري. ولما كان معظم الضباط من صغار السن، الذين قد لا يروق لأبناء الشعب أن يقودهم من هم في سن لا يجاوز ال 35 عاما، فقد رأى قادة الحركة وعلى رأسهم "جمال عبد الناصر" أن يختاروا أحد الضباط الكبار الذين يحظون بشعبية جيدة في الجيش وممن لهم أراء تحررية توافق أراءهم وأن يضموه إلى صفوفهم ليكون رمزا لثورتهم . ورأوا في "اللواء محمد نجيب" الشخص الذي يمكن أن يحمل هذه الصفات. ولذا فقد دعموه، أولا، في معركة انتخابه لرئاسة "نادي الضباط"أمام مرشح القصر الملكي. وفاز فيها نجيب بالفعل. وقبل اللواء "محمد نجيب" فكرة قيادة الثورة بروح وطنية موجازفة تحسب له ثورة بيضاء وفي 23 يوليو1952 قام التنظيم بثورة بيضاء لم ترق بها دماء أي مصري أو أجنبي، ونجح في السيطرة على كافة المرافق الحيوية في البلاد وخاصة وزارة الحربية والداخلية وكافة الثكنات العسكرية والأمنية وأذيع البيان الأول للثورة بصوت القائم مقام أنور السادات وهذا نصه: بيان ثورة يوليو «من اللواء أركان الحرب محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة إلى الشعب المصري اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوةوالفساد وعدم استقرار الحكم. وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين. وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمره إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها. وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب. وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس في صالح مصر وأن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال. وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس، وإني أُطَمئِن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويَعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم ولم يكن الضباط الأحرار ينتوون في البداية السيطرة بصورة كاملة على الحكم بل مجرد تطهير الجيش من الفاسدين . لكن الأمور تطورت بسرعة بعد الترحيب الشعبي الكبير بالحركة وعدم وجود أي مقاومة شعبية أو سياسية لها، وهذا ما شجعهم على المضي بخطوات أكبر لتخليص البلاد من الحكم الملكي الفاسد وأصدر الضباط الأحرار إنذارا يوم السادس والعشرين من يوليو 1952 يطلب من الملك التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد في خلال 6 ساعات من الإنذار . وأمام التأييد الشعبي الجارف للثورة رضخ الملك "فاروق الأول " لمطالب الثوار وتنازل عن العرش لولي عهده " الأمير أحمد فؤاد" وغادر مصر على متن يخت "المحروسة مساء يوم 26 يوليو1952 ، وهو نفس اليخت الذي حمل جده الخديو إسماعيل إلى خارج مصر حين عزله السلطان العثماني ووضع إبنه توفيق على عرش مصر.. وتم تشكيل مجلس وصاية على العرش ولكن إدارة الامور كانت في يد مجلس قيادة الثورة المشكل من 13 ضابط برئاسة محمد نجيب كانوا هم قيادة تنظيم الضباط الأحرار. في عام 1953 رأى الضباط الأحرار أن بقاء مصر بنظامها الملكي في ظل حكم فرد من أسرة "محمد علي "يمثل تهديدا لثورتهم ومبادئها وربما يشكل عاملا لعدم الاستقرار لذا أجمعوا أمرهم على إلغء النظام المليك وإنهاء حكم أسرة محمد علي، الذي سيطر على البلاد أكثر من 148 عاما. وأعلنت الجمهورية في 18 يونيو 1953. وأصبح اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية الوليدة. قيادة الحركة كان القائد المعلن للحركة التي سميت فيما بعد بالثورة هو اللواء محمد نجيب والواقع أنه تم اختياره - من قبل الضباط الأحرار - كواجهة للثورة لما يتمتع به من سمعة حسنة داخل الجيش وكان اللواء الوحيد في التنظيم. لكن صراعا على السلطة نشأ بينه وبين جمال عبد الناصر بعد أن رأى اللواء محمد نجيب ضرورة تسليم السلطة لسلطة مدنية وأن يتم ضم حركة الإخوان المسلمين إليها، وهي أمور رفضها كل من عبد الناصر وأغلبية الضباط الأحرار، استطاع جمال أن يحسم الأمور إلى صفه في النهاية وحدد إقامة محمد نجيب في قصر زينب الوكيل حرم مصطفى النحاس باشا بضاحية المرج شرق القاهرة. تولى جمال عبد الناصر بعد ذلك حكم مصر من 1954 ، كرئيس للوزراء، ثم رئيسا منتخبا لجمهورية مصر في عام 1956 حتى وفاته عام 1970 واستمد شرعية حكمه من ثورة يوليو . مبادئ الثورة الستة تجلت أبرز المبادئ الرئيسية في الثورة في 6 أهداف واضحة، تمثلت في القضاء على الإقطاع، والاستعمار وأعوانه، والاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، وبناء حياة ديمقراطية سليمة، وعدالة اجتماعية، وبناء جيش وطني، وتميزت هذه الثورة أنها كانت ثورة بيضاء لم ترق فيها الدماء، وقدمت وجوها وطنية شابة لواجهة الحكم في مصر. أسباب عدة وكثيرة، كانت كفيلة وكافية أن تستنهض هؤلاء الضباط للقيام بثورتهم ضد نظام الحكم في ذلك الوقت، لاسيما في ظل استمرار الملك فاروق في تجاهله للأغلبية واعتماده على أحزاب الأقلية وحدوث اضطرابات داخلية وصراع دموي بين الإخوان المسلمين وحكومتي النقراشي وعبدالهادي، وسوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية في مصر في ذلك التوقيت، بالإضافة إلى سوء توزيع الملكية وثروات الوطن واستغلال الاستعمار وأعوانه الظروف من أجل السيطرة والاستحواذ على مقاليد الأمور في البلاد. أسباب الثورة تمثلت الطامة الكبرى في الهزيمة في حرب فلسطين 1948، وظهور فضيحة الأسلحة الفاسدة، والتي كانت تعد أحد الأسباب الرئيسية في اندلاع ثورة 23 يوليو 1952، التي نجحت في أن تؤتي ثمارها وآثارها المرجوة وأن تخرج بإنجازات باهرة سجلت في صفحات التاريخ. ولعل أبرز ما أنجزته ثورة يوليو، تمثل في القضاء على الاستعمار وأعوانه، حيث وجهت أول ضرباتها ضد أعوان الاستعمار وعلى رأسهم الملك، فبدأت فور قيامها بعزله عن الحكم، ثم ألغت النظام الملكي وأعلنت النظام الجمهوري في 18 يونيو 1953، وما ترتب على ذلك من بدء عصر جديد يحكم فيه ابن من أبناء مصر، كما قامت الثورة أيضاً بالقضاء على مزايا الأسرة الحاكمة وأعوان الديوان فتمت مصادرة أموال الملك السابق فاروق في سبتمبر 1953 من قصور عديدة وما فيها لتصبح كلها ملكاً للأمة . وكذلك نجحت في تحقيق الاستقلال الوطني لمصر، عندما انتزعت من الإنجليز جلاء قواتهم عن مصر جلاء تام لأول مرة منذ عام 1882، وتم توقيع اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا في 19 أكتوبر 1954، وبمقتضاها أخذ الإنجليز يجلون عن مواقعهم في القنال حتى غادر آخر فوج من قواتهم أرض مصر يوم 13 يونيو 1956. خطة الثورة عقد الضباط الأحرار عدة اجتماعات يتدارسون من خلالها الموقف في حذر وحيطة، كان آخرها الاجتماع الذي عقد يوم 22 يوليو عام 1952 للإطلاع على الخطة النهائية للتحرك، والعمل الإيجابي، وقد شارك زكريا محيى الدين في وضع خطة التحرك النهائية مع جمال عبد الناصر، وكانت الخطة تحمل في طياتها عوامل نجاحها لبساطتها وتحقيق السيطرة الكاملة على القوات المسلحة، وبالتالي الاستيلاء على سلطة السيادة فى البلاد، وكانت مقسمة إلى مراحل هى: المرحلة الأولى: السيطرة على القوات المسلحة بالاستيلاء على مبنى القيادة العسكرية بمنطقة كوبرى القبة باقتحامها والاستيلاء عليها بمجموعة من الضباط الأحرار، وتقدم مجموعة أخرى من الضباط الأحرار باعتقال بعض كبار ضباط الجيش والطيران من منازلهم لضمان عدم تحرك قوات عسكرية. المرحلة الثانية: السيطرة على جهاز الحكومة المدني، وإنزال قوات إلى الشوارع للسيطرة على عدد من المواقع المدنية الحيوية. المرحلة الثالثة: التحرك لمحاصرة الملك ومنعه من الاتصال بأي وحدات من القوات المسلحة أو القوات البريطانية، كل ذلك تمهيدًا لعزله ولكن في سرية تامة. بعد اجتماع لجنة القيادة بعد ظهر 22 يوليو 1952 ، تحدد لبدء التحرك ساعة الصفر في منتصف ليلة 22 يوليو، ومع غروب شمس يوم 22 يوليو كان معظم الضباط الأحرار المكلفين بمهام التحرك موجودين بمعسكراتهم تحسبًا لأي مفاجآت، منتظرين تعليمات القيادة بالتحرك. تأييد الشعب للثورة أظهر الشعب تأييده التلقائي للجيش، وخرج بجميع فئاته وطوائفه ليعلن مساندته لهذه المجموعة الوطنية من أبنائه الضباط الأحرار، وكان هذا التأييد بمثابة تكليف لقادة الحركة بالاستمرار، وبذلك استمدت ثورة يوليو شرعيتها من الشعب بعد تأييده لها، وتعبيرها عن واقعه وآماله في تحقيق الاستقلال والكرامة. إنجازات الثورة 1- الإصلاح الزراعي كان من بين أبرز الإنجازات التي حققتها الثورة، هو القضاء على الإقطاع الذي سيطر على الغالبية العظمى من فلاحي مصر، وذلك عن طريق تحديد الملكية الزراعية، والذي تم بمقتضى قانون الإصلاح الزراعي الذي صدر في 9 سبتمبر 1952، بهدف إعادة توزيع الملكية الزراعية، وتحديد العلاقة بين المستأجر ومالك الأرض الزراعية ورفع مستوى معيشة العمال الزراعيين والعمل على زيادة إنتاجية الأرض الزراعية وتحرير الفلاح من استغلال الإقطاع، وقد شهدت الفترة من عام 1952 إلى عام 1961 إعادة تكوين المجتمع الزراعي في مصر، بمنع تحكم كبار الملاك، وتحرير قوى الإنتاج الزراعي، وإنشاء تعاونيات الإنتاج، وتحديث أسلوب السياسة الزراعية، وإنشاء نقابات العمال الزراعيين. وأدت سياسة الإصلاح الزراعي إلى زيادة عدد ملاك الأرض الزراعية من 2801 ألف مالك قبل صدور قانون 1961 إلى نحو 3211 ألف مالك في عام. 2- إعادة بناء الجيش كانت للثورة دور رئيسي ومحوري في إعادة بناء الجيش، حيث بدأت أولى الخطوات بكسر احتكار السلاح عام 1955، وذلك بعقد صفقة أسلحة مع تشيكوسلوفاكيا ثم مع الاتحاد السوفيتي، وبدأت عملية تنظيم الجيش وتزويده بالأسلحة الحديثة، وشمل التطوير إنشاء وحدات حديثة خاصة مثل وحدات المظلات والصاعقة وإدارة الحرب الكيمائية، وتحديث وسائل الاتصال مع الارتقاء بمستوى التدريب، وإنشاء مدارس إعداد الفنيين العسكريين والكلية الفنية العسكرية، والمدرسة الثانوية الجوية. كما تم إنشاء المصانع الحربية لمد القوات المسلحة بما تحتاجه من ذخائر، وساهمت هذه المصانع في الوفاء بقدر كبير من بعض أنواع الأسلحة والذخائر لمصر، وبعض الدول العربية والإفريقية، كما برز الاهتمام بنظم التدريب وإرسال البعثات إلى الدول الرئيسية التي يتم استيراد السلاح منها، واتبعت مصر سياسة تدريب العسكريين العرب والأفارقة في المعاهد والكليات العسكرية المصرية، وتم أيضاً تدعيم الدور المدني للقوات المسلحة في تقديم خدمات وأنشطة مدنية. 3- تأميم قناة السويس كما نجحت الثورة أيضا في القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، وتحقيق التحرر الاقتصادي والخروج من سيطرة رأس المال على الحكم، وتنظيم الاقتصاد القومي وفق خطط مرسومة، وذلك من خلال خطوة هامة وهي التأميم، التي بدأت بتأميم شركة قناة السويس عام 1956 شركة مساهمة مصرية. وفي عام 1957 أصدرت حكومة الثورة قرارات التمصير (التأميم) وشمل ذلك البنوك وشركات التأمين ووكالات الاستيراد، وفي فبراير 1960 أممت الثورة البنك الأهلي وبنك مصر، ثم قامت بحركة تأميم كبرى في يوليو عام 1961، ثم في يوليو عام 1962، وقد أدت هذه السياسة ليس فقط إلى القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال، وإنما أدت أيضاً إلى تحرير العمال ورفع مستواهم وإعطائهم نسبة من أرباح الشركات، وضمنت أيضاً هذه السياسة مورداً مالياً للدولة مكنها من تنفيذ سياستها في مرحلة بناء المجتمع. وأدركت ثورة يوليو حجم التباين الطبقي والاجتماعي، الذي يرتبط بنظام الإقطاع وسيطرة الاحتكار على مؤسسات الدولة، فلم تكن قرارات تحديد الملكية الزراعية وتأميم الشركات الكبرى ذات بعد اقتصادي فقط بل ذات أبعاد اجتماعية ضخمة، أدت إلى التقريب بين طبقات المجتمع، وجاءت هذه الإجراءات مصحوبة بإلغاء الألقاب والرتب في 30 يوليو عام 1952، وبذلك تخلص الشعب من طبقة البكوات والباشاوات. ووجهت ثورة يوليو جهودها لدهم الفقراء ومحدودي الدخل وتمثل ذلك في قوانين الضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، والعلاج المجاني، وإصلاح قوانين العمل لحماية الطبقة العاملة من استغلال أصحاب العمل وضمان مستوى معيشي أفضل، فصدر القانون الوزاري رقم 65 لسنة 1952 والخاص بتحديد الحد الأدنى لأجور عمال الزراعة، وذلك بقصد تحسين أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية. 4- دعم المرأة حظيت المرأة بمكانة لائقة عقب الثورة، فكانت الخطوة الأولى في أول دستور مصري بعد الثورة ـ دستور 1956 ـ الذي اهتم بإعطاء المرأة المصرية حقوقها السياسية وإبراز دورها الذي تقوم به في المجتمع والأسرة، وبإقرار دستور 1956 لحقوق المرأة السياسية دخلت المرأة البرلمان لأول مرة فى التاريخ الحديث، وفي عام 1958 دخلت المرأة المعركة الانتخابية ناخبة ومنتخبة، كما ساهمت المرأة في أعمال السلطة التنفيذية وشغل المناصب الوزارية، وقد دخلت المرأة المصرية الوزارة لأول مرة في عهد الثورة كوزيرة للشئون الاجتماعية عام 1962. كما أدركت حكومة الثورة دور الشباب، وكانت البداية بإنشاء اتحاد الشباب القومي عام 1960 بهدف تنمية الروح القومية، ودعم صلات الإخوة بين الشباب العربي. 5- إلغاء دستور 1923 وتجلت أبرز مكتسبات الثورة في إلغاء دستور عام 1923 لأنه لم يعد يناسب الأوضاع الجديدة بالبلاد وحددت في بيانها الصادر في 16 يناير 1953 فترة انتقال مدتها ثلاث سنوات حتى تتمكن من إقامة حكم ديمقراطي دستوري سليم، كما قامت بحل جميع الأحزاب السياسية في 17 يناير 1953، وتم إنشاء "هيئة التحرير" التي أعلن عن قيامها في 23 يوليو 1953 كأول تنظيم سياسي أقامته الثورة يهدف إلى تحقيق المصالح والأهداف القومية للشعب وشعاره "إجلاء المستعمر عن كل شبر من أرض مصر". وفي 16 يناير 1956 أعلن جمال عبدالناصر الدستور الجديد الذي أقر عروبة مصر كما أقر النظام الجمهوري، وفي 23 يونيو 1956 تم الاستفتاء على الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية معا، وأسفرت النتيجة عن الموافقة على الدستور وعلى إجماع الشعب على اختيار الرئيس جمال عبدالناصر رئيساً للجمهورية. ونحو مواصلة الثورة السبيل إلى تحقيق الحرية السياسية للمواطنين أصدر جمال عبدالناصر فى 4 نوفمبر 1961 بيانا سياسيا عن خطوات تنظيم العمل الشعبي وفكرة القوى الشعبية. واستطاعت الثورة بعد تأميم قناة السويس وتمصير المصالح الأجنبية وشركات التأمين والبنوك أن تدخل ميدان التخطيط العلمي الشامل وكانت أول إشارة للأخذ بمبدأ التخطيط القومي الشامل في مصر في 27 نوفمبر 1958 عندما أعلن جمال عبدالناصر في المؤتمر التعاوني الذي عقد بجامعة القاهرة عن البدء في إعداد الخطة الشاملة لجميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وتركزت مجهودات تنمية الصناعة على الاهتمام بتطوير الصناعات القائمة مثل الغزل والنسيج وحلج القطن وإنشاء شركات الأسمدة والسكر وتأسيس الشركات الغذائية والكيماوية والحديد والصلب وركزت الحكومة على الاهتمام بالصناعات الإستراتيجية. 6- مشروعات قومية عملاقة حققت ثورة يوليو الكثير من المشروعات الكبرى والإنجازات القومية، أبرزها تمثل في حتمية زيادة الرقعة الزراعية عن طريق استصلاحها فكانت مشروعات استصلاح الأراضي الصحراوية في مشروعين كبيرين: هما مشروع مديرية التحرير ومشروع الوادي الجديد، اللذان أضافا إلى مصر مساحات مزروعة إلى مساحتها التقليدية في الوادي والدلتا، كما شهدت تلك الفترة نهضة صناعية عملاقة، فكانت المشروعات الصناعية العملاقة في مجال صناعة الحديد والصلب والكيماويات والدواء والإنتاج الحربي، فتحققت لمصر قاعدة صناعية مكنتها من الوفاء باحتياجاتها المتزايدة من الإنتاج، كما تم الاهتمام بصناعات التعدين والبتروكيماويات، وأنشئت لأول مرة وزارة للصناعة عام 1956. 7- مشروع السد العالي كما نفذت ثورة يوليو مشروع السد العالي كأحد أهم المشروعات القومية العملاقة في تاريخ مصر الحديث، بهدف توفير المياه لزيادة الرقعة الزراعية مليون فدان وتحويل 700 ألف فدان في الوجه القبلي من نظام ري الحياض إلى نظام الري الدائم وتوليد 10 مليارات كيلووات من الكهرباء توفر على الدولة 2.5 مليون طن من الوقود وهو ما فتح الطريق نحو غزو الصحراء واستصلاح الأراضي الجديدة، وقد بدأ العمل في بناء السد العالي في 9 يناير 1960 وكان تدبير تمويله من أهم مشاكل إنشائه لرفض البنك الدولي التمويل تحت ضغوط أمريكية، فأعلن عبدالناصر تأميم شركة قناة السويس لتصبح شركة مساهمة مصرية تحقق لها سيادتها واستقلالها وتحقق لها عوائد مضمونة تسهم في دعم الاقتصاد المصري. 8- مجانية التعليم اهتمت الثورة بالتعليم لأهميته في بناء الوطن، وقامت سياسة الثورة في التعليم على الجمع بين التربية والتعليم لإعداد المواطن إعداداً سليماً والأخذ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين في التعليم بعد أن جعلته مجانياً، كما أنشأت حكومة الثورة وزارة للتعليم العالي عام 1961، كما اهتمت بتحقيق التعاون الثقافي مع البلدان العربية الأخرى ومن مظاهر ذلك إنشاء جامعة القاهرة فرعا لها بالخرطوم بدأ العمل به في أكتوبر 1955. ونظراً لأهمية البحث العلمي في تحقيق مسيرة النهضة أنشئت لأول مرة في مصر وزارة البحث العلمي لتنسيق الجهود بين مختلف المعاهد والهيئات ومراكز البحوث العلمية، كما تأسس المركز القومي للبحوث. وتولت وزارة الثقافة والإرشاد القومي أيضاً الإشراف على الإعلام وأجهزته المختلفة، وتم افتتاح التليفزيون المصري يوم 21 يوليو 1960، كما اهتمت الثورة بالصحف وأصدرت الصحف التي تحمل فكر الثورة مثل مجلة التحرير وجريدة الجمهورية، كما أنشأت وكالة أنباء الشرق الأوسط التي بدأت عملها الإخباري في 28 فبراير 1956 كأول وكالة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط، واستندت ثورة يوليو إلى الهيئة العامة للاستعلامات كجهاز إعلامي منذ إنشائها في 2 سبتمبر عام 1954 من أجل تنفيذ مهام سياسية محددة.
أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2