إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: أنا بكره أردوغان!
إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: أنا بكره أردوغان!
أنتمى إلى جيل اتجهت بوصلة الكراهية والعداء عنده إلى اتجاه واحد.. إسرائيل!..
كانت إسرائيل هى التى ترسخ فى قلوبنا وعقولنا ووجداننا أنها العدو.. وكنا نؤمن أشد الإيمان أننا لن نعيش فى سلام واستقرار وأمن وطمأنينة إلا إذا هزمنا هذا العدو وحطمنا إرادته وكسرنا عظامه!..
وبسبب هذه العقيدة الراسخة فى نفوسنا جميعا.. تضاعف شعورنا بالمرارة من هزيمة يونيو 67.. وأصابتنا فرحة هستيرية مع انتصار أكتوبر 73.
وحتى بعد أن انتهت الحرب وسكتت أصوات المدافع ونجحت حمامة السلام فى الجمع بين البلدين مصر وإسرائيل من خلال اتفاقية السلام.. حتى بعد ذلك كله لم تتغير عقيدتنا كمواطنين.. ولم يتحرك مؤشر بوصلة الكراهية والعداء من مكانه.. وظلت إسرائيل بالنسبة للغالبية العظمى من المصريين هى العدو!..
كان أهم أسباب استمرار هذا العداء هو ممارسات إسرائيل الوحشية فى الأراضى الفلسطينية.. والحقيقة أن فلسطين بالنسبة للمصريين قضية لها طابع خاص جدًا تجعل المصريون يتعاملون معها وكأن الأراضى الفلسطينية المحتلة هى أراضى مصرية أكثر منها فلسطينية(!!!)
وليس هناك خلاف على أن هذا الوضع استمر بنفس هذه المواصفات حتى عام 2011.. وبالتحديد حتى قيام ثورة 25 يناير.. بعدها بدأت الحقائق تكشف عن نفسها.. وعرف المصريون حقيقة الدور الذى لعبه أبناء غزة المنتمين لحماس (إخوان فلسطين) فى اقتحام السجون وإسقاط الشرطة المصرية ونشر الفوضى فى ربوع البلاد..
ولا يستطيع منصف أن ينكر أن ما حدث من الفلسطينيين تجاه مصر جعل المصريون يفقدون جزءًا غير قليل من مساحة تعاطفهم مع القضية الفلسطينية..
وكان من الطبيعى أن تتأثر قضية العداء لإسرائيل بهذه المتغيرات الجديدة..
صحيح أن اتجاه بوصلة الكراهية والعداء تجاه إسرائيل لم يتغير.. لكن ذلك لا ينفى من أن مشاعر العداء والكراهية تجاه إسرائيل قد تجمدت.. ولا أريد أن أقول إن حدتها خفت إلى درجة كبيرة (!!!)
لكن البوصلة ظلت فى اتجاهها كما ذكرت..
شخص واحد استطاع مؤخرًا تحريك مؤشر هذه البوصلة.. بوصلة العداء والكراهية.. فأصبحت تتذبذب ما بين تركيا وإسرائيل!..
هذا بالضبط ما فعله السيد رجب طيب أردوغان رئيس تركيا!..
وليس للعقدة التاريخية بين مصر وتركيا علاقة بهذه الكراهية وهذا العداء.
التاريخ يقول إن الدولة العثمانية استعمرت مصر سنوات طويلة.. والتاريخ يقول إن الجيش المصرى الذى أسسه محمد على ساهم بشكل فعّال فى إسقاط الدولة العثمانية..
.. لكن كل ذلك أصبح جزءًا من الماضى.. ولهذا السبب بدأت العلاقات المصرية والتركية تأخذ مسارًا بعيدًا عن العداء والكراهية..
المصالح تتصالح كما يقولون.. وقد استطاعت المصالح أن تقرب بين مصر وتركيا فى السنوات الأخيرة وخاصة فى سنوات حُكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.. مصانع واستثمارات وتبادل تجارى وسياحة.. ومسلسلات تركية (!!!)
لكن فجأة يأتى أردوغان ليخنق المصالح ويتجاهل التصالح!..
حدث ذلك فى أعقاب ثورة 30 يونيو التى أطاحت بالإخوان من فوق عرش مصر..
تعامل أردوغان مع الحدث وكأن المصريين أسقطوه هو وليس محمد مرسى..
حصل أردوغان على توكيل وكفالة الهجوم على مصر فى كل المحافل الدولية.. ولم يحاول أن يخفى عدائه للنظام المصرى..
ويبذل أردوغان جهدًا كبيرًا فى دعم ومساندة المعتصمين فى رابعة لدرجة أنه عاش الدور واندمج فيه وراح يرفع بأصابعه علامة رابعة بمناسبة وبغير مناسبة..
وأكثر من ذلك.. فقد فتح أردوغان أبواب تركيا على مصراعيها لاستقبال الإخوان الهاربين من مصر.. ثم قام بخطوة أبعد فجعل من تركيا وإسطنبول تحديدًا منصة لإطلاق صواريخ الإعلام الإخوانى على مصر..
كان عداء أردوغان لمصر وللمصريين وانحيازه الفاضح للإخوان.. أمر غير مبرر فى البداية.. لكن سرعان ما سقطت الأقنعة وانكشف المستور..
كان هدف الإخوان ومخططهم هو إعادة نظام الخلافة الإسلامية.. وكان أكثر المرشحين من وجهة نظرهم لتولى منصب الخليفة هو رجب طيب أردوغان!..
وليس سرًا أن أردوغان عاش الحلم مع الإخوان.. أولا باعتباره إخوانى.. فقد شغل منصب الأمين العام للتنظيم الدولى للإخوان، وثانيًا لأنه عثمانى يعيش حلم استعادة مجد أجداده (!!!)
ويخطو أردوغان خطوة أخرى أكبر وأطول فى استعداء المصريين واكتساب كراهيتهم بأقدامه على مساندة قطر التى تحولت إلى بنك مركزى يحتفظ بأكبر الأرصدة لدعم الإرهاب.. خاصة الإرهاب الموجه إلى مصر.
وكأن أردوغان يقول لنفسه: لن أقف عند حد.. فقد قام بالهجوم على الأراضى السورية واحتل أجزاء منها.. ثم كرر نفس الجريمة مع العراق.
وكأن كل ذلك لم يكفيه فاتجه إلى ليبيا..
قام أردوغان بعمل اتفاق صورى يشبه ورقة الزواج العرفى بينه وبين حكومة السراج.. المؤقتة.. والتى مر على تاريخ صلاحيتها أكثر من 4 سنوات.
المهم أنه بموجب هذا الاتفاق المشبوه.. راح أردوغان ينقل الإرهابيين والمرتزقة إلى ليبيا.. وراح ينقل أسلحة تركية إلى ليبيا.. وراح يسعى لإقامة قواعد عسكرية تركية فى ليبيا.. وراح يخطط للاستيلاء على بترول ليبيا..
وليس خافيا ما يمثله ذلك كله من خطر على الأمن القومى المصرى..
وكان من الطبيعى أن تزيد مساحة الكراهية والعداء لأردوغان وتركيا.. ربما أكثر من إسرائيل (!!!)
وكان من الطبيعى أيضا أن تتحول هذه الكراهية وهذا العداء إلى رغبة مصرية شعبية.. أعلنت قبل أى بيانات رسمية.. الحرب على تركيا..
فرض حديث الحرب مع تركيا نفسه على الغالبية العظمى من المصريين.. وكان ملحوظًا أن الجميع يتمنى وقوع هذه الحرب للانتقام من أردوغان..
وعندما أعلن الرئيس السيسي أن الجيش المصرى سيتدخل فى ليبيا إذا هاجمت المليشيات أو القوات التركية سيرت والجفرة.. وعندما أعلن الرئيس السيسي وأكد أن سيرت والجفرة خط أحمر.. حظى برضا شعبى هائل.. سببه الأكبر أن المصريون أصبحوا يكرهون تركيا وأردوغان ربما بأكثر مما يكرهون إسرائيل..
وبالمناسبة فإن قنوات الإخوان كعادتها حاولت أن تقلب الحقائق وتخلط الأوراق.. فعندما بدأت الأمور تسير فى اتجاه الحل السياسى التفاوضى.. حاولت قنوات الإخوان تصوير المسألة وكأن الرئيس السيسي تراجع عن الحرب.. خوفا من أردوغان.. وهو كذب فادح وفاضح.. لأن مصر أو الرئيس السيسي لم يعلن أنه يعتزم إعلان الحرب داخل ليبيا ولكنه قال: الجيش المصرى سيتدخل إذا حاول أردوغان ومرتزقته اقتحام سرت والجفرة.. ساعتها سنقطع يده!..
والذى يتابع المشهد الليبى يعرف أن أردوغان كان يسعى بالفعل لدخول سرت والجفرة.. لكنه الآن يقف محلك سر.. لسبب منطقى وحيد.. خوفه من أن تقطع يده (!!!)
وفى كل الأحوال أصبح واضحًا أن أردوغان يحظى بكراهية المصريين واحتقارهم.. ولا أستبعد لو أن الراحل شعبان عبد الرحيم الذى اشتهر بأغنية (أنا بكره إسرائيل).. لا أستبعد لو أنه كان لا يزال حيا أن يعدّل كلمات أغنيته فيقول: أنا بكره إسرائيل.. وكمان بكره أردوغان (!!!)
المفارقة أن الراحل شعبان عبد الرحيم يتحدث فى أغنيته عن حيثيات وأسباب كراهيته لإسرائيل.. فيقول: وبكره إسرائيل.. عشان جنوب لبنان والقدس والعراق.. وسوريا والجولان..
ألا تفعل تركيا نفس ما تفعله إسرائيل.. ألا تسير على نفس خطى إسرائيل؟..
تعتدى تركيا على سوريا والعراق وتبيع القدس.. الاستثناء الوحيد هو جنوب لبنان.. لكنها استبدلته بالاعتداء على ليبيا واحتلالها..
عندهم حق المصريون أن يكرهوا أردوغان بأكثر مما يكرهوا إسرائيل!..