طارق السيد متولى يكتب: ماسك والأفلام الأمريكية

هناك مثل أمريكى يقولit is too good to be true بمعنى أنه جيد جدا أكثر من اللازم بحيث لا يعقل أن يكون حقيقى فنحن عندما نرى شخص يعمل عملا فى وقت قياسى مثلا تصيبنا الدهشة ونقول غير معقول كيف عمل هذا. وسبحان الله الذى خلق البشر متفاوتين فى الاشكال والالوان والأحجام وايضا متفاوتين فى القوة والقدرة فلاعبى رفع الأثقال مثلا يرفعون اوزان تصل لمئة وخمسون كيلو بينما أشخاص آخرون لا يستطيعون رفع عشرة كيلو جرامات. لو قلت لك ان الناس قبل اختراع وسائل النقل كانوا يمشون على الأقدام مسافة ثلاثة أيام ينتقلون من بلد لبلد واحيانا يستعينون بالخيل والجمال وهى مسألة شاقة أيضا لتعجبت وانت ترى نفسك لا تستطيع أن تنتقل من مكان إلى مكان الا بالسيارة المكيفة ومع ذلك تشكو من تعب السفر والأنتقال. ليس هناك شك أن أسلافنا كانوا أكثر منا قوة وتحمل وفق المعطيات والظروف. اقول هذا الكلام ردا على رجل الأعمال الأمريكى ايلون ماسك الذى صرح مؤخرا تصريح من اغرب التصريحات التى ترقى إلى مستوى الخيال العلمى ويبدو أنه كان متأثراً فيه بأفلام الخيال العلمى وحرب الكواكب التى تنتجها السينما الأمريكية بكثرة حيث قال إن بناة الأهرام هم كائنات فضائية وليسوا قدماء المصريين على الرغم من أنه يعمل فى مجال تصنيع المركبات الفضائية وإرسال بعثات إلى الفضاء التى لم تثبت حتى يومنا هذا وجود كائنات فضائية فى الفضاء ناهيك عن الأرض. التصريح إن دل فإنما يدل على عدم دراية بالتاريخ  لانه ببساطة لو قرأ التاريخ والذى شارك فى بحثه وتحليله وكتابته علماء من جميع أنحاء العالم ليس من مصر فقط لعرف أن الآثار المصرية الكثيرة الموجودة على الأرض المصرية مرتبطة بتاريخ وحضارة وحكام وملوك كتبت أسمائهم وحفرت على جميع أعمالهم بل حددت أيضا فترات حكمهم بالسنوات وذكرت من كان قبلهم ومن جاء بعدهم فالأهرامات الثلاثة فى الجيزة لملوك ثلاثة هم خوفو وخفرع ومنكاورع كل هرم فيهم تم بناءه فى عصر مختلف ووقت مختلف وقبل الاهرام الثلاثة كان الهرم المدرج المعروف بهرم سقارة فى الجيزة أيضاً والذى بناه الملك زوسر فى بداية عصر الأسرات وهو أول بناء حجرى فوق سطح الأرض على مستوى العالم أجمع والذى تطور منه بناء الأهرامات الثلاثة الكبيرة السابق ذكرها ثم إن بناء الاهرامات المصرية مرتبط اساسا بالديانة المصرية القديمة التى امنت بالبعث والحياة الآخرة قبل أن يعرف العالم الدين من الأساس فكثير من الناس لا يعرف أن الهرم ما هو إلا مبنى محيط بغرفة دفن الفرعون الملك صاحب الهرم فهو بمثابة قبره والشكل الهرمى التى تتجه قمته إلى السماء رمز لصعود الروح إلى السماء. ونظرا لعظم هذه الآثار وهذا البناء الذى بنى من الحجارة التى تزن الواحدة منها أطنان من الكيلو جرامات اختلف العلماء حول طريقة بناء الهرم وكيفية نقل الأحجار الهائلة الوزن ورفعها فى وقت لم تكن فيه المعدات الحديثة كالأوناش قد اكتشفت بعد  وتوصلوا إلى عدة نظريات أهمها أنهم كانوا ينقلون الأحجار عن طريق المراكب الخشبية الكبيرة حيث ثبت أن نهر النيل كان يجرى قريبا من منطقة الأهرام واستخدموا الرمال والسقالات الخشبية لرفع الأحجار وإعداد هائلة من العمال المصريين ولا زالت اثار مايعرف بقرية العمال ومعسكراتهم باقية خلف منطقة الأهرام حتى الآن.لكن لم يختلف احد من العلماء  ابدا فى مسألة من بنى الاهرام.فقدماء المصريين لو يبنوا فقط الاهرام بل بنوا المعابد الضخمة والمسلات الهائلة والطرق والقصور وبرعوا وتفوقوا فى مجال العمارة والزراعة والصناعة والفنون والآداب وانشأوا حضارة عظيمة لم يشهد لها العالم مثيلا حتى يومنا هذا وكانوا بشر مثلنا ولم يكونوا كائنات فضائية ليس لها وجود اصلا إلا فى الأفلام الأمريكية .