داليا مجدى عبد الغنى تكتب: العمل الدرامي ... رسالة أولاً

داليا مجدى عبد الغنى تكتب: العمل الدرامي ... رسالة أولاًداليا مجدى عبد الغنى تكتب: العمل الدرامي ... رسالة أولاً

* عاجل4-8-2020 | 22:16

شاهدت بالصدفة في أول أيام العيد برنامجًا على إحدى قنوات التليفزيون المصري، وكان مُستضيفًا الكاتب والسيناريست الكبير "مجدي صابر"، واسترعى انتباهي عبارة قالها الكاتب الكبير فيما معناها أن العمل الفني لابد أن يحمل رسالة للمُشاهد، وإلا أصبح عملاً فقيرًا لا قيمة له، ولن يترك أثرًا على المُتلقي. وهنا تذكرت أنني عندما شاهدت وأنا طالبة في السنة الأولى بكُلية الحُقوق مُسلسل "الرجل الآخر" للمُبدع الراحل "نُور الشريف"، قررت أن أحاسب نفسي على كل تصرفاتي؛ لأن النهاية عندما تُباغت الإنسان فجأة، ولا يكون لديه فُرصة لإصلاح ما أفسده في حياته، وقررت أيضًا أن الحياة عندما تمنحني فُرصة لإصلاح ما أفسدته، أن أقتنص الفُرصة على الفور ولا أغتر بها، بل اعتبرها كالكنز الذي لا يجده الإنسان في حياته سوى مرة واحدة. وأذكر أيضًا أكثر عمل درامي أثر فيَّ حتى الآن، وهو مسلسل "للعدالة وُجُوه كثيرة"، للفنان الرائع، والمُبدع الحقيقي الصادق "يحيى الفخراني"، وهذا المُسلسل عندما عُرِضَ كُنت في السنة الثالثة بالجامعة، ومن شدة تأثري به، كنت أعيش وأتعايش مع شخصية "جابر مأمون نصار"، وكأنه شخص حقيقي يعيش في مُجتمعنا، فأذكر أنني في مشهد مُحاكمته، كُنت أرتعش، وكأنني بالفعل في قاعة المحكمة، وهذا الشخص تربطني به صلة دم، وأخشى من الحُكم عليه بالإدانة. فهذا العمل كم حببني في عمل الخير وبدون مُقابل، وكم جعلني أشعر أن قيمة الإنسان ليست في أصله الكريم، ونسبه الشريف، ومركزه العظيم، بل في إنسانيته الحقيقية، ومشاعره المُتدفقة، وعطائه بلا حُدود. فرسالة الأعمال الفنية تكمن في قُدْرتها على تغيير أفكارك، وترسيخ قيم إنسانية بداخلك، تجعلك ترى الحياة بمنظور مُختلف، فهي تجعل عينيك كالميكروسكوب، ترى ما لم تكن تراه من قبل، فهي تُوقظ ضميرك، وتُحيي مشاعرك، وتُرقي إنسانيتك، فهي تضع مرآة مُكبرة على كل الصغائر، فتجعلك ترى التفاصيل الصغيرة، التي كنت تستهين بها، وتعرف كم هي مُؤثرة في الحياة، ومدى قُدْرتها على ترك أثر في الآخرين، سواء بالسلب أو بالإيجاب. فيا ليت كل صانع عمل فني يُدرك أن عمله هذا هو الذي سيُشكل وجدان الإنسانية، بل والأجيال اللاحقة بأكملها، بدليل أن هذين العملين الذين تركا أثرًا بالغًا في نفسي، وبالمُصادفة أنهما لذات الكاتب الكبير "مجدي صابر"، هما اللذين شكلا وجداني، عندما كنت في مرحلة عُمرية تحتاج إلى قيم إنسانية، وأفكار صادقة، تُشكل الضمير والإنسانية بداخلي. فاحرصوا على غرس القيم، وشجب الرذائل في أعمالكم؛ لأنها تُشكل وجدان أمة بأكملها.
أضف تعليق