خبيرة اقتصاد تكتب لـ «دار لمعارف»: نحن وصندوق النقد الدولي (1من2)

خبيرة اقتصاد تكتب لـ «دار لمعارف»: نحن وصندوق النقد الدولي (1من2)خبيرة اقتصاد تكتب لـ «دار لمعارف»: نحن وصندوق النقد الدولي (1من2)

* عاجل16-8-2020 | 20:06

- يُقدم صندوق النقد مساعدات مالية للدول الأعضاء حتى تتمكن من تصحيح مشكلاتها المتعلقة بميزان المدفوعات. - تعاون الدولة المصرية مع الصندوق ليس اقتصادياً فحسب بل سياسياً وإجتماعياً - مصر واحدة من الأعضاء الأساسيين لصندوق النقد منذ 27 ديسمبر 1945 ولديها الحق في طلب المساعدة المالية منه وفقاً إلى نسبة محددة من حصتها في رأس مال الصندوق. - الصندوق والبنك الدوليين يقدمان التمويل اللازم لمعالجة الإختلالات الهيكلية في اقتصاديات الدول الأعضاء فضلاً عن التعاون الفني وتقديم المشورة المالية والاقتصادية. - تقارير صندوق النقد أشارت تم رفع توقعات نمو الاقتصاد المصرى ليصل إلى 5.5 ٪ فى العام المالى 2018 - 2019 من نسبة 5.3٪. - تم تعزيز تدابير الحماية الإجتماعية لحماية أكثر الفئات تضرراً من الآثار السلبية قصيرة الأجل المتعلقة بإرتفاع الأسعار الناجمة عن خفض الدعم وتحرير سعر الصرف. تقرير: عائشة غنيمي خبير اقتصادي ومسئول برامج وعلاقات دولية يهدف صندوق النقد الدولي إلى ضمان استقرار النظام النقدي الدولي أي نظام أسعار الصرف والمدفوعات الدولية الذي يمَكِّن البلدان من إجراء المعاملات فيما بينها، إذ يعمل الصندوق على تعزيز الاستقرار المالي والتعاون في المجال النقدي على مستوى العالم، كما يسعى لتيسير التجارة الدولية، وزيادة معدلات توظيف العمالة والنمو الاقتصادي، والحد من الفقر في مختلف بلدان العالم، وذلك من خلال اعتماد سياسات تعزز الاستقرار الاقتصادي والحد من التعرض للأزمات الاقتصادية والمالية وترفع مستويات المعيشة. وفي هذا الصدد، يُقدم الصندوق مساعدات مالية للدول الأعضاء حتى تتمكن من تصحيح مشكلاتها المتعلقة بميزان المدفوعات، حيث تضع الحكومات برامج إصلاح اقتصادي بالتعاون الوثيق مع الصندوق وبدعم تمويلي منه، على أن يرتهن استمرار هذا الدعم بمدى فعالية تنفيذ هذه البرامج. فضلاً عن تقديم المشورة المالية والنقدية للدول الأعضاء، إلى جانب تقديم برامج تدريبية لتنمية القدرات والتدريب بما يساعد على تنفيذ السياسات الفعالة في عدة مجالات، منها السياسات الضريبية والإدارة الضريبية، وإدارة الإنفاق، والسياسة النقدية، وسياسة سعر الصرف، والرقابة في النظامين المصرفي والمالي، والأطر التشريعية، والإحصاءات. ويتعين إعادة النظر للتعاون مع صندوق النقد الدولي بمنظور إيجابي، فالتعاون مع الصندوق ليس اقتصادياً فحسب بل سياسياً وإجتماعياً. وفي أغلب الأحيان ينظر البعض إلى المساعدات المالية المُقدمة من الصندوق والبنك الدوليين وكأنها تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ومعظم وجهات النظر الرافضة للحصول على تلك المساعدات سواء كانت في صورة قروض أو تسهيلات ممددة لم تكن قائمة على تحليل اقتصادي واضح حيث الرفض المطلق لمبدأ المساعدات المالية، ولكن العبرة بكيفية استخدام التمويل وتحقيق الأهداف الاقتصادية والإجتماعية المنشودة بحيث تكون العائدات من تلك القروض والتسهيلات الممددة أكبر من تكلفتها، علاوة على الإدارة الفعالة للتمويل المُقدم، فالإقتراض من تلك المؤسسات مشروطاً بتطبيق برامج إصلاحية وتحقيق التنمية المستدامة ومحاربة الفقر، وذلك لضمان جدوى التمويل وتحقيق الثمار المرجوة. فكل من الصندوق والبنك الدوليين يقدمان التمويل اللازم لمعالجة الإختلالات الهيكلية في اقتصاديات الدول الأعضاء فضلاً عن التعاون الفني وتقديم المشورة المالية والاقتصادية. وبإلقاء الضوء على التعاون بين مصر والصندوق، يُلاحظ أن هناك تاريخ مثمر من التعاون حيث دعم الإصلاحات الاقتصادية في مصر بنجاح والإنخراط الإيجابي في النظام النقدي الدولي. ومن الجدير بالذكر أن مصر هي واحدة من الأعضاء الأساسيين لصندوق النقد الدولي منذ 27 ديسمبر 1945 ولديها الحق في طلب المساعدة المالية من الصندوق لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي وفقاً إلى نسبة محددة من حصتها في رأس مال الصندوق. وقد حصلت مصر على تمويل في بداية التسعينيات لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي انعكس إيجابياً على المؤشرات النقدية والمالية وانخفاض الدين العام الخارجي وذلك بفضل إسقاط 50٪ من الديون الخارجية المستحقة على مصر في إطار نادي باريس بمساندة كلاً من الصندوق والبنك الدوليين. وفي نوفمبر 2016 أطلقت الحكومة المصرية برنامجاً شاملاً للإصلاح الاقتصادي بدعم من صندوق النقد الدولي على خلفية الإختلالات الاقتصادية الكبيرة التي أدت إلى زيادة الدين العام، واتساع عجز الحساب الجاري، وانخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي، ومن ثم وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على تقديم مساعدة مالية لمصر من خلال اتفاق للاستفادة من "تسهيل الصندوق الممدد" مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار (ما يعادل 8.59 مليار وحدة حقوق سحب خاصة) أي 422% من حصة مصر. ويتم دفع مبلغ القرض المُيسر على مراحل وفقاً إلى خمس مراجعات لأداء الاقتصاد المصري وتقييم مدى فاعلية ونجاح البرنامج الاقتصادي، الأمر الذي يؤكد على الجدارة الإئتمانية لمصر وشهادة ثقة في الاقتصاد المصري وقدرته على تحقيق معدلات نمو مطردة ومعالجة الإختلالات الاقتصادية. وفي هذا الإطار، وافق المجلس التنفيذي للصندوق على المراجعة الأولى في 13 يوليو 2017 وعلى المراجعة الثانية في 20 ديسمبر 2017. ويهدف برنامج الإصلاح الاقتصادي إلى تخفيض عجز الموازنة العامة والدين الحكومي، وزيادة النمو الاقتصادي لخلق فرص العمل خاصة للمرأة والشباب، كذلك يهدف البرنامج إلى حماية محدودي الدخل أثناء عملية الإصلاح، إذ تطلب الإصلاح الاقتصادي تحرير سعر الصرف من أجل القضاء على السوق الموازية وغير الرسمية حيث المضاربات ونقص العملات الأجنبية من السوق المصرفي، فضلاً عن سياسات الإنضباط المالي التي تهدف إلى تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة من خلال زيادة الإيرادات وترشيد النفقات. وحصلت مصر على الشريحة الأولى بقيمة 4 مليارات دولار على دفعتين؛ الأولى 2.75 مليار دولار في نهاية عام 2016 والثانية 1.25 مليار دولار بعد المراجعة الأولى في يوليو 2017. والشريحة الثانية بمبلغ 2 مليار دولار في ديسمبر2017 بعد الإنتهاء من المراجعة الثانية من قبل بعثة صندوق النقد الدولي. وبالإشارة إلى تقارير صندوق النقد الدولي، تم رفع توقعات نمو الاقتصاد المصرى ليصل إلى 5.5 ٪ فى العام المالى 2018 - 2019 من نسبة 5.3٪  كانت متوقعة فى المراجعة الأولى لبرنامج مصر الاقتصادى. وتم التأكيد على أن الحكومة المصرية قد اتخذت قرارات صائبة بالتنسيق مع البنك المركزي المصري من أجل تنفيذ البرنامج بنجاح، وتخفيف عجز الموازنة وإصلاح دعم الطاقة، وزيادة معدل العمالة، وتعزيز مشاركة النساء والشباب في قوة العمل. وبالإضافة إلى تعزيز تدابير الحماية الإجتماعية لحماية أكثر الفئات تضرراً من الآثار السلبية قصيرة الأجل المتعلقة بإرتفاع الأسعار الناجمة عن خفض الدعم وتحرير سعر الصرف. وقد بدأ برنامج الإصلاح الاقتصادي جني ثماره التي انعكست في جمع قوى النشاط الاقتصادي المصري التي أدت إلى انخفاض عجز الموازنة بنسبة  50 ٪ خلال الفترة 2016/2017، حيث انخفضت بنسبة 1,8 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 3,6  ٪ في الفترة 2015/2016، إرتفاع الإحتياطي من النقد الأجنبى ليتجاوز 37 مليار دولار؛ بفضل استعادة الثقة وعودة التدفقات الرأسمالية بعد قرار البنك المركزى المصرى بتحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016. وعلاوة على ذلك، ارتفع معدل النمو الاقتصادي خلال الربع الأخير من 2016/17 إلى 4,8 ٪، مع انخفض معدل البطالة إلى 11,9٪ في عام 2017، مقارنة مع 12,7٪ في يونيو 2016 . في حين، ارتفعت معدلات التضخم لتحقق مستويات عالية ذات آثار سلبية اجتماعياً قصيرة الأجل. وفي هذا السياق، قام البنك المركزي المصري بتشديد السياسة النقدية وزادت الحكومة من الإنفاق على الحماية الاجتماعية من أجل تغطية الآثار المترتبة على إزالة الدعم التي أدت إلى زيادة حادة في أسعار وسائل النقل والسلع الأساسية ، كما ارتفعت أسعار الكهرباء المحلية وأسعار الوقود. فضلاً عن زيادة ضريبة القيمة المضافة من 13٪ إلى 14٪.
أضف تعليق

إعلان آراك 2