أكذوبة التصنيف الدولي للقوات المسلحة المصرية

أكذوبة التصنيف الدولي للقوات المسلحة المصريةأكذوبة التصنيف الدولي للقوات المسلحة المصرية

*سلايد رئيسى7-7-2017 | 23:19

كتب: أحمد زايد*

كل فترة تطالعنا صفحات الانترنت بمقالات أجنبية منشورة عن تقارير دولية لجلوبال فاير باور ، وكذلك بعض الدراسات مجهولة المصدر او معروفه المصدر تتحدث عن صفقات التسليح المصرية وارتفاع ترتيب الجيش المصري وسط جيوش العالم – تاره للمركز العاشر وتاره اخري للثاني عشر الخ ..........

يعقب نشر تلك التقارير ضجة اعلامية كبيرة جدا في الاوساط المصرية تصل الي حد استضافة القنوات الفضائية التجارية لخبراء عسكريين يتحدثون عن تلك التقارير ومنهم من يستخدمها سياسيا لصالح جهة ما ، او ضد جهة ما ، ومنهم من يستخدمها اعلاميا ومنهم من يفتي بدون علم وتؤثر تلك التقارير بشكل واضح جدا علي معنويات الشعب لدرجه أنها قد تصل لمستوي حرب نفسية غير معلنة.

وفي الحقيقة أن تلك التقارير سواء كانت حقيقية أم غير حقيقية فهي كمين محكم لمصر ككل وللجيش المصري بصفه خاصة - لو صدقوا تلك التقارير .

الفيفا

مثال غريب سنبدأ به الموضوع لانه اقرب الي قلوب وعقول الملايين ، فالاتحاد الدولي لكره القدم – الفيفا – يضع تصنيف المنتخبات والاندية العالمية بناء علي نتائج الفرق في المبارايات الدولية والبطولات التي فاز بها ، وعلي أساس ذلك يتم وضع تصنيف واقعي صادق شامل لمستوي الفريق وعلي أساس التقييم الصادق والواقعي يتم وضع ترتيب صحيح للفريق أو المنتخب.

لكن هذا لا يصلح مع الجيوش علي مستوي العالم ........ لماذا؟

تقارير ترتيب الدول تعتمد بصفه رئيسية علي الانفاق العسكري للدول (ميزانية الفريق) وأنواع الاسلحة التي في حوزه تلك الدول وعلي تعداد تلك القوات من حيث الطائرات والدبابات والسفن الخ ( اعبي الفريق) ، وعلي مستوي التدريب المعلن لتلك القوات ( المباريات الودية).

ونظرا لأن 99% من جيوش العالم لا تحارب إلا حربا كل 25 – 30 عاما (عدا الولايات المتحدة الامريكيه التي تحارب كل يوم حربا غير متعادلة أو متكافئة).

فأن تقييم تلك الجيوش شهريا لا يكون علي أساس حرب واقعية بين قوتين متقاربتين في القوة ( مباريات رسمية دولية ) لكي يتم قياس واقعي لمستوي الجيوش.

ففي التاريخ الحديث كانت أخر حرب رسمية بين جيشين متقاربين في القوة والتسليح هي الحرب العراقية الايرانية والتي أستمرت 8 سنوات عجاف وكانت النتيجة ان الدولتين خسرتا مئات المليارات من الدولارت ومئات الاف من القتلي والجرحي بدون نتيجه منطقية للقتال فالدول الكبري تصارعت لكي تستمر الحرب أكبر وقت ممكن لاستنزاف موارد تلك الدول وانعاش سوق السلاح.

بعد حرب الخليج خرجت التقارير الاعلاميه للمنظمات العسكرية الغير رسمية تفيد بأن العراق أصبح القوه السادسة علي مستوي العالم في حين أن أيران تراجعت للمركز الرابع والعشرين ، ولم تفسر تلك التقارير لماذا لم تنتصر القوة السادسة في العالم في الحرب نصر عسكري واضح ، انما تمكنت فقط من استعادة الاراضي التي فقدتها من الجيش الرابع والعشرين علي مستوي العالم .... ما يهمنا في هذا الموضوع هو توضيح شئ مهم جدا.

أولا – لا يوجد ما يسمي بترتيب جيوش العالم .

ثانيا – لماذا تلك التقارير تخرج علينا كل فترة .

أولا: لا يوجد ما يسمي بترتيب جيوش العالم

ذكرنا في البداية أن تقارير ترتيب الجيوش العالمية تستند إلي عدة قواعد لتقييم الجيوش (الإنفاق – العدد – التدريب المعلن – الخ إلخ...)

لكن هذه القواعد تفتقر إلي عدة عوامل وقواعد أساسية لا يمكن قياسها وبالتالي تتعمد تلك التقارير تجاهل تلك القواعد بشكل كامل لكي تخرج لنا بتقرير يمكن للعامة تصديقه ونشره وبالتالي يحقق للجهة الناشرة دعاية وأرباح كبيرة.

من ضمن تلك العوامل التي لا يمكن قياسها .

1- مستوي مستخدم السلاح:

بمعني أن كثيرا من الدول لديها نفس الأسلحه وليكن مثلا الطائرة ‪F 16 ‬ فهل مستوي الطيار المصري يعادل مستوي الطيار الأمريكي أو الإماراتي أو الباكستاني أو الاسرائيلي؟ بالطبع لا فهناك تفاوت بين مستوي تدريب طياري تلك الدول المستخدمة لنفس السلاح وكذلك هناك اختلاف في مستوي الطيار داخل الدولة نفسها فليس كل الطيارين علي مستوي واحد من الكفاءة والخبرة، لذلك لا يمكن اعتبار أن الدول التي لديها طائرات أكثر أو طائرات أكثر تقدما هي دولة متقدمة – مثال دويلة قطر التي لديها طائرات متقدمة جدا وليس لديها طيارين قطرين أصلا.

2- العقيدة القتالية:

هي سلاح هام جدا في أي جيش علي مستوي العالم وهي لا يمكن قياسها بأي أداة فعلية من أدوات القياس – فأيمان الفرد بالقضية التي يحارب من أجلها تجعله يقاتل بضراوة أكثر ويتفوق علي نفسه وعلي عدوه – مثال الحرب الفيتنامية الأمريكية التي انتصر فيها الجزء الشيوعي من البلاد ضد دولة عظمي (أمريكا) في حين أن كل ما كان يملكه من سلاح في بداية القتال هي البندقية الكلاشنكوف فقط، ضد دولة تملك كل سلاح وأي سلاح، لكن العقيدة القتالية للفيتنامين وإيمانهم بعدالة قضيتهم جعلتهم ينتصرون في النهاية ويطردوا أمريكا من فيتنام كاملة، لتصبح أكبر هزيمة مذلة للجيش الأمريكي في تاريخه القصير.

3- الروح المعنوية:

سلاح يعتبر من أقوي أسلحة الجيش لكنه لا يمكن قياسه بأي شكل من الأشكال ولا يمكن إنكار وجوده أيضا، لكن التقارير الدولية لا تتعرض لهذا السلاح من قريب أو بعيد وهذا السلاح هو ما مكن القوات المصرية من اقتحام خط بارليف في ستة ساعات فقط بعد أن كانت كل تقارير العالم تفيد أن مصر تحتاج إلي قنبلة نووية تكتيكية أو سلاحي المهندسين الأمريكي والسوفيتي للعمل معا، كذلك نفس السلاح هو الذي جعل الطائرة الميج 21 والميج 17 وحتي الهليكوبتر مي 8 تواجه الفانتوم الإسرائيلية وتسقطها، وهو نفس السلاح الذي جعل جندي المشاة يقفز فوق دبابة إسرائيلية ويدمرها......

4- قدرات تصنيع السلاح لكل دولة:

طبعا تختلف قدرات التصنيع للسلاح من دولة لأخري ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقارن دولة منتجة للسلاح بدولة مستهلكة للسلاح، فالدول المنتجة تضع قيود علي تصدير السلاح للدول الأخري وطالما أنت دولة لا تصنع سلاحك فستكون دائما تحت رحمة الدول المصنعة للسلاح .

5- القدرات الفنية لجيوش الدول:

تلك أيضا نقطة لا تقاس ولا تظهر في تلك التقارير، فلو قارنا بين دولتين تستوردان نفس السلاح – دولة تطور هذا السلاح ذاتيا وتقوم بعمل صيانة مستمرة له، ودولة أخري تشتري السلاح لمجرد (المنظرة – الوجاهة) وسط الدول الأخري، ولا تقوم بالصيانة أو التطوير اللازم، عند عمل مقارنة بين الدولتين ستجد أن الدولة التي لا تطور سلاحها ربما تكون أكثر تقدما في الترتيب العالمي لمجرد أنها أشترت قطع أكثر من هذا السلاح، أو أنفقت أكثر علي الميزانية العسكرية في حين أن تلك التقارير لا تدخل داخل الوحدات العسكرية لتعرف مدي صلاحية السلاح من عدمه.

6- الجاهزية القتالية:

الجاهزية القتالية هي أحد أسرار الجيوش التي تحاول بشتي الطرق إخفاءها عن الأعين وعن أجهزة المخابرات المعادية والصديقة، لأن الجاهزية القتالية للجيوش تساوي للعدو أكثر مما تساوي أنواع السلاح التي أصبحت معلنة للجميع علي كل مواقع شركات تصنيع السلاح – ولنعطي مثلا يوضح أكثر – دولة أشترت 100 طائرة بعد عام – أصبح جاهزا للقتال 90 طائرة فقط لنقص الصيانه أو قطع الغيار أو الطيارين وبعد عام آخر اصبح العدد 80 لنفس الأسباب أو أسباب أخري فنية أو اقتصادية أو سياسية، فيظهر في التقارير الدولية التي نتكلم عنها أن تلك الدولة لديها 100 طائرة مع أن الحقيقة أن العدد الصالح للقتال أقل بكثير من الحقيقي، ذلك تعتمد أجهزة جمع المعلومات علي جمع معلومات دقيقة عن الجاهزية القتالية للجيوش بينما تتغافل تلك التقارير المنشورة تلك الجزئية ولا تتعرض لها في الانفوجراف الذي تنشرة بصفة دورية ويتصارع الجميع علي التفاخر به فورا علي الصفحات العسكرية علي الانترنت أو البوبات الاعلامية للصحف والمجلات.

ثانيا: لماذا تلك التقارير تخرج علينا كل فترة

بعد حرب الخليج الأولي 1980 -1988 خرجت علينا أبواق الإعلام العالمي (نظرا لعدم اختراع الإنترنت وقتها) بأن الجيش العراقي أصبح السادس علي العالم وأنه متقدم جدا ولديه قدرات عالية جدا (كلها مقدمة من الدول الغربية خلال حرب أيران واكثرها تقدما نظم قيادة وسيطرة حديثة جدا) وللأسف صدق العراقيين ما يروج لهم علنا (وسرا وخلال أجتماعات مخابراتية)، وصدق صدام حسين أن لدية جيشا قويا بالفعل، وهو ما كان حقيقة فهو جيش قوي لكنه يدفع دفعا لكي يتم التخلص منه بعد أن انتهت الحرب مع إيران وتحولت العراق إلي دولة مديونة للخليج، فحان وقت التخلص منه بمؤامرة حاكتها أبريل جلاسبي السفيرة الأمريكيه في بغداد والتي مهدت لصدام حسين فكرة غزو الكويت للمطالبة بحقول النفظ المتنازع عليها، وفي تصريحات عراقية واضحة بعد غزو الكويت أعلن العراق أن الولايات المتحدة أبلغته بعدم معارضتها لأي عمل عسكري عراقي ضد الكويت، ووقع العراق في الفخ. منتشيا بالتقارير الزائفة هو قدراته العسكرية المبالغ فيها وهو ما اعترف به وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول في حديث تلفزيوني بأن تلك التقارير كانت ملفقة لتعزيز الغرور لدي صدام ، مثل التقارير الملفقه حول البرنامج النووي العراقي الذي برر لأمريكا غزو العراق عام 2003.

وبعد ظهور الإنترنت كوسيلة أعلامية تدخل كل بيت وكل عقل بدون أستئذان، بدأت تلك التقارير تتحول من تقارير إعلامية إلي تقارير تحمل صفة أو شبهة مخابراتية تجعل المتلقي يصدق التقرير ويوافق علي كل ما فيه (90% منه يكون صحيحا كأرقام دلالية فقط).

وما تم ملاحظته خلال الفترة الأخيرة.

بدأت تلك التقارير تعزز من موقف مصر العسكري خلال السنوات الخمس الماضية وصعد ترتيب مصر الدولي خلال تلك الفترة بناء علي صفقات السلاح التي تم أبرامها ورغم أن عدد كبير من تلك الصفقات لم يصبح داخل القوات المسلحة المصرية فعلا – لوجودة تحت الإستلام والتدريب – فأن تلك التقارير تظهر قدرات مصر العسكرية بشكل مبالغ فيه.

ففي أحد التقارير المنشورة في عام 2017 – نشرت أن مصر في المركز الثالث عشر في حين أن كوريا الشمالية في المركز الخامس والثلاثون ، رغم الفارق الكبير لصالح كوريا الشمالية في القدرات الغير تقليدية التي يتغاضي عنها التقرير .

وفي نفس التقرير يوضح مركز إيران في الدول المتقدمة عسكريا رغم أن جميع المعلومات العسكرية المنشورة عالميا تتحدث أن القوة المسلحة الإيرانية صدفة جوفاء وأن التقارير الصادرة من أيران بخصوص تصنيع مدرعات وطائرات وصواريخ وغواصات هي تقارير وهمية لأسلحة لم ولن تدخل نطاق التصنيع الفعلي، تشابه محاولات مصر في السيتنيات في عمل برنامج صواريخ وبرنامج صناعة طائرات وتم اجهاضه بفعل فاعل.

المحصلة:

تقارير ترتيب جيوش العالم هو تقرير غير واقعي وغير مهني يعتمد علي أرقام أغلبها صحيح لكنها تترجم بشكل خاطئ لإيصال رسائل معنوية وحرب نفسية موجهة ضد الشعب والجيش المصري بهدف زرع ثقة زائدة قد تصل لدرجة الغرور في نفوس الشعب والجيش المصري، وهذا ليس تقليلا من حجم وقدرات الجيش المصري الحقيقية لكنها محاولة منا لوضع الأمور في نصابها.

فقد هُزمت مصر في 67 بعد أن أصابنا وأعمانا الغرور وظننا أن بمقدرونا أن نلقي بإسرائيل في البحر، وتكررت نفس التجربة مع أسرائيل عندما صدقوا أنهم الجيش الذي لا يقهر وأن بأمكانهم غزو القطب الشمالي فكانت هزيمتهم في 73.

وهو ما حدث مع الجيش العراقي في 1991 – عندما بدأت عاصفة الصحراء وتم القضاء علي الجيش العراقي السادس علي العالم كما أشاعوا وقتها. أن تلك التقارير هي وسيلة لزرع الثقة الزائدة في نفوس الضباط والقادة المصريين وبالطبع الشعب المصري نفسة بهدف إضعاف الجيش تمهيدا لما هو قادم.

فمن المعروف أن أي جيش عندما يصاب بالثقه الزائدة يبدأ في تقليل حجم التدريب والاستعداد القتالي وهذا ما يرغب فية أعداء مصر دائما. أن نغمض العين ولو لثانية واحدة لكي نتلقي ضربة مثل ضربة 67 مرة أخري لإخضاع مصر فما يتم في مصر 2014 – 2017 هو نفس ما قام به محمد علي في محاولتة لبناء جيش مصر قوي قبل ان تتكالب علية القوه الاستعمارية في وقتها، وهو نفس ما حاوله جمال عبد الناصر مع بداية الخمسينات وتعرض لمحاولة إسقاط في حرب 56 وفشلت وفي 67 ونجحت، وتوقف بعدها عجلة التصنيع العسكري المصري بصورة كاملة بناء علي ضغط سوفيتي.

إن المتابع لأوضاع الجيش المصري لمن حقة أن يشعر بالعزة والفخر أن لدينا جيشا قويا ذو كفاءة قتالية عالية بفضل من الله وبفضل العرق والتدريب المستمر ، وهذا الجيش كان وسيظل وسيكون دائما هدفا لأعداء مصر المعروفين والمجهولين والمتخفين في صورة أصدقاء وأشقاء.

ودعونا نتذكر ما قاله ريتشارد نورمان بيرل وهو سياسي يهودي أمريكي يعد أحد أقطاب المحافظين الجدد الذين برزوا خلال إدارة جورج دبليو بوش وأحد أعمدة "تيار الصقور" في تلك الإدارة.

كان أحد أهم منظري السياسة الأمريكية العدائية للعرب ومن أبرز من دعوا لاحتلال العراق. سيكون العراق هو الهدف التكتيكي للحملة، وستكون المملكة العربية السعودية هي الهدف الإستراتيجي ، أما مصر فستكون الجائزة الكبرى‪.‬

‫لذلك يجب أن نتدرب ونستعد دائما لمواجهة حربا قادمة مع جيوش أكثر تقدما وبطرق أكثر مهارة والا نبالغ في قدرات جيشنا الذي استطاع ويستطيع دائما أن يعيد كرة حرب أكتوبر 1973 بالايمان والتدريب المستمر والكفاءه القتالية العالية دائما.‬

‫المصدر: الموقع الرسمى لـ ‬"المجموعة 73 مؤرخين" * كاتب التحليل هو أحمد زايد مؤسس "المجموعة 73 مؤرخين"

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2