إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: اتفرج يا سلام!

إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: اتفرج يا سلام!إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: اتفرج يا سلام!

* عاجل2-9-2020 | 14:15

كأننا أمام مشهد كوميدى فى مسرحية عبثية!.. رئيس جمهورية يصدر قرارًا بإقالة وزير داخليته.. فيتدخل رئيس جمهورية آخر ويعطى تعليمات لرئيس الجمهورية الأول بعدم إقالة الوزير والاكتفاء بإيقافه والتحقيق معه (!!!) ينصاع رئيس الجمهورية الأول لتعليمات رئيس الجمهورية الآخر ويعلن تراجعه فى قرار الإقالة.. والاكتفاء بإيقاف الوزير والتحقيق معه.. يعود وزير الداخلية من الخارج ويتجه إلى مسقط رأسه ومنها إلى العاصمة.. لكنه لا يذهب منفردًا وإنما يتحرك وسط 300 عربة تحمل أنصاره المسلحين (!!!) وعندما يصل إلى العاصمة ويدخل مكتبه.. يخاف كل المسلحين الآخرين الموجودين فى العاصمة فيغيبون عن المشهد.. ويصل المشهد إلى ذروته عندما يعلن رئيس الجمهورية أنه سيحقق بنفسه مع وزير الداخلية.. فى غرفة مغلقة بحيث لا يحضر أحد التحقيق إلا رئيس الجمهورية والوزير!.. الأغرب والأعجب أن الوزير يرفض هذا التحقيق "الودى" ويتحدى رئيس الجمهورية فيعلن أنه لن يمتثل إلا لتحقيق علنى!.. أى رئيس جمهورية هذا وأى وزير.. أى دولة وأى حكومة.. أى بلد؟!.. للأسف هذا المشهد الكوميدى العبثى الذى لا يمكن أن تجد له مثيلا حتى فى بلاد الواق الواق.. هو ما يحدث فى ليبيا الآن!.. الحكاية بدأت بمظاهرات غضب عَبّر خلالها أبناء العاصمة طرابلس عن رفضهم لأداء حكومة الوفاق التى يرأسها السراج. تتدخل الميليشيات المؤيدة للسراج فتواجه المتظاهرين وتطلق عليهم الرصاص الحى.. يعلن وزير الداخلية فتحى باشاغا رفضه لانتهاج سياسة العنف مع المتظاهرين.. ويطلق تصريحات تتحدث عن استعداده واستعداد العاملين فى وزارته لحماية المتظاهرين.. يغضب السراج من تصريحات وزير داخليته فيعلن إقالته.. وفور صدور قرار الإقالة يسافر وزير الداخلية إلى تركيا لكى يشكو السراج للرئيس التركى أردوغان!.. يتصل أردوغان بالسراج ويطالبه بتعديل القرار.. ويمتثل السراج فيصدر قرارًا بتعديل قراره من إقالة إلى إيقاف عن العمل وإجراء تحقيق.. وتجرى كل هذه الأحداث وسط أجواء مأساوية.. كهرباء ومياه مقطوعة.. خدمات منعدمة.. ميليشيات تحارب بعضها وتتصارع.. مستوى معيشة متدنى لا يتناسب مع ثروة ليبيا النفطية.. وفوق ذلك كله احتلال تركى ينهب أموال الشعب ويسرق ثرواته.. هكذا أصبحت ليبيا الآن.. اتفرج يا سلام!.. مشهد آخر من مسرحية أخرى لا تعرف إن كانت مسرحية كوميدية أو تراجيدية؟! مجموعة من القبائل والعشائر.. كل منها له جيشه الخاص.. ميليشياته كما يطلقون على هذه الجيوش القطاع خاص.. إن صح التعبير.. وطبعا لأن لكل قبيلة شيخ ولكل عشيرة توجه فإن النتيجة هى احتدام الصراع والفرقة بين ميليشيات هذه العشائر.. الصراع يصل فى أحيان كثيرة إلى حد الاقتتال بكافة أنواع الأسلحة.. فى العام الماضى وحده دفع أكثر من 113 شخصا أرواحهم وأصيب 440 آخرين نتيجة صراعات وحروب العشائر، والمؤلم أن القتلى والجرحى لم يكونوا فقط من بين أفراد الميليشيات المتصارعة وإنما معظمهم من المارة الذين تصادف وجودهم فى لحظات الاشتباك.. وتحاول دولة أخرى أن تتحكم فى صراع هذه القبائل والعشائر وهى تفعل ذلك لكى تتحول المنطقة التى تعيش فيها هذه العشائر والقبائل إلى منطقة تابعة لها.. فكريًا وسياسيًا ودينيًا.. وتستخدم هذه الدولة أسلوبًا غريبًا فى تأجيج الصراع بين القبائل والعشائر.. وذلك يخلق منافسة قوية فيما بينها على الإتجار فى السلاح والمخدرات وأحيانا.. البشر!.. وبالطبع لا تتوقف الفوضى التى صنعتها ميليشيات القبائل والعشائر عند حدود الإقليم الذى تتواجد فيه ولكنها تحاول أحيانا بتعليمات من الدولة الأجنبية أن تفرض سيطرتها فى أماكن أخرى من بلدها.. هكذا وصل الحال بالعراق.. ميليشيات العشائر تسيطر على المحافظات الجنوبية القريبة من إيران.. وهى تتصارع وتتنافس من أجل المال والسلطة ومن أجل أن تظل تبعيتها لإيران!.. الوضع الأمنى أصبح مترديًا بشكل فظيع ولم تعد حكومة العراق قادرة على فرض سلطتها وتأكيد سيادتها على كامل الأرض العراقية. أضف إلى ذلك كله أن الأراضى العراقية أصبحت مستباحة سواء من الأتراك أو الإيرانيين، كما أن العراق تحول إلى ميدان ضرب نار بين أمريكا وإيران!.. وتُعبِّر المأساة عن نفسها من خلال تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذى يؤكد أن العراق يعد أحد الدول التى تضم أكبر عدد من المفقودين أو المختفين قسريا.. يكفى أن تعرف أن هناك ألف مفقود أو مختفى قسريا من منطقة واحدة هى منطقة الأنبار!.. ومن أجل كل هذه الفوضى يدعو رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمى كل الميليشيات المسلحة لتسليم أسلحتها للجيش.. محذرًا.. إما أن نكون دولة أو لا نكون.. هل ينجح الكاظمى فى مهمته الصعبة؟.. أتمنى.. لكنى أعرف أن ذلك مستحيلا.. كان الله فى عون العراق!.. وهكذا أصبحت العراق الآن.. اتفرج يا سلام!.. مشهد ثالث لا تجد فيه أثر للكوميديا ولكنه غارق فى المأساوية.. كل بلاد العالم لها جيش واحد.. أحيانًا تكون هناك ميليشيات مسلحة.. لكن البلد الذى أتحدث عنه هو البلد الوحيد فى العالم الذى له جيشان.. الأمر لا يحتاج إلى غموض فهذا البلد هو لبنان والجيشان هم الجيش اللبنانى وجيش حزب الله.. أحيانا يقرر جيش حزب الله أن يطلق رصاصة أو دانة مدفع أو حتى صاروخ على إسرائيل.. فيفعل ذلك دون أى تنسيق مع الجيش الرسمى.. وترد إسرائيل.. ويدفع الثمن الجيش اللبنانى والشعب اللبنانى.. ويدخل جيش حزب الله فى صراع مع القوى الأخرى ويصل الأمر إلى حد قيام هذا الجيش البديل باغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريرى.. وتتسع سيطرة جيش حزب الله على لبنان فيسيطر على ميناء بيروت ويخزن فى مخازنه مواد شديدة الانفجار.. تنفجر فتحول بيروت كلها إلى "خرابة"!.. ووسط المأساة التى تهدد نصف اللبنانيين بالحرمان من الغذاء.. تندلع المظاهرات الغاضبة وتتردد هتافات ضد جيش حزب الله.. ويرد أنصار حزب الله ويتوعدون من يهاجم الحزب.. وتنبئ كل المؤشرات بأن لبنان قريبة من الوصول إلى حرب أهلية.. وهكذا أصبحت لبنان الآن.. اتفرج يا سلام!.. اتفرج ليس بقصد التسلية ولا من أجل إضاعة الوقت وإنما لكى تعرف كيف تحمد الله وتشكره على نعمة وجود الجيش المصرى.. وتدعو بالتوفيق للرجل الذى أخذ على عاتقه مسئولية حماية مصر من أن تصبح "فرجة"!..
    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2